لم يتح لإسرائيل تطبيق عقيدة قتالية ابتكرت لها اسماً في عام 2006، إلا في الحرب الحالية المندلعة في غزة ولبنان حيث تخوض القوات الإسرائيلية حرباً عنيفة أسفرت عن نزوح مئات الآلاف وتدمير لمظاهر الحياة في قرى ومدن عديدة.

في عام 2006، ظهر مصطلح "عقيدة الضاحية"، وهو أسلوب تدميري للحرب، يعتبر فيه المدني شريكاً للميليشيا المسلحة في أي مكان تقاتل فيه إسرائيل.

صاحب "عقيدة الضاحية" هو غادي أيزنكوت، رئيس أركان حرب الجيش الاسرائيلي في العام 2006، والهدف منها سحق الخصم وتدمير بيئته التحتية والأهلية تدميراً كاملاً.

قال غادي أيزنكوت في ذلك الحين "إن ما حدث في الضاحية الجنوبية لبيروت (في حرب 2006) سيتكرر في كل بلدة تطلق منها النيران باتجاه إسرائيل.. سنستخدم القوة غير المتكافئة ضدهم، وسنتسبب في دمار هائل، بالنسبة إلينا هذا ليس اقتراحاً بل قواعد عسكرية وخطة تمت الموافقة عليها".

ترتكز استراتيجية "عقيدة الضاحية" على مبدأين أساسيين، هما: تفعيل القوة النارية الإسرائيلية بصورة غير متكافئة، والتدمير الكامل للبنى التحتية للقرى والبلدات التي توجد فيها القوى المناوئة للجيش الإسرائيلي، بهدف فصل هذه القوى عن حاضنتها الشعبية.

طبق الجيش الاسرائيلي عقيدة الضحية جزئياً في عملية "الرصاص المصبوب"، التي استمرت نحو 23 يوماً.

في غزة طبقت إسرائيل بشكل كامل استراتيجة الضاحية منذ هجوم 7 أكتوبر 2023، فأوقعت خسائر بشرية ومادية كبيرة.

وكان من النتائج التي خلفتها الحرب على كافة الأصعدة مقتل 42 ألف شخص وأكثر من 97 ألف مصاب معظمهم من الأطفال والنساء، فيما أعلنت منظمة الصحة العالمية أن النزاع أدى خلال عام إلى مقتل 6% من إجمالي سكان القطاع أو إصابتهم.

وخلال الأسابيع الأخيرة بدأت إسرائيل في تطبيق عقيدتها العسكرية على ضاحية لبنان الجنوبية، عن طريق التدمير الممنهج لبنية حزب الله العسكرية عبر قصف جوي غير مسبوق، خلف دماراً هائلاً في بنية الحزب وكذلك السكان المجاورين لقواعد حزب الله.

ووجه نتنياهو في خطاب عبر الفيديو تحذيراً إلى الشعب اللبناني من مصير فلسطين قائلاً: "لديكم فرصة لإنقاذ لبنان قبل أن يقع في هاوية حرب طويلة الأمد ستؤدي إلى دمار ومعاناة أشبه بما نشهده في غزة".