ما أن نجحت ليبيا في حل أزمة مصرفها المركزي، حتى وجدت نفسها أمام أزمة جديدة تتعلق بالمجلس الأعلى للدولة الذي دخل مرحلة الانقسام على ذاته نتيجة الصراع بين الشخصيتين الأبرز فيه، والذي تدعي كل منهما أحقيتها برئاسته للولاية الحالية التي انطلقت منذ أوائل أغسطس الماضي.

وأعلن رئيس المجلس المنتخب خالد المشري أن حساباته على منصات التواصل الاجتماعي (فيسبوك وموقع X) تعرضت لمحاولة اختراق تقودها جهات ممولة وموالية لأطراف محددة، معتبراً أن هذه المحاولة تأتي في إطار ممارسات استفزازية وغير قانونية ضمن حملات التضييق الممنهجة التي تهدف إلى الاستبداد بالقرار، وفق تقديره.

وأكد المشري أن فريقاً تقنياً تمكن من استعادة الحسابات في زمن قياسي، مشيراً إلى أنه يحتفظ بحقه القانوني في مقاضاة كل الجهات التي أمرت أو نفذت هذه العمليات غير القانونية، والتي تعد جريمة بموجب القوانين والتشريعات الليبية النافذة.

وبحسب مراقبين، فإن استمرار الأزمة في المجلس تحول دون التوصل إلى توافقات مع مجلس النواب حول جملة الملفات المطروحة للتشاور والنقاش بينهما وفق ما كان قد نص عليه الاتفاق السياسي المبرم في ديسمبر 2017.

جدل قانوني

وبينما أكدت تقارير محلية أنه يسعى إلى نقل مقر انعقاد المجلس إلى مدينة الزاوية الواقعة 50 كلم إلى الغرب من العاصمة، قدم المشري - بصفته رئيس المجلس وممثله القانوني - استشكالاً في الحكم الصادر عن محكمة استئناف جنوب طرابلس المرفوع من الرئيس المنتهية ولايته محمد تكالة فور إيداع الأسباب، متهماً منافسه بانتحال صفة رئيس المجلس، وبأنه «يمارس هو وداعموه طيلة المدة الماضية كل أشكال التعسف ضد أعضاء المجلس، وذلك بإسقاط عضوية بعضهم ومنحها لمن لا يستحقها، والحيلولة دون انعقاد المجلس».



وفي 25 سبتمبر الماضي، أصدرت محكمة استئناف جنوب طرابلس حكماً لصالح محمد تكالة، ضد خالد المشري (في الشق المستعجل) بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه المتعلق بجلسة انتخاب رئيس مجلس الدولة والورقة الجدلية، وهو ما جعل بعض القوى الفاعلة في طرابلس تعمل على سحب البساط من تحت أقدام المشري وتكالة معاً والاتجاه نحو انتخاب رئيس جديد بما ينهي معركة الصراع على الزعامة.



وكانت البعثة الأممية اعتبرت أن الصراع على رئاسة مجلس الدولة «مسألة داخلية يتعين على المجلس حلها»، ودعت جميع الأطراف إلى «التحلي بروح المسؤولية للتوصل إلى حل، وإنهاء هذه الأزمة في أقرب وقت ممكن». مشيرة إلى أنه «يتوجب على الأطراف المعنية أن تسعى جاهدة للحفاظ على وحدة وتماسك المجلس، وأن تضع مصلحة ليبيا في المقام الأول».

وبحسب أغلب المراقبين، فإن أزمة مجلس الدولة من شأنها تعطيل المسار السياسي، حيث تحاول بعض الأطراف الأساسية استعمالها لتأجيل أي مبادرة للحل باعتبار المجلس من القوى الفاعلة في إطار التوازنات السياسية بالبلاد، إلى جانب مجلس النواب الذي يتخذ من مدينة بنغازي مقراً له.