فوجئت الزوجة البالغة من العمر 28 عاماً في بداية زواجها أن زوجها ارتدى ملابسه للذهاب إلى العمل في يوم إجازة رسمية، وكان يبدو عليه أنه في حالة غير طبيعية، ولما حاولت الحديث معه شعرت أنه مازال نائماً غير مدرك لما يفعل، فأيقظته وأحست بدهشة كبيرة قبل أن تدرك أنه يعاني من مرض «السير أثناء النوم»، حيث بدأ خطة علاج مكثفة بعد أن لوحظ إهماله لهذا الأمر الذي لازمه منذ الصغر.

وبحسب الأطباء، فإن السير أثناء النوم حقيقة علمية، وهو مرض عرضي يتزامن مع أعراض اضطرابات النوم، وقد يرتبط بعوامل وراثية، إلا أنه يحتاج إلى علاج وتدخل سريع خصوصاً لو ظهر عند الأطفال، كما أن إهماله قد يؤدي إلى نوبات هلع وصرع ليلي.

إضافة إلى مخاطره مثل إلقاء الشخص نفسه من الأدوار العليا أو نزول السلالم، فيما تبين أن هناك أشخاصاً يقودون السيارة وهم في وضع «المشي أثناء النوم» وهو ما يعرّض حياتهم وحياة الآخرين للخطر.

فحوصات كشفية

وتفصيلاً أوضح الدكتور محمد المعتز اختصاصي المخ والأعصاب أن ثمة فحوصات طبية للكشف عن أي حالات يمكن الخلط بينها وبين السير أثناء النوم مثل نوبات الصرع الليلية أو اضطرابات النوم الأخرى أو نوبات الهلع، وأن هذا السلوك لدى الطفال، يختفي عادة بحلول سن المراهقة.

وذكر أن المشي أثناء النوم يمكن أن يؤدي إلى إصابة أو يزعج أفراد الأسرة أو يؤدي إلى الإحراج أو اضطراب النوم، وأن العلاج لهذه الحالة يركز بوجه عام على تعزيز السلامة لمنع حدوثه.

وبحث وجود علاقة بينه وبين عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم، أو اضطراب النوم الكامن أو الحالة الطبية، أو ضبط الأدوية إذا كان ناتجاً عن دواء ما، لوصف الأدوية التي تبطئ نشاط الجهاز العصبي، أو بعض مضادات الاكتئاب.

علاج ممتد

ولفت محمد زقوت استشاري أمراض داخلية إلى أن العلاج يحتاج إلى خطة طويلة المدى وإجراء اختبار تخطيط نوم في بعض الحالات، حيث تقوم المستشعرات بتسجيل ومراقبة موجات دماغ المريض ومستوى الأكسجين في دمه وسرعة دقات القلب والتنفس، بالإضافة إلى حركات العينين والساقين أثناء النوم، ويمكن اللجوء إلى المعالجة أو التوجيه المعنوي، حيث يمكن لاختصاصي الصحة العقلية اقتراح طرق لتحسين النوم وتقليل التوتر وكذلك تعليم تقنيات التنويم المغناطيسي الذاتي والاسترخاء.

ونوه الدكتور زقوت بأن هناك العديد من العوامل التي قد تؤثر في زيادة نسبة حدوث هذه الحالة، حيث يعتقد بعض المتخصصين أنها مرتبطة بالإصابة بالتوتر، وفي عام 2016 .

وجدت دراسة أجريت على 193 مريضاً في عيادة النوم أن أحد المسببات الرئيسة للسير أثناء النوم كان حدثاً مرهقاً حدث لهم خلال ذلك اليوم، كما يبدو أن المشي أثناء النوم متوارث أيضاً في العائلات، حيث وجد الباحثون أن الأشخاص كانوا أكثر عرضة للسير أثناء النوم إذا كان لديهم واحد من أفراد الأسرة ممن يعانون من هذه الحالة أيضاً.

عوامل أخرى

وأشار الدكتور عادل السيسي استشاري حالات حرجة إلى أن هناك بعض العوامل الأخرى التي يمكن أن تعزز من حدوث المشي أثناء النوم مثل تناول بعض الأدوية، وإدمان الكحول، والحرمان من النوم، وسوء استخدام العقاقير، أو الإصابة بمتلازمة الساق القلقة، أو الإصابة بحالات صحية مثل انقطاع التنفس أثناء النوم أو مرض باركنسون.

ونوه الدكتور السيسي باحتمالية تعرض الشخص عند المشي أثناء النوم إلى فتح العينين والنظر إلى من حوله، والتحدث إلى الآخرين أو مراسلتهم، أو الإمساك بالأشخاص وكأن الشخص مستيقظ بالفعل، وفي حالات نادرة، قد يقوم البعض بطهو وجبات الطعام أو حتى يقود سيارة.

«وهذا أمر خطير يمكن أن يعرّض الشخص والآخرين للأذى، وهناك أيضاً سلوكيات من نوع آخر يمكن ملاحظتها عند المشي أثناء النوم مثل النهوض من السرير والتجول، وامتلاك نظرة حائرة ومربكة على الوجه، واستخدام دورة المياه، وتناول الطعام، ومغادرة المنزل، وصعوبة الاستيقاظ».

وأضاف: «وفقاً لدراسة أجريت مؤخراً، فإن الأشخاص الذين يعانون من إدمان الكحول أو الاعتماد عليه وأولئك الذين يستخدمون الحبوب المنومة التي لا تستلزم وصفة طبية، هم أكثر عرضة للتجول الليلي،.

فقد أظهرت الدراسة أن أحد عوامل الخطر الأخرى للسير أثناء النوم هو اضطرابات القلق، مثل اضطراب الوسواس القهري، كما أشارت الدراسة إلى أن الأشخاص المصابين بالاكتئاب هم أكثر عرضة للسير أثناء النوم 3.5 مرات أكثر من أولئك الذين لا يعانون من الاكتئاب، كما أن الأفراد الذين يتناولون مضادات الاكتئاب كانوا أكثر عرضة للسير أثناء النوم أكثر من مرة في الشهر بثلاث مرات أكثر من أولئك الذين لا يتناولونها».