بات في حكم المؤكد أن مصير الانفتاح على حكومة الرئيس السوري أحمد الشرع، بات رهناً بتشكيله حكومة شاملة في سوريا تلبي الحد الأدنى من المعايير الأمريكية والأوروبية، إذ وافقت دول الاتحاد الأوروبي على تعليق مجموعة من العقوبات المفروضة على سوريا، المتعلقة بالطاقة والنقل وكذلك المعاملات اللازمة للأغراض الإنسانية وإعادة الإعمار. وحسب بيان صادر عن مجلس الاتحاد الأوروبي، فإن تعليق العقوبات في قطاع الطاقة يشمل النفط والغاز والكهرباء. وأضاف المصدر أنه سيتم تقديم بعض الإعفاءات من حظر إقامة علاقات مصرفية بين البنوك والمؤسسات المالية السورية داخل أراضي الدول الأعضاء، والسماح بالمعاملات المرتبطة بقطاعي الطاقة والنقل، وكذلك المعاملات اللازمة للأغراض الإنسانية وإعادة الإعمار.

على صعيد آخر، لم يتردد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في التحذير مجدداً من «تحول سوريا إلى ملاذ آمن للإرهاب»، وهي عبارات تفادتها الخارجية الأمريكية في عهد جو بايدن. ووجه روبيو تحذيراً آخر بدا يحمل تفسيرات عديدة ومقاصد متعددة، وهو تأكيده على حرمان «الجهات الأجنبية الخبيثة من استغلال المرحلة الانتقالية لتحقيق أهدافها الخاصة».

ولم يبق الكثير على المهلة التي حددها الشرع لتشكيل حكومة شاملة في مارس المقبل، ولا يبدو حتى الآن أن هناك مشاورات في هذا الاتجاه تشير إلى أن الحكومة ستراعي الرؤية الغربية في عدم التأسيس لاعتراضات داخلية واسعة على العملية السياسية، لأن من شأن ذلك وضع الدول الأوروبية تحديداً في موقف حرج نظراً لوجود أجندة داخلية لدى الأحزاب الأوروبية متعلقة بملف اللاجئين والهجرة. ويتوقف الأمر على شكل ومضمون الحكومة المقبلة حتى تتوضح الصورة للغربيين، فإما أن تنضم أوروبا إلى الموقف الأمريكي في عدم الاعتراف بالحكومة السورية، أو عدم دعم أي عملية نهوض اقتصادية تقودها، أو أن تنضم الولايات المتحدة إلى أوروبا في البناء على الانفتاح على دمشق، والبدء بتحديد ملامح مستقبل البلاد عبر رفع العقوبات، سواء على البلاد أو الشخصيات التي تقودها، وعلى رأسها أحمد الشرع.

وتتحرك دمشق ببطء سياسياً، وذلك بسبب حالة الترهل الداخلي الإداري التي ورثتها الحكومة الحالية من النظام السابق، خاصة حالة العطالة في المؤسسات البلدية، وشح الموارد للتحرك. أمام هذه التحديات، يخبو التفاؤل تدريجياً في اعتراف دولي جاد بدمشق، اعتراف يفيد في النهوض بالبلاد وخططها في إعمار ما يمكن إعماره، وليس فقط اعتراف بإعادة فتح الممثليات الدبلوماسية في العاصمة السورية، أي «انفتاح تنموي» وليس فقط اعترافاً سياسياً.