مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية تتجه الأنظار نحو الصراع بين المرشحين لتحقيق الفوز في الولايات المتأرجحة.

في هذا السياق، يبرز تنافس الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب ونائبة الرئيس الحالي والمرشحة الديموقراطية كامالا هاريس، كأحد أبرز الجوانب في سباق الانتخابات.

سيسعى كل منهما إلى كسب ود الناخبين في هذه الولايات التي قد تقرر مصير الانتخابات، نظراً لتقارب نسب التصويت بين الحزبين فيها.

تتميز الولايات المتأرجحة بتنوع تركيبتها السكانية وآرائها السياسية المتباينة، ما يجعلها ميداناً حيوياً للصراعات الانتخابية بين الحزبين.

ومع تزايد الحملات الدعائية والزيارات الميدانية، أصبح واضحاً أن كلا المرشحين يعتمد على استراتيجيات محددة تهدف إلى جذب الناخبين وتحقيق الدعم اللازم.

نرصد في هذا التقرير ديناميكيات هذا التنافس المتغيرة، وسنستعرض التوجهات الانتخابية والتحولات المحتملة في الآراء العامة.

يبدأ كلا المرشحين معركة "الولايات المتأرجحة"، الجمعة، من مكانين مختلفين، حيث اختار دونالد ترامب البدء بولاية جورجيا المنكوبة بإعصار "هيلين".

فيما تركّز منافسته الديموقراطية كامالا هاريس على ضمان دعم العمال في ميشيغن.

وتعكس ولاية جورجيا الظروف غير المواتية التي يواجهها ترامب في محاولته الثالثة للفوز بالرئاسة، إذ يحاكم فيها جنائياً بتهمة التدخل في انتخابات عام 2020.

كما أن عليه إكمال التصالح مع خصمه السياسي السابق حاكمها الجمهوري براين كمب.

وتعد "ولاية الخوخ" الجنوبية التي فاز بها ترامب عام 2016 والرئيس جو بايدن قبل أربع سنوات بفارق ضئيل، ثاني أكبر جائزة في خريطة انتخابات 2024 الرئاسية بعد بنسلفانيا.

وكان ترامب قد تدخل بقوة في جورجيا بعد هزيمته عام 2020، حيث طلب من وزير خارجية الولاية الجمهوري براد رافينسبيرغر في مكالمة هاتفية جرى تسريبها إيجاد "أصوات كافية لإلغاء فوز بايدن".

ويواجه الرئيس السابق في جورجيا اتهامات بالابتزاز والعديد من الجرائم الأخرى باعتباره زعيماً لمؤامرة إجرامية لقلب هزيمته في الانتخابات عن طريق الاحتيال.

القضية متوقفة الآن، لكن من المتوقع أن تُفتح مجدداً بعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر.

ونفى ترامب بشدة ارتكاب أي مخالفات، زاعماً أن هناك "سوء سلوك" من جانب الادعاء.

كما حاول دون جدوى إطاحة رافينسبيرغر وكمب والمدعي العام كريس كار في انتخابات لاحقة.

وأثارت مؤامرة ترامب الانتقامية الفاشلة ومهاجمته كمب على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل متكرر، تساؤلات حول مزاجه ونفوذه المستمر على حزبه في واحدة من أبرز الولايات المتأرجحة في البلاد.

لكن ترامب وكمب تصالحا منذ ذلك الحين، وأيد حاكم الولاية منح ترامب بطاقة الترشح الرئاسية عن الحزب الجمهوري.

وسيتحدث الاثنان معاً في أوغوستا بعد تلقي إحاطة حول الدمار الذي أحدثته "هيلين"، وهي أعنف عاصفة تضرب الولايات المتحدة منذ إعصار كاترينا عام 2005.

وسينتقل ترامب من جورجيا التي كان فيها قبل أربعة أيام فقط لتفقد أضرار الإعصار، إلى ولاية كارولاينا الشمالية المجاورة والمتأرجحة أيضاً للمشاركة في حوار مع الناخبين في مدينة فاييتفيل.

وبدأ ترامب يومه بمهاجمة "كامالا هاريس الكاذبة" على موقعه "تروث سوشال" لاتهامه بأنه وراء "مشروع 2025"، وهو مخطط حكم يميني متطرف أنتجته "مؤسسة التراث".

ونفى ترامب أي علاقة له بمشروع الحكم بعد الانتقادات الشديدة التي خرجت، زاعماً أنه "لا يعرف شيئاً" عن المخطط أو الشخصيات التي تقف وراءه.

وذلك رغم ارتباط العديد من المسؤولين ضمن دائرته الداخلية والتشابه الوثيق بين المشروع وسياساته المعلنة.

ومن المقرر أن تشارك هاريس التي تتنافس مع ترامب في الولايات السبع المتأرجحة، في تجمع انتخابي الجمعة في ميشيغن، معقل النقابات العمالية الأميركية.

اختلاف عميق

وانتقدت هاريس ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي بسبب رفضه قبول خسارته في انتخابات عام 2020.

وقالت: "أقسمت اليمين على دعم الدستور ست مرات في مسيرتي المهنية، وقد دعمته دائماً دون تحفظ".

وأضافت: "هنا يكمن الاختلاف العميق بين دونالد ترامب وبيني. لقد انتهك هو هذا القسم، وكونوا على ثقة: إذا أتيحت له الفرصة، سوف ينتهكه مرة أخرى".

وستبدأ هاريس نشاطها من ديترويت قبل التوجه إلى فلينت، وهي مدينة ذات غالبية من السود شهدت في العقد الأول من القرن الـ21 فضيحة المياه الملوثة بالرصاص وجسدت سوء إدارة الحكومة في المجتمعات الفقيرة السوداء.

ومن المتوقع أن تستغل هاريس ظهورها لتأكيد تأييدها لحقوق العمال، بعد يوم من إنهاء عمال الموانئ إضراباً على مستوى البلاد كان من الممكن أن يضر بالاقتصاد ويؤذي حملتها.

والنقابات تقليدياً دائرة انتخابية ديموقراطية رئيسية، وقد أصدرت هاريس بيان دعم لعمال الموانئ قائلة إن النزاع كان "حول الانصاف".

مضيفة أن الاقتصاد "يعمل بشكل أفضل عندما يشارك العمال في الأرباح القياسية".

وتمكن ترامب تحت شعار أنه يمثل "حزب العامل الأميركي" من كسر احتكار دعم العمال للديموقراطيين، إذ رفضت نقابة "تيمزتيرز" القوية والرابطة الدولية لرجال الإطفاء تأييد هاريس.

وأعلنت حملة هاريس أن باراك أوباما، أول رئيس أسود للولايات المتحدة، سيشارك في تجمعات انتخابية لها في ولاية بنسلفانيا وغيرها من الولايات المتأرجحة، في إطار جهود استمالة الناخبين غير الحاسمين في قلب الولايات المتحدة.