تواصل القوات الإسرائيلية عمليات القصف والقتل في قطاع غزة، وبخاصة في شماله المحاصر والواقع تحت غارات مكثفة تطال المستشفيات ومراكز الإيواء والمنازل والخيام، إلى درجة أن وزارة الصحة في غزة لم يعد لديها أكفان، ولا أماكن فيما تبقى من إمكانات في المستشفيات.

وقال فيليب لازاريني، مفوض عام «الأونروا»، أمس، إن الوضع الإنساني في شمال غزة مروع.

وأضاف عبر منصة إكس «الناس لا ينتظرون سوى الموت وحسب... يشعرون أنهم منسيون، وبفقدان الأمل والوحدة»، داعياً إلى هدنة فورية، حتى لو لبضع ساعات، لتمكين المرور الإنساني الآمن للعائلات، التي ترغب في مغادرة المنطقة، والوصول إلى أماكن أكثر أماناً، وفقاً لما نقلت عنه وكالة «رويترز».

مسؤولو الصحة في غزة يقرعون الجرس بالقول: إن الإمدادات اللازمة لعلاج الجرحى في الشمال «على وشك النفاد». ولفتوا إلى أن جثث العشرات متناثرة على الطرق وتحت الركام، وأن فرق الإنقاذ لا تستطيع الوصول إليها، بسبب استمرار القصف الجوي.

ولعل تصريحات مدير مستشفى كمال عدوان في غزة، حسام أبو صفية، تكشف المشهد الكارثي، إذ يتحدث عن قلة عدد العاملين في المستشفى وعدم وجود مساحة كافية لاستيعاب المصابين، والحل تطبيق نظام المفاضلة. يقول أبو صفية «تركنا منهم من يموت، وتركنا منهم من يعيش».

ويضيف، إن الخدمات الطبية انهارت تماماً «لا توجد وحدات دم أو أنابيب لتصريف النزيف من الصدر، ومعظم الإمدادات الطبية غير متوفرة».

ومضى يقول «طُلب من الأشخاص الموجودين بالقرب من المستشفى الرحيل، وأطلقت النار على الذين تم إجلاؤهم في الطريق... الوضع أكثر من كارثي».

وفي السياق نفسه يقول مدير عام الصحة بغزة، منير البرش: «هناك الكثير من الجرحى استشهدوا أمامنا ولم نستطع تقديم المساعدة لهم». وأضاف من شمال غزة «لا يوجد لدينا أكفان للشهداء، وناشدنا الأهالي بالتبرع بالأقمشة العادية».

طائرات إسرائيلية مسيّرة حلقت فوق الرؤوس مطالبة الفلسطينيين بإخلاء المناطق المحيطة ببلدة بيت لاهيا أقصى شمال غزة، حيث انطلق الهجوم الذي بدأ حول منطقة جباليا القريبة الواقعة باتجاه الجنوب في وقت سابق من الشهر.

خطة الجنرالات

ويقول الفلسطينيون إن إخلاء الشمال جزء من خطة إسرائيلية تسمى «خطة الجنرالات» لتفريغ المنطقة من سكانها، لإنشاء منطقة عازلة تمكن إسرائيل من السيطرة على غزة بعد الحرب، حيث تصبح مكاناً غير قابل للعيش.

ويقول سكان في الشمال إن القوات الإسرائيلية حاصرت المستشفيات والمدارس، وغيرها من الملاجئ التي تؤوي الأسر النازحة، وأمرتهم بالمغادرة والتوجه جنوباً، وفي الوقت نفسه اعتقلت هذه القوات عشرات الفلسطينيين.

تحت القصف وأوامر الإخلاء، التي لا تتوقف، والعابرة لكل مناطق القطاع، يخرج النازحون أحياناً بأجسادهم فقط، بلا أثاث أو متاع أو طعام. بعضهم يحمل جثة ابن أو أب أو أخ قتله القصف، فلا يقوى على مواصلة المسير. يقول أحدهم بعد أن اضطر للتخلي عن جثة ابنه «تركته وحيداً من دون كفن وقبر».