في تطور لافت يحمل ملامح انفتاح أمريكي على دمشق ما بعد إسقاط نظام الأسد، زار مسؤولون أمريكيون دمشق للقاء السلطات الجديدة وجس نبضها بشأن خطواتها المستقبلية، حيث تمت مناقشة مسألة رفع العقوبات عن الشعب السوري.

وكذلك استبعاد هيئة تحرير الشام من قائمة المنظمات الإرهابية، فيما أعلنت الحكومة السورية عقد اجتماع موسع لإطلاق حوار وطني شامل تحضره كل الهيئات وممثلون عن الشعب السوري ومكوناته.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان إن دبلوماسيين أمريكيين وصلوا إلى سوريا للقاء السلطات السورية الجديدة التي تقودها «هيئة تحرير الشام»، بهدف حضّها على تعزيز وحدتها بعد حرب استمرت 13 سنة. وهذه أول بعثة دبلوماسية رسمية تُرسل إلى دمشق منذ بداية الحرب الأهلية التي اندلعت عام 2011.



وضم الوفد مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليف، ودبلوماسياً متخصصاً في العالم العربي هو دانييل روبنستين بات مسؤولاً عن التواصل مع سوريا وروجر كارستينز، المسؤول عن جمع الأدلة بشأن الأمريكيين المفقودين في سوريا كالصحافي أوستن تايس، الذي خُطف في أغسطس 2012.

وعقد قائد هيئة تحرير الشام أحمد الشرع، أمس، في دمشق «لقاء إيجابياً» مع الوفد الدبلوماسي الأمريكي، وفق ما كشف مصدر من السلطة الجديدة لوكالة «فرانس برس».

وقال المصدر، من دون الكشف عن هويته، بشأن اللقاء: «نعم، صحيح، جرى اللقاء وكان إيجابياً، وستصدر عنه نتائج إيجابية إن شاء الله».

إلغاء

وكانت السفارة الأمريكية في دمشق أعلنت في وقت سابق، أمس، إلغاء المؤتمر الصحفي الذي كان من المقرر أن تعقده ليف «لأسباب أمنية»، وفق ما قالت متحدثة للصحافيين.

وقالت رنا حسن من طاقم السفارة في دمشق: «للأسف.. تم إلغاء المؤتمر الصحفي لأسباب أمنية»، من دون أن تحدد ماهيتها، مشيرة إلى أن إحاطة صحفية افتراضية حول سوريا ستكون عبر منصة «زووم».

وكان ناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية ذكر أن الدبلوماسيين سيلتقون ممثلي «هيئة تحرير الشام»، وهي منظمة تصنّفها واشنطن إرهابية، والمجتمع المدني، لمناقشة «رؤيتهم لمستقبل بلادهم، وكيف يمكن للولايات المتحدة الأمريكية دعمهم».

وأضاف: «إنهم سيتواصلون بشكل مباشر مع الشعب السوري، بمن في ذلك أعضاء من المجتمع المدني، ونشطاء، وأعضاء الجاليات المختلفة، والأصوات السورية الأخرى، حول رؤيتهم لمستقبل بلادهم وكيف يمكن للولايات المتحدة أن تساعد في دعمهم».

وكان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قد أكد، أول من أمس، أن هناك حاجة إلى خطوات ملموسة فعلية لبناء حكومة شاملة غير طائفية في سوريا.

وأضاف بلينكن - في مقابلة بودكاست مع موقع بلومبيرغ - أن واشنطن تريد أن توضح لهيئة تحرير الشام أن الاعتراف يقابله توقعات معينة، وأن الجميع يحتاج إلى رؤية خطوات فعلية لبناء حكومة شاملة وانتقال يؤدي إلى انتخابات، مشيراً إلى أن بلاده تنظر في جميع السلطات التي لديها بشأن العقوبات.

وقبل الولايات المتحدة أرسلت كل من فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والأمم المتحدة، مبعوثين لإقامة علاقات مع السلطات الانتقالية، التي تتم مراقبة مرحلتها الأولى في الحكم.

حقوق الإنسان

ومن المتوقع أن يضغط الوفد على الحكومة المؤقتة بشأن مجموعة المبادئ التي تم تحديدها في العقبة - التوقعات بشأن الانتقال والحكومة السورية الجديدة المتعلقة بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب وتدمير الأسلحة الكيميائية، كما قال أحد المسؤولين. ومن المتوقع أيضاً أن يناقشوا الجهود المبذولة للعثور على أوستن تايس.

إلى ذلك، أفادت الصحف السورية، أمس، أن الحكومة المؤقتة تعتزم عقد اجتماع موسع في العاصمة دمشق، لإطلاق حوار وطني شامل خلال الأيام المقبلة.

حوار جامع

وأكدت مصادر أن الاجتماع سيحضره كل الهيئات وممثلون عن الشعب السوري ومكوناته، كما ستتم دعوة ممثلي التجمعات السياسية والمجتمع المدني والكفاءات العلمية ومستقلين، مبينة أنه سيشارك بالاجتماع أيضاً ممثلون عن الفصائل العسكرية للثورة.

وأفادت بأن الاجتماع سيضع أسس النقاش بشأن المرحلة الانتقالية وآلية إدارة شؤون الدولة في الفترة المقبلة، مؤكدة أن الحكومة السورية أكملت تحضيراتها للاجتماع وسيتم عقده خلال الأيام المقبلة.

توافق



وفي بروكسل، قالت مفوضة السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس: إن هناك توافقاً بين دول الاتحاد على الهدف المشترك، وهو الوصول إلى سوريا مستقرة وسلمية وخالية من الحروب الأهلية.

كما دعت القمة الأوروبية إلى احترام سيادة سوريا ودعمها في المسار السياسي من خلال رفع مستوى التبادل وتكثيف الاتصال مع النظام الجديد في دمشق.



في الأثناء، أكدت منظمة الأمم المتحدة، ضرورة محاسبة ومساءلة مرتكبي الجرائم في سوريا، من أجل شعبها الذي عانى سنوات طويلة تحت حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد.

وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إن محاسبة مرتكبي الجرائم في سوريا ضرورية من أجل الشعب السوري الذي عانى طويلاً.

إلى ذلك أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في تصريحات للصحافيين على متن رحلة العودة من اجتماع مجموعة الدول الثماني النامية في مصر، عن أمله في نقل العلاقات التركية السورية إلى مستوى جديد مع تشكيل حكومة جديدة في دمشق، معتبراً أن رفع العقوبات المفروضة خلال حكم الرئيس السابق بشار الأسد سيساعد في إعادة إعمار سوريا.

وقال: «تركيا وسوريا ستتعاونان في مجالات الدفاع والطاقة والتعليم، وسوف نعزز علاقاتنا التجارية مع سوريا والعراق، وستقدم وزارة الطاقة التركية الدعم لحل مشكلات الطاقة في سوريا».