على مسافة 19 يوماً من جلسة انتخاب الرئيس المقرّرة في 9 يناير المقبل، وفيما ينقص عدّاد الأيام وترتفع سخونة المعركة، بدأ الضغط الجدي لانتخاب رئيس مع انتشار كلمة سر أمريكية بأن واشنطن تريد إيصال قائد الجيش جوزف عون إلى بعبدا.

فيما لا تزال باريس تفضّل انتخاب سمير عساف أو زياد بارود، فهل سنعرف هوية سيّد قصر بعبدا العتيد، الذي يجب أن يحصل على 86 صوتاً وما فوق (من أصل 128) ليتمكّن من الحكم؟

وبعد خطوتيْن موصوفتين: ترشيح النائب السابق وليد جنبلاط لقائد الجيش العماد جوزاف عون، وترك رئيس «تيار المردة» الوزير السابق سليمان فرنجية باب الرئاسة مفتوحاً على ترشيحه.

وترشيح شخصيّة على «قدّ المرحلة» في حال تبيّن أن لا مجال لانتخابه، شهدت الساعات الأخيرة بدء عدّ الأصوات في معركة رئاسة الجمهورية، وإنْ خارج مقرّ البرلمان في ساحة النجمة، وخلطاً قوياً للأوراق الرئاسية، والذي بحسب قول مصادر نيابية لـ«البيان» حدث وطفا على السطح، ولن تتبيّن خيوطه البيضاء من السوداء إلا في أروقة المجلس وغرفه المغلقة قبل 9 يناير.

وخلال الجلسة التي لن تُقفل، إلا في حال التوجه لجلسة تشريعيّة، تسمح للعماد عون بالترشيح، لكون هذا الأمر يحتاج لتعديل دستوري، ما يستلزم مساومات لم تحصل بعد، أو لم تبلغ بعد خواتيمها.

إلى ذلك، أكدت مصادر سياسية مواكبة للاتصالات الجارية في شأن الملف الرئاسي لـ«البيان» أن صورة جلسة 9 يناير المقبل لا تزال «ضبابية»، على رغم من المؤشرات التي توحي أحياناً باقتراب التفاهم على هذا المرشح أو ذاك.

وخصوصاً أن قرار فرنجية بالاستمرار في ترشيحه، وربط انسحابه بالتوافق على شخصية «وازنة»، إنما يعكس الغموض الذي لا يزال يحوط بمسار الاستحقاق الرئاسي ووجهة الجلسة الانتخابية.

ولتاريخه، أصبح عدد المرشحين 8، بينهم 3 نواب هم: إبراهيم كنعان، نعمت افرام وفريد هيكل الخازن، و3 عسكريين: العماد عون، مدير عام الأمن العام بالوكالة، اللواء الياس البيسري، والسفير السابق في الفاتيكان العميد جورج خوري، و2 من الاقتصاديين: الخبير الدولي للشؤون المصرفية سمير عساف، ورئيس المجلس الأعلى للخصخصة زياد حايك.

ومع ارتفاع بورصة الترشيحات، فإن ثمّة كلاماً عن أن الإدارة الأمريكية انتقلت من مرحلة وصول أي رئيس للجمهورية لإنهاء الشغور، إلى مرحلة وضع «فيتو» على أسماء لا تنطبق عليها مواصفات الوضع السياسي الراهن في لبنان.

واعتبرت مصادر أن الإعلان الجنبلاطي دعم عون هو صفارة البداية لإطلاق المواقف المؤيدة، التي ستتوالى تباعاً في الساعات والأيام المقبلة لدى غالبية الكتل النيابية.

وفي ظلّ هذه الضبابيّة، يبقى مصير الاستحقاق الرئاسي معلقاً على توازنات داخلية هشة وحسابات إقليمية ودولية شديدة التعقيد. وعليه، يبدو أن البلاد تقف عند مفترق طرق:

فإما تتمخض الجهود والمبادرات عن انتخاب رئيس قادر على لملمة الصفوف، وبدء مرحلة جديدة من إعادة بناء الدولة ومؤسساتها، وإما يبقى لبنان رهن الفراغ والشغور الرئاسي.

ورهينة لمناورات سياسية لا تُنتج سوى المزيد من الشلل والتراجع، في حين رجحت مصادر سياسية عبر «البيان» ألا تظهر معطيات حاسمة قبل بدء السنة الجديدة، إذْ سيشكل الأسبوع الأخير قبل 9 يناير المقبل المسافة الحاسمة الحقيقية لبت مصير الانتخاب والمرشحين والأسماء، سواء تم التوافق العريض على اسم قائد الجيش، أو إذا اصطدمت الأمور بتعقيدات تخلط الأوراق مجدداً وتبقي الاستحقاق المعلق منذ 31 أكتوبر 2022 طي المجهول.