يثير مؤتمر الحوار الوطني المرتقب في سوريا الكثير من الجدل والغموض حول آليات انعقاده، الأجندات المطروحة، والدعوات الموجهة للحضور. ومع ذلك، فإن أهميته تنبع من كونه سيشكل الأداة الشرعية الوحيدة خلال المرحلة الانتقالية، التي يتوقع أن تستمر أربع سنوات على الأقل، وصولاً إلى إجراء الانتخابات.

رغم الإعلان عن المؤتمر، لم يقدم قائد الإدارة الجديدة لسوريا أحمد الشرع، تفاصيل واضحة حول ملامحه. كل ما تم تأكيده حتى الآن هو أن «هيئة تحرير الشام» ستحل في المؤتمر، وأنه سيشهد مشاركة واسعة من مختلف أطياف المجتمع السوري. من أبرز القضايا التي سيتم طرحها للتصويت: حل البرلمان الحالي، وإقرار إعلان دستوري مؤقت.

الانتقادات الموجهة للمؤتمر تأتي في الأساس من عدم وضوح التفاصيل المتعلقة به، بينما تشير تسريبات إلى احتمالية انعقاده نهاية الأسبوع الأول من العام 2025، تتحدث أنباء أخرى عن تأجيله إلى فبراير من العام نفسه. لكن حتى الآن، لم تصدر أي بيانات رسمية تؤكد التوقيت، وهو ما أثار استياء العديد من الأطراف، مثل الائتلاف الوطني والمرتبطين به، خصوصاً مع اعتماد الإدارة الجديدة على تصريحات شفهية أكثر من إصدار وثائق أو بيانات رسمية.

هناك أيضاً تقارير غير مؤكدة تفيد أن الدعوات ستوجه للمشاركين في 5 يناير، على أن يحدد الموعد النهائي لاحقاً. أما عدد المشاركين في المؤتمر، فهناك تضارب في الأرقام؛ إذ تتراوح التقديرات بين 1200 و2500 شخصية من مختلف الشرائح المجتمعية. اللافت أن الدعوات ستكون للأفراد بصفتهم الشخصية، وليس كممثلين عن أحزاب أو هيئات سياسية، مما يعكس رغبة الإدارة الجديدة في تأسيس بيئة سياسية جديدة منافسة للأحزاب والتيارات المعروفة.

بحسب تسريبات قريبة من اللجنة التحضيرية للمؤتمر، التي شكلتها «هيئة تحرير الشام»، فإن قوائم المدعوين سيتم الكشف عنها قريباً. وستعتمد اللجنة على معايير محددة لضمان تمثيل كل المحافظات السورية، بواقع 70 إلى 100 شخصية لكل محافظة. من المتوقع أن تشمل هذه القوائم تمثيلاً للشباب، النساء، العسكريين، رجال الدين، إضافة إلى سياسيين وخبراء قانونيين وحقوقيين.

وتعتبر الإدارة الانتقالية أن سقوط نظام بشار الأسد أدى إلى انتهاء جميع الكيانات السياسية السورية السابقة، بما في ذلك مؤسسات المعارضة، وهو ما يمهد لمرحلة جديدة من الحوار الوطني الشامل، تشارك فيها جميع الأطياف دون استثناء.

مجلس استشاري

من أبرز مخرجات المؤتمر المرتقبة، تشكيل مجلس استشاري مؤقت، سيعمل بمثابة جهاز تشريعي خلال المرحلة الانتقالية. من المتوقع أن يضطلع المجلس بمهام عدة، منها: إصدار قوانين جديدة، تعديل أو إلغاء قوانين حالية، وصياغة إعلان دستوري مؤقت. سيبقى هذا الإعلان الدستوري نافذاً إلى حين صياغة دستور دائم للبلاد، وستتولى هذه المهمة لجنة تأسيسية تنبثق عن المؤتمر.

وعلق محامون سوريون وناشطون في مجال القانون أن عقد مؤتمر الحوار الوطني الذي سيحدد شكل ومسار المرحلة الانتقالية يحتاج إلى وقت للتحضير له، بدءاً من تشكيل لجنة تحضيرية توكل إليها مهمة إعداد جدول أعمال المؤتمر والأوراق والمحاور التي ستتم مناقشتها في المؤتمر، وتحديد الشخصيات والتجمعات والقوى التي سيتم دعوتها للمؤتمر كممثلة للشعب السوري بكل أطيافه، على أن ترفق مع الدعوة جدول أعمال المؤتمر والأوراق التي ستتم مناقشتها فيه، وذلك توفيراً للوقت.