جوانب تفرد عدة تميز مسيرة إبداع الفنان التشكيلي العراقي ضياء العزاوي وطبيعة نتاجاته الفنية، أهلته لأن يفوز بجائزة نوابغ العرب 2024 عن فئة الأدب والفنون. إذ استطاع العزاوي، وعلى مدار عقود خمسة، جعل أعماله التشكيلية والإبداعية صورة شفيفة، صادقة ولماحة، لقضايا المجتمعات العربية والقصص والمسائل الإنسانية المتنوعة.

كما أنه حرص على أن تبقى إبداعاته نابضة بقضايا وشؤون ومعايشات وتحديات مجتمعاتنا، وهي تتألق في المحافل الإبداعية والثقافية والإنسانية العالمية شتى، وذلك بموازاة حرصه على الاحتفاء في أعماله وتوجهاته ورؤاه الفنية بمكانة الثقافة العربية والإضاءة بشكل خاص، على جماليات وقيم الشعر العربي.

جائزة رفيعة

ويشكل فوز العزاوي بهذه الجائزة تتويجاً نوعياً لمسيرته الناصعة، إذ إنها جائزة رفيعة المستوى عالمياً، تترجم وتستلهم رؤى القائد العربي الفذ، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عاكسة ومثرية توجهات وحرص ودأب سموه في الإضاءة على الدور والإسهام الحيويين للحضارة العربية والمبدعين العرب في مسارات ومجالات الحضارة الإنسانية.

حيث تعزز هذه المبادرات الاستراتيجية العربية استدامة وتجذر العطاء في حضارة العرب وترسخ دعائم بقاء أمتنا ولادة للمبدعين في شتى الحقول. كما أنها تبرز بوصفها مشروعاً خلاقاً ورافعة حيوية لتحفيز الشباب العربي على ارتياد آفاق التميز والإبداع وإثبات ذواتهم في المحافل الدولية، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم وبثقافتهم وجذورهم.

محطات ومنارات

يعد الفنان العراقي ضياء العزاوي مثقفاً ومبدعاً من الطراز الرفيع، فإضافة لكونه فناناً تشكيلياً، هو باحث متعمق في علم الآثار ونحات وخطاط ماهر مبرز في عوالم الخط العربي. ولم تقف حدود إسهاماته الثقافية والإبداعية الشاملة عند حدود تقديم المنحوتات والأبحاث واللوحات.

وإنما ركز عبر توجهاته الفنية المبتكرة، على رسم وصوغ مسارات وخرائط تطوير نوعية في مضامين الفن العربي المعاصر، معتنياً في الصدد بتخليق وصوغ لوحاته وثماره الإبداعية الفنية، مؤتلقة وموشاة، على الدوام، بمفردات وقصص وروائع الشعر العربي والثقافة العربية بالمجمل.

وقد استطاع أن يحوز شعبية عريضة دولياً، راحت أعماله، في ضوئها، تحتل قيمة بالغة الأهمية ضمن أشهر وأهم المتاحف العالمية والمنصات الإبداعية الأبرز.

ويبدو لافتاً دأبه على أن يُضمّن أعماله رسائل ورمزيات تعلي من شأن الثقافة العربية وتكرس قيمتها وتحكي جمالياتها وقيمها، مُزيلة أي لبس أو أفهام مغلوطة حولها. ولا يتوقف في نتاجاته عن التعريف بالدور الحضاري والإنساني للعرب والمنطقة، وعن الاحتفاء بجذوره وانتمائه العربي وبوطنه، إلى جانب ميله الكبير لجعل منحوتاته ولوحاته خزائن ذكرى وكنوزاً نادرة تلتمع بقيم الهوية والثقافة العربية.

مكانة لافتة

إن أعمال ضياء العزاوي الفنية، تتألق وتحضر بقوة وتحظى بمكانة لافتة، ضمن أشهر المتاحف والغاليريهات والمنصات والمجموعات الفنية العالمية، ومن بينها: متحف فيكتوريا وألبرت في لندن، وتيت مودرن في لندن، ومتحف مقاطعة لوس أنجليس للفنون (LACMA).

كما احتضن أعماله المتحف البريطاني ومتحف الفن العربي الحديث. وشارك العزاوي طوال محطات وعقود مسيرته، في باقات معارض بارزة أقيمت في ألمع المتاحف العالمية، ومنها:

المتحف العربي المعاصر في لندن، المتحف الوطني للفن المعاصر في سيؤول، متحف بيكاسو في برشلونة، متحف «أشموليان» في المملكة المتحدة، المتحف الوطني للفن الحديث في بغداد، متحف الفن الحديث في تونس، ومتحف هوسبيس سان روش في فرنسا، ومتحف آغا خان في كندا، ومتحف «موما» في نيويورك.

كما شارك الفنان على مدى عقود، في مهرجانات وفعاليات فنية عالمية بارزة، منها: بينالي البندقية في إيطاليا عام 1976، بينالي ساو باولو بالبرازيل عام 1979، والبينالي الطباعي الدولي في برادفورد بالمملكة المتحدة عام 1984، والبينالي الدولي للطباعة في تايوان عام 1987.

معارض فنية

تخرج الفنان العراقي، ضياء العزاوي، المولود ببغداد في العام 1939، في كلية الآداب بالعاصمة العراقية - قسم الآثار- في العام 1962، ونال شهادة دبلوم رسم من معهد الفنون الجميلة عام 1964. ويعد من مؤسسي جمعيات إبداعية مهمة. وهو عضو في جمعية التشكيليين العراقيين ونقابة الفنانين. ويعيش منذ ما يتجاوز الـ 3 عقود، في العاصمة البريطانية لندن.

ومن المعارض الفنية المتفردة التي اختط معها العزاوي مسارات جديدة لافتة للفن، مازجاً فيها بين الرسم والتشكيل والتجريد والشعر والحرف والنحت والطباعة: «تخيلات متحققة» - 2023، «رسم الشعر» - 2022، «حلمي» -2017، «نظرة استرجاعية» - 2016، «شيء مختلف: النحت والنسيج» - 2015، «شغف للمشاركة» و«أعمال مختارة» - 2014. ومن المعارض الأخرى المهمة للفنان: «الرسائل في الفن» في دبي - عام 2012، «لوحات جديدة» في باريس - عام 2005، «فلسطين ومحمود درويش» عام 2003.