تحتضن رنا صلاح من سكان غزة ابنتها ميلانا، التي ولدت قبل شهر واحد بين ذراعيها في خيمة، أجواؤها خانقة، يتكدس فيها نازحون، وتتحدث عن الشعور بالذنب، الذي ينتابها لإنجابها صغيرتها وسط الحرب والمعاناة.

تقول رنا من مخيم في دير البلح وسط قطاع غزة «لو كان الأمر بيدي لما حملت أو خلفت في الحرب، لأن الحياة مختلفة تماماً، لم نعش هذه الحياة قبل ذلك».

وتشكو قائلة «أنجبت مرتين قبل ذلك، وكانت الحياة أفضل وأسهل بالنسبة لي وللطفل. الآن أشعر وكأنني ظلمت نفسي والطفلة، لأننا نستحق أن نعيش حياة أفضل من هذا».

ولدت ميلانا في خيمة مستشفى بعد إجراء عملية قيصرية لوالدتها، بسبب مضاعفات حمل عانت منها. لم تتمكن الأسرة من العودة إلى المنزل بسبب الصراع لتنتقل من خيمة إلى أخرى مع استمرار النزوح.

ميلانا واحدة من حوالي 20 ألف طفل ولدوا في غزة على مدى العام المنصرم، وفقاً لإحصاءات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف).

وقتلت الضربات الجوية، وقصف المدفعية الإسرائيلية ما يربو على 41500 فلسطيني، بحسب وزارة الصحة في غزة، كما تحول جزء كبير من الجيب الفلسطيني إلى أنقاض، ونزح معظم سكانه البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة من منازلهم.

خطر العدوى

تحاول رنا ترطيب رضيعتها بقطعة كارتون مقوى، مشيرة إلى أن الحرارة تضر بجلدها. وتقول «بدل ما نرجع على بيوتنا نتنقل من خيمة للتانية.. والأمراض منتشرة والميه ملوثة».

وتحذر منظمة الصحة العالمية من أن خدمات ما بعد الولادة تراجعت بشكل كبير في غزة، وبالتالي فإن النساء اللاتي يعانين من مضاعفات لا يحصلن بشكل كافٍ على الرعاية اللازمة لهن ولأطفالهن.

وقال ريك برينان، مدير برنامج الطوارئ بالمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة لشرق المتوسط، إن سوء التغذية يشكل تهديداً لحديثي الولادة وخاصة إذا كانت أمهاتهم غير قادرات على الرضاعة الطبيعية في وقت لا تتوفر فيه إمكانية الحصول على بدائل للبن الأم.

وأضاف أن النزوح والتنقل المستمر يضران بحديثي الولادة ويعرضانهم لمخاطر العدوى.

تقيم منار أبو جراد في ملجأ كان في السابق مدرسة، تديره وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). ولدت ابنتها الصغرى سحر في الرابع من سبتمبر، أيضاً بعملية قيصرية، وقُتل زوجها في الحرب.

عملية قيصرية

عندما علمت بأنها بحاجة إلى عملية قيصرية للولادة غمرها القلق حيال كيفية رعاية طفلاتها الأخريات.

وتقول «عندي ثلاث بنات. صرخت... كيف أقدر أحمل الماء؟ كيف أقدر أحمم بناتي؟ كيف أقدر أساعدهن وزوجي مش معي، استشهد».

تداعب الفتيات الرضيعة سحر الملفوفة في سرير بجوار الأم منار، التي تقول «وصلت لمرحلة لا أقدر فيها تحمل مسؤولية هذه البنت... الحمد لله لقيت بعض المساعدة هنا».

وأوضحت أنها اقترضت ما تستطيع من الأسرة وتستخدم حفاضة واحدة يومياً للرضيعة لأنها لا تستطيع تحمل تكلفة المزيد. وأوضحت «ما معي مصاري لأشتري الحفاضات أو الحليب لها».

تتوق منار لأن تضع الحرب أوزارها حتى تعود إلى منزلها، حتى لو كان مجرد خيمة بجوار أنقاض بيتها.

وأضافت «المهم هو العودة إلى بيوتنا، بيكفي تعب، بيكفي حمل الماء، بيكفي الأوساخ في الحمامات. الأمر صعب كتير ومتعب جداً لنا. الأمراض منتشرة في كل مكان».