خلف غبار الحرب الأعنف على قطاع غزة، والمصحوبة باهتزاز وقف إطلاق النار على جبهة لبنان، وتقلبات دراماتيكية في الإقليم، ثمة نوافذ دبلوماسية تفتح، على أمل تحقيق اختراق سياسي، ينهي التوترات في المنطقة، وإن بدا المشهد محفوفاً بما ينذر بانفجار أوسع.

عودة جهود الوساطة السياسية في الدوحة، سبقتها لقاءات فلسطينية في القاهرة، وتهديدات شديدة اللهجة أطلقها الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، قبل دخول البيت الأبيض، لجهة إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين قبل 20 يناير المقبل، موعد تنصيبه، وإلا فالعاقبة «الجحيم» وفق قوله.

هكذا تبدو المنازلة السياسية، ككاسحة ألغام، محاولة إخماد الحريق في غزة وإنقاذ هدنة لبنان. لكن طالما أن دخان الحرب ما زال ينبعث في غزة، ووقف النار يترنح بلبنان، فكل الطرق ستؤدي إلى استنتاج واحد «الحرب لم تنتهِ بعد».

ما يزيد المشهد تعقيداً، أن المسارات السياسية تأتي في مجملها تحت النار، فالمشهد في غزة ما زال مشتعلاً، فيما لبنان تطوقه فتائل الحرب، ويحاذر العودة إلى ما قبل 27 نوفمبر، عندما دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.

لا مرونة

وفق مراقبين، لا تبدي إسرائيل بعد مرور 14 شهراً على الحرب في غزة، أي رغبة للذهاب إلى صفقة تبادل للأسرى ووقف الحرب، وليس أدل على ذلك من مواصلة عمليات الإبادة وتهجير السكان وإقامة المناطق العازلة في غزة، والتخطيط لإقامة مستوطنات جديدة على حدود القطاع، وأكثر من ذلك السعي لإقامة حكم عسكري هناك.

يقول الباحث والمحلل السياسي رائد عبد الله، إنه في ظل التعثر الذي لازم مفاوضات التهدئة في الجولات السابقة، لم يعد أحد يصدق الأنباء الواردة من الفريق الأمريكي بإحراز تقدم في هذا الملف، رغم وجود ما يؤشر على ذلك أحياناً، لكن طالما أن وقف الحرب بشكل كامل وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، ستكون آخر النقاط التي ينتظر الاتفاق بشأنها، ستظل الأوضاع على الأرض تراوح مكانها.

تسوية معقولة

ويضيف لـ«البيان»: «تحاول الأطراف الراعية، قطر ومصر وأمريكا، التوصل لتسوية معقولة، لكن هذا لن يتم من دون أن يكون كل طرف قد اطمأن على موقفه، ومما بدا من بعض التفاصيل، نلحظ أن الخلاف على موضوع الانسحاب من غزة هو الأكثر حدة، فإسرائيل تريد تسوية على طريقتها، في حين حركة حماس ما زالت تعتقد أن مرور الوقت يعمل لصالحها، وعليه، فالتوصل إلى اتفاق يوقف الحرب يحتاج إلى نضج أكثر في المواقف».

وفيما دخلت حرب غزة شهرها الخامس عشر، لم يكن الحال مبشراً عند الغزيين بقرب وقفها، إذ لا يبدو أنهم سيتخطون عتبات مآسٍ جديدة تحملها الحرب الدائرة، بل إن المؤشرات المتوارية خلف نيران المدافع وقذائف الطائرات وأنات الضحايا، كما هو الحال اليوم في جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، ربما كانت الأسوأ منذ بداية الحرب.

واستناداً إلى مراقبين، ربما يحتاج ماراثون الدبلوماسية لكاسحة ألغام قبل فتح مخرج سياسي، فيما المنطقة تبدو وكأنها تسير على حبل مشدود فوق نار الحرب.