عين غزة اليوم، على القمة العربية الإسلامية المشتركة التي تنعقد في العاصمة السعودية الرياض، والعين الأخرى على البيت الأبيض، في تعويل على وقف الحرب، وتغيير مرتقب في السياسة الأمريكية، لجهة إنهاء الصراعات وإحلال السلام. وغداة أيام وليالٍ مشتعلة، تخطت فيها غزة حاجز الـ400 يوم، يرتكب فيها الجيش الإسرائيلي المجزرة تلو الأخرى، في مسلسل يومي من القتل والتدمير، تترقب غزة محطة سياسية بارزة، تشكل قمة الرياض فصلها الأهم، إذ تبحث حربي غزة ولبنان، وتدفع باتجاه إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، وفقاً لحل الدولتين.

هكذا تتهيأ غزة، في توقيت بالغ الحساسية والتعقيد، مع انسداد في الأفق السياسي، بينما يتأهب الرئيس الأمريكي المنتخب لدخول البيت الأبيض، وفتح نافذة سياسية في جدار الحرب كما وعد، فيما ستحشد المملكة العربية السعودية لتحالف دولي جوهره «حل الدولتين»، ورسم خريطة طريق جديدة تتفق مع عودة ترامب إلى الحلبة السياسية.

آمال معلقة

الفلسطينيون يعلقون آمالاً كبيرة على الدور الذي من الممكن أن تلعبه الرياض في المرحلة المقبلة، بالنظر إلى ثقلها السياسي والاقتصادي عربياً وإقليمياً ودولياً، والانسجام مع توجهات الإدارة الأمريكية الجديدة حيال حل قضايا المنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

يقول القيادي الفلسطيني جبريل الرجوب إن الموقف السعودي سيشكل مفتاحاً مهماً لحل قضايا المنطقة، بالتعاون مع ترامب، لافتاً إلى أن المملكة كانت حددت موقفها حتى قبل عودة ترامب إلى البيت الأبيض، بضرورة حل القضية الفلسطينية، مضيفاً «كأنها أرادت أن تسبق الرئيس المنتخب، وتضع هذا الخط الأحمر أمام إدارته».

ولم يكن عابراً هذا الدخول السعودي المتدحرج على خط إنهاء الحرب في كل من غزة ولبنان، فهو من وجهة نظر مراقبين، يندرج في سياق التوجه لإعادة ترتيب الإقليم، من خلال وقف الحروب بأسرع ما يمكن.

وجلي أن هذا الواقع المتشابك، سيؤخر الحديث عن وقف الحرب قبل قياس مدى التعاطي مع مخرجات قمة الرياض بهذا الخصوص، فغزة التي تجاوزت الـ400 يوم بين الغارات المدمرة، ستعين نفسها على الصبر أياماً أخرى، حتى يتسلم ترامب مقاليد البيت الأبيض، وعليه، تدخل هذه المرحلة تحت شعار «الغريق لا يخشى البلل».

وفيما تنخر شظايا الصواريخ والقذائف جسد غزة، لا تلوح في الأفق أية بوادر لوقف الحرب قبل تخطي ترامب عتبة البيت الأبيض في 20 يناير المقبل، وهذا ما سعى إليه نتانياهو بإطالة أمد الحرب.

التجربة السابقة

ويبقى المطلوب من القيادة الفلسطينية استخلاص العبر من التجربة السابقة مع إدارة ترامب، إذ إنه، برأي أستاذة الدبلوماسية في الجامعة العربية الأمريكية دلال عريقات، لم يخدم أسلوب المقاطعة المصالح الفلسطينية، وعليه فالمطلوب فلسطينياً مراجعة وتقييم النهج الذي يتبناه ترامب من خلال الاعتماد على الصفقات، مشددة على أن بناء التحالفات الدولية أفضل من خلق العداوات في السياسة الخارجية.

ولفتت عريقات إلى أن التعامل الأمني والاقتصادي مع إدارة ترامب بمعزل عن السياسي، لن يقود إلى سلام حقيقي، وهذا يتطلب ألا يقبل الفلسطينيون بحل اقتصادي أو أمني من دون مسار سياسي يضمن الحقوق الفلسطينية، مع الأخذ بالاعتبار التحرك الذي تقوده المملكة العربية السعودية (تحالف حل الدولتين) لضمان تحقيق حلول واقعية.