«زايد وراشد» ذاكرة وطن.. ورمزان وطنيان تشاركا نظرة واحدة بنفس الحماس والعزيمة في بناء اتحاد راسخ، أساس قوته وديمومته المودة والمحبة والانتماء، وامتلكا رغبة عارمة أن يقوم هذا الاتحاد، وكان التوجه الدائم لهما العمل على بناء الإنسان وإسعاده وتوفير ظروف لمستقبل زاخر ومُتطوّر وحضاري يلائم الأحوال التي نعيشها اليوم، عمل القائدان على هذا النهج فأسسا اتحادهما، وتحول الحلم إلى حقيقة وانتقلت الإمارات بعزيمة قادتها وجهود أبنائها من الصحراء إلى الفضاء.

هذا ما أكده معالي الفريق ضاحي خلفان تميم نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، في بداية حديثه لــ«البيان»، عن المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراهما، اللذين تركا إرثاً عظيماً من القيم العالية، وكرسا الولاء وصدق العمل والسعي نحو التوحد بكل طرقه وأشكاله، ليكونا رمزاً للحكمة والكفاح والمحبة، وبصمة مضيئة في ذاكرة الإمارات وسيرة عطرة وإنجازات لا تحصى دونها التاريخ، وجعلت الإمارات محط إعجاب العالم، لتبقى القيم الأصيلة في العطاء والبناء متجذرة في ثقافة المجتمع الإماراتي.

يقول معالي ضاحي خلفان إن «زايد وراشد» كرسا نهجاً هو أن الوطن يعلو ولا يعلى عليه، ومبادئ سامية، ستبقى نبراساً نهتدي به، واليوم قيادتنا الرشيدة بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، امتداد لهذا النهج في بناء الوطن والمواطن.

ويتابع معاليه، الحديث عن «زايد وراشد»: أنا من الذين عايشوا هذه الفترة، ونحن محظوظون في الإمارات بحكام رحماء همهم بناء الإنسان وتحقيق سعادته، مشيراً إلى أن ثمة العديد من السمات القيادية التي ميزتهما أبرزها: الحكمة والصبر وعدم الاستعجال في البت في الأمور والوضوح في الرؤية والتفكير الاستراتيجي والمتابعة اليومية، واستشراف المستقبل.

بصمة

ويضيف معالي ضاحي خلفان، «إن بصمة التجربة الوحدوية تعكس مدى بعد الرؤية والتخطيط للمستقبل، فبناء الاتحاد تخطيط مدى الحياة يترجم قيام اتحاد يجمعه الوفاق ، مبني على تلاحم شعبي متماسك على المدى البعيد.



أخذ الشيخ زايد ، الدور السياسي، والشيخ راشد الدور التنموي، ولما تولى رئاسة مجلس الوزراء كان يتابع يومياً المشاريع الخدمية والتنموية في كافة أرجاء الدولة، يذهب بـ«الهليكوبتر» إلى جميع مناطق الدولة ليتفقد مشاريع المساكن، للاطمئنان على أنها ستنجز في الوقت المحدد لها، بحيث يسكن المواطنون في بيوت أفضل مما كانوا عليه في السابق، وأراد الشيخ راشد خلال فترة رئاسته لمجلس الوزراء أن يجعل من فترة حكم زايد فترة مشهوداً لها بالإنجاز، هذه رغبته في أن يحقق لأخيه زايد ما يحلم به، فعمل بجد وتفانٍ كبير، وكنت شاهداً على ما رأيت من جهد فائق بذله الشيخ راشد في الاجتماعات لتنفيذ المشاريع في بناء المساكن في جميع مناطق الدولة».

ركز القائدان على إسعاد أبناء الإمارات وتعزيز الانتماء للوطن والعمل على تعزيز ثقافة الاعتزاز بهويتنا وتراثنا، وأكدا أن العمل على المستويين المحلي والاتحادي من أجل الوطن والمواطن، وجعلا الاتحاد يعلو ولا يعلى عليه.

لقد رسخ زايد وراشد فينا روح التعاون بين القطاعين المحلي والاتحادي، وباتت ثقافتنا كموظفين محليين نرى أن التعاون مع الوزارات الاتحادية أمر واجب وأنه يخدم الدولة، والاقتصاد ينبغي أن يكون مردوده للمواطن، والخلاصة المودة والمحبة بين الرجلين كانت كبيرة وهي مداد قوة اتحادنا وسر نجاح مسيرتنا التنموية.

دمعة زايد

يستذكر معالي الفريق ضاحي خلفان، أحد المواقف التي سجلها التاريخ، موضحاً أنه سيدونها في مذكراته التي يعكف على كتابتها، «عندما زار الشيخ زايد، الشيخ راشد خلال مرضه ، صادفت الشيخ زايد وهو خارج من الغرفة والدمعة على خده، وكأنه شعر بفقدان العضيد، هذه الدمعة تترجم الود والترابط الذي خلق قوة الاتحاد واستمراريته، تآزر القادة نراه اليوم عند اللقاءات الأخوية بين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، التي تعكس توحيد الرؤية وأن هذا الموروث انتقل من زايد وراشد إلى سموهما، وهذا ما يفسر سر تماسك ونجاح اتحادنا، فالتفاهم يخلق التفاهم ويصنع المعجزات».

طموح الفضاء

ويشير معاليه إلى أن البصمات المضيئة والدروس الملهمة التي تركها «زايد وراشد» كثيرة، ويستذكر على سبيل المثال لا الحصر رؤية الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، حيث أراد أن يكون الفضاء ميداناً لطموح الإمارات وإنجازات أبنائها، وعبر لقائه الشهير في عام 1974 مع مسؤولي رحلة أبولو 15 من وكالة ناسا للفضاء عن هذه الإرادة والطموح، في وقت كان يوجد ناس يكذبون هذه الرواية وأنه لم يصل أحد إلى القمر، لكن القناعة عند زايد كانت مختلفة تماماً، أن هذا حدث علمي رفيع وحدث بالفعل، وأظهر زايد اهتمامه بهذا القطاع، وجاء الأبناء بعد سنوات طويلة وحققوا الحلم عبر إرسال «مسبار الأمل» للمريخ، لتتحول الإمارات من الصحراء إلى الفضاء، ما وضع الإمارات في مصاف دول العالم الكبرى في مجال استكشاف الفضاء.

ويضيف، «حول الشيخ زايد الإمارات من صحراء إلى جنة خضراء واهتم بالأرض والشجر وزرع الصحراء واهتم بالبيئة وجعل من الإمارات أيقونة عالمية في هذا الجانب».

فكر راشد

كما يستذكر معالي ضاحي خلفان روح التحدي والفكر والتخطيط الاستباقي وبناء المشاريع الضخمة والحيوية لدى الشيخ راشد، إذ يقول: عندما قرر الشيخ راشد بناء أكبر ميناء على اليابسة في العالم، ثمة العديد من الناس قالت إنه لا داعي لقيام هذا المشروع وإن دبي لا تستطيع أن تديره، اليوم هذا الميناء من أهم الموانئ العالمية، موانئ دبي العالمية تدير اليوم أكثر من 85 ميناء في العالم، وهذا يعكس بعد رؤيته التي أسست لأن تصبح دبي منطقة تجارية عالمية تضاهي أشهر المناطق التجارية في العالم.

خدمة المجتمع

ويتابع، إن زايد وعضيده راشد أسسا وبنيا دولة الإمارات، ونحن حظينا بحكام رحماء حرصوا على خدمة المجتمع وأبنائه وتعزيز العمل الأمني والشرطي في خدمة المجتمع، واليوم باتت الإمارات من أفضل دول العالم في الأمن والأمان وتمتلك منظومة أمنية فريدة في خدمة الناس نتاج حكام رحماء حرصوا على أن يكون رجل الأمن في خدمة الوطن والمواطنين والمقيمين والزائرين، فخدمة الناس وإرضاؤهم اليوم تقاس في برنامج التميز لدى حكومة الإمارات ووزارة الداخلية على مدار سنوات تتصدر جوائز هذه البرامج.

يوم لن أنساه

يقول معالي ضاحي خلفان، «يوم قيام الاتحاد كنت برتبة ملازم في حراسة العلم وهو يرتفع في قصر جميرا، تلك اللحظة لن أنساها فهي محفورة في وجداني حين رفع العلم شعرت بقشعريرة في جسدي من الهيبة فأنا ممن ترك «زايد وراشد» لديهم محبة وإخلاصاً ورغبة عارمة في خدمة الوطن، بحيث تهون كل المصالح الخاصة في سبيل مصلحة الوطن، فحب الوطن أثمن ما ورثناه من زايد وراشد».