استمر الجمود السياسي في ليبيا لفترة طويلة، ولا نتائج ملموسة لكل الجهود الهادفة لنقل البلاد نحو استقرار دائم، بعد سنوات من الانقسامات الحادة التي عصفت بليبيا وأثرت في مختلف جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ما عمق من الأزمات وزاد من معاناة شعبها.

ورغم المحاولات المتكررة لحل الأزمة عبر مبادرات محلية ودولية، لا يزال الطريق نحو الاستقرار يبدو ضبابياً، ويستدعي إرادة سياسية جادة وتوافقاً فعلياً بين الأطراف كافة لإنهاء حالة الركود وإعادة بناء المؤسسات، وعلى رأسها الجيش الوطني الموحد.

تنقل وكالة سبوتنيك الروسية عن الخبير في الشؤون السياسية والاستراتيجية، محمود الرملي، أن المشهد السياسي في ليبيا يعاني من غموض شديد نتيجة للأجسام السياسية التي ظلت قائمة لفترة طويلة دون أن تحقق تقدماً يذكر في معالجة الملف الليبي.

وأشار إلى أن بعثة الأمم المتحدة، على الرغم من وجودها، قد أسهمت في تفاقم المشكلة بدلاً من حلها، حيث تكتفي بإدارة الأزمة دون اتخاذ خطوات عملية نحو حل حقيقي، معتمدين على التمديد وتغيير المبعوثين بدلاً من وضع وتنفيذ خريطة طريق واضحة.

وأضاف أن «التدخلات الدولية والصراعات بين القوى الكبرى زادت تعقيد الأزمة، خصوصاً مع سعي الولايات المتحدة والدول الغربية إلى احتكار إدارة الملف الليبي، متجاهلين قدرة الليبيين على قيادة أمورهم نحو حل».

محاور الأزمة

من جانبه، قال المحلل السياسي، حسام الدين العبدلي، إن الأزمة الليبية تتشكل حالياً من ثلاثة محاور أساسية؛ السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي. وأضاف أن الانقسام لا يقتصر على الساحة الداخلية، بل يمتد أيضاً إلى الساحة الدولية، حيث لم تتوصل القوى الخارجية، وبخاصة روسيا والصين، إلى توافق حول تعيين مبعوث أممي جديد. وفيما يخص الوضع الاجتماعي، أضاف العبدلي أن الأمور تسير بشكل جيد، مبيناً أن جوهر المشكلة يكمن في الساسة، وأشار إلى احتمال أن تقود ستيفاني خوري، المبعوثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة، حواراً سياسياً يفضي إلى تشكيل حكومة جديدة يكون هدفها الأساسي الوصول إلى الانتخابات، مع نية المجلس الرئاسي إجراء استفتاء بقيادة مفوضية الاستفتاء والاستعلام التي أُسست حديثاً.

أزمة الجمود

ويرى المحلل السياسي محمد امطيريد أن الجمود السياسي في ليبيا يعود أساساً إلى الخلافات داخل مجلس الأمن، مشيراً إلى أن البعثة الأممية تجد صعوبة في العمل بشكل فعال خلال فترة التمديد التي لا تتجاوز ثلاثة أشهر، ما يعيق جهودها.

وأشار إلى أن الجمود السياسي الراهن يعكس تعقيدات المشهد الليبي، خاصة مع تمديد مهمة البعثة الأممية لثلاثة أشهر فقط، وهو ما يعكس حالة الصراع داخل مجلس الأمن. وشدد على أهمية وحدة الليبيين لحل مشكلاتهم بعيداً عن التدخلات الخارجية، محذراً من أن استمرار الخلافات سيجعل الحل بعيد المنال.