أسدل الستار أمس الخميس على أزمة مصرف ليبيا المركزي بالتوقيع على اتفاق بين ممثلي مجلسي النواب والدولة خلال حفل احتضنه مقر بعثة الأمم المتحدة بالعاصمة طرابلس.

وأكدت البعثة الأممية أن ممثلي المجلسين توصلا إلى تسوية بشأن تعيين قيادة جديدة لمصرف ليبيا المركزي، واتفقا على الإجراءات والمعايير والجداول الزمنية لتعيين محافظ ونائب محافظ ومجلس إدارة لمصرف ليبيا المركزي، وأشارت إلى أن الاتفاق جاء وفقاً لأحكام الاتفاق السياسي الليبي.

وينص الاتفاق على ترشيح ناجي عيسى لمنصب محافظ مؤقت لمصرف ليبيا المركزي، ومرعي البرعصي لمنصب نائب المحافظ، وعلى أن تعيين المرشحين لمنصب المحافظ ونائبه عبر التشاور بين مجلس النواب ومجلس الدولة، وذلك وفقاً لأحكام الاتفاق السياسي الليبي. ويتوقع الانتهاء من هذه الإجراءات في غضون أسبوع من توقيع الاتفاق.

وسيتولى محافظ البنك المركزي ونائبه مهامهما خلال أسبوعين من تاريخ تسلمهما المنصب رسمياً، كما سيتم التشاور لتعيين مجلس إدارة جديد من المختصين وذوي النزاهة والكفاءة في مجالات القانون، التمويل، التسويق المالي، المصرفي، والاقتصادي، وفقاً للتشريعات الليبية السارية.

ويتميز المحافظ الجديد بتجربة طويلة في مصرف ليبيا المركزي تصل إلى 30 عاماً تولى خلالها العديد من المناصب آخرها مدير إدارتي الرقابة على النقد والدراسات والبحوث في المصرف المركزي.

وجاء الاتفاق، لينهي مرحلة الصراع التي أدت إلى إغلاق أهم المنشآت النفطية، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، وإلى تفاقم الأزمة المعيشية في البلاد، نتيجة قرار المجلس الرئاسي الصادر في 19 أغسطس الماضي، والقاضي بإقالة محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير وتعيين محافظ ومجلس إدارة جديدين من دون اتفاق مرجعي مع مجلس النواب.

وكشف النائب الثاني لرئيس مجلس النواب مصباح دومة أن هذا الاتفاق سيعرض في الجلسة القادمة لمجلس النواب لاعتماده وإنهاء هذه الأزمة التي هددت قوت الليبيين حسب قوله.

وبحسب مصادر مطلعة، فإن البرلمان سيعقد جلسة عامة الثلاثاء القادم في مدينة بنغازي للتصويت على الاتفاق، بعد أن يقدم ممثل المجلس في المشاورات عبد المنعم العرفي تقريراً وافياً عن الاتفاق والظروف التي تم فيها التوصل إليه.

ورحب نائب المجلس الرئاسي الليبي، موسى الكوني، بالاتفاق الذي توصل إليه ممثلو مجلسي النواب والدولة، وشدد على أن هذا الاتفاق يعد خطوة مهمة نحو الحفاظ على وحدة المصرف وضمان سير عمله بانسيابية ومهنية، مما يسهم في استقرار الوضع الاقتصادي في البلاد، معتبراً أن هذا التفاهم من شأنه أن يسهم في كسر حالة الجمود السياسي وتعزيز التوافق بين المجلسين، وذلك وفقاً للاتفاق السياسي الذي يمهد الطريق نحو الانتخابات المقبلة.

ورغم هذا التصريح، إلا أن المجلس الرئاسي، اعترض في رسالة من ممثله بالمشاورات التي رعتها الأمم المتحدة زياد دغيم على اتفاق مجلسي النواب والدولة بشأن تسمية مجلس إدارة جديد للمركزي.

واعتبر دغيم أن اختصاص تعيين مجلس إدارة للمركزي اختصاص أصيل للرئاسي وفق الاتفاق السياسي، وأضاف: «ندعم توافق المجلسين على ترشيح محافظ جديد على أن يتم انتخابه وفق الاتفاق السياسي في جلسة علنية شفافة»، مشدداً على ضرورة إصدار تشريع برلماني أو قانون بالتوافق مع الرئاسي يحدد ماهية كبار الموظفين لحل الأزمة بشكل نهائي.

وطالب دغيم بتقديم مشروع قانون للميزانية من السلطة التنفيذية بالتشاور مع مجلس الدولة قبل تقديم مشروع القانون، وبإقرار مجلس النواب لقانون الميزانية بالنصاب الموصوف وفق التعديل السادس للإعلان الدستوري.

ودعا البعثة لإيجاد آلية حوار تضمن الالتزام بالاتفاق السياسي في الوصول لقانون ميزانية موحد أو الاتفاق على ترتيبات مالية مؤقتة، مؤكداً أن الرئاسي منفتح على ما جاء في بيان البعثة ومستعد لحوار مباشر برعايتها مع النواب لمعالجة كافة القرارات الأحادية ذات الصلة بالأزمة المالية والاقتصادية.

وبحسب المراقبين، فإن حلحلة أزمة المصرف المركزي ستسهم في تجاوز الأوضاع المالية والاقتصادية الصعبة التي تعرفها البلاد، كما تمنح البعثة الأممية مساحة مهمة للتحرك من أجل البحث في إمكانية التوافق على حل بقية الملفات العالقة بما فيها ملف الانقسام.