فيما يقترب يوم الحسم الذي سيحدد ساكن البيت الأبيض الجديد، إلا أن تاريخ 5 نوفمبر الذي يمثل يوم الاقتراع الانتخابي يعد مجرد خطوة نحو عملية اختيار الرئيس، ولا تكفي لحسم من سيفوز بالانتخابات الرئاسية مرشحة الديمقراطيين، كامالا هاريس، أو مرشح الجمهوريين دونالد ترامب.

فالرئيس الأمريكي لا ينتخب بشكل مباشر من جمهور الناخبين الأمريكيين فقط، بل يجري انتخابه عبر ما يعرف بـ«المجمع الانتخابي» والذي يوجد به 538 ناخباً، إذ تكون الأغلبية المطلقة من الأصوات الانتخابية -270 أو أكثر- مطلوبة للمجمع الانتخابي لانتخاب الرئيس، ولايزال توليه المنصب كرئيس للولايات المتحدة رهيناً بفوزه بالأغلبية الممثلة بـ538 صوتاً في المجمع الانتخابي، أي أكثر من 270 صوتاً.

عملية معقدة

تعتبر الانتخابات الأمريكية عملية معقدة بشكل ما، حيث يمكن أن يكون المرشح الفائز هو المرشح الحاصل على عدد أصوات أقل، لوجود ما يعرف بالمجمع الانتخابي.

حيث إنه في انتخابات عام 2016، خسر ترامب التصويت الشعبي أمام منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، لكنه على الرغم من ذلك، أصبح الرئيس الـ45 للولايات المتحدة، وكانت كلمة السر في أصوات «المجمع الانتخابي».

وقد حصلت «كلينتون» على إجمالي 63.390.669 صوتاً، في حين حصد «ترامب» 61.820.845 صوتاً فقط. لكن في المجمع الانتخابي حصل «ترامب» على 304 أصوات مقابل 227 صوتاً لها.

وقد استفاد رؤساء كثيرون في تاريخ الولايات المتحدة الحديث من هذه الميزة للفوز بالرئاسة من دون الحصول على أصوات أكثرية المقترعين في مجمل البلاد، فيما شهدت انتخابات 2020 فوز الرئيس جو بايدن بحصوله على 306 أصوات في المجمع الانتخابي، ليهزم ترامب.

جدل واسع

كما يواجه نظام المجمع الانتخابي جدلاً واسعاً شرساً إذ يستطيع المرشح الفوز بأقلية الأصوات الشعبية، إذا تمكن من الفوز بغالبية الأصوات في الولايات المتأرجحة، والتي تؤهله للحصول على أصوات تدعمه في المجمع الانتخابي. وهذا بالضبط ما حدث عام 2000، بعد فوز المرشح جورج بوش بـ537 صوتاً فقط في فلوريدا، بالرغم من تحقيق المرشح ونائب الرئيس آل غور 500 ألف صوت إضافي في كافة الولايات.

المجمع الانتخابي ليس عبارة عن مكان، بل نظام فريد من نوعه، يُسمّى بالإنجليزية Electoral College، وأقرّه «الآباء المؤسسون» للولايات المتحدة حين صاغوا الدستور في عام 1787، كحل وسط بين انتخاب الرئيس عبر التصويت في الكونغرس، وانتخابه عبر التصويت الشعبي.

والعدد الإجمالي لأصوات المجمع الانتخابي هو 538 صوتاً، ويكون لكل ولاية عدد أصوات من المجمع بناء على عدد سكانها والذين يعبر عنهم عددياً بإجمالي أعضاء مجلس النواب من تلك الولاية، إضافة لعضوي مجلس الشيوخ عن تلك الولاية، ويكون المرشح الفائز هو من يحصل على 270 صوتاً أو أكثر.

ومن الممكن أن يتعادل كلا المرشحين بحصول كل منهما على 269 صوتاً، غير أن ذلك غير مرجح إلى حد كبير. وفي حال عدم حصول أي مرشح على أغلبية أصوات المجمع الانتخابي، يتعين حينها على الكونغرس أن يقرروا من سيتولى هذه المسؤولية أعضاء الكونغرس المنتخبون في اقتراع عام 2020.

سعى حلفاء الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى تغيير الطريقة التي تمنح بها ولاية نبراسكا أصواتها في المجمع الانتخابي للمرشحين في الانتخابات الرئاسية، وسط مخاوف من أن تحصد الديمقراطية كامالا هاريس أحد أصوات الولاية الـ5، ما قد يمنحها الفوز في سباق متقارب.

وتحت النظام الهجين الحالي، تقسم نبراسكا تصويتها بالمجمع الانتخابي على النحو التالي: صوتان للفائز بأغلبية أصوات الناخبين في الولاية، وتمنح الـ3 أصوات الأخرى على أساس الفائز في مقاطعات نبراسكا الـ3 في مجلس النواب.

ويدعم الجمهوريون الـ5 الذين يمثلون الولاية في الكونغرس، عودة نبراسكا إلى نظام «الفائز يحصل على كل شيء»، والذي كان يستخدم حتى عام 1992، ويعتمد على التصويت الشعبي في الولاية بكاملها، لكن مساعيهم لم تفلح في تغيير نظام الانتخابات في الولاية، ما قد تميل لهاريس.

يجتمع أعضاء المجمع الانتخابي، في أول يوم ثلاثاء بعد الأربعاء الثاني من شهر ديسمبر بعد الانتخابات العامة في ولاياتهم، حيث يدلون بأصواتهم لانتخاب الرئيس ونائب الرئيس في اقتراعين منفصلين. تُدون أصوات المندوبين في كل ولاية في شهادة التصويت «Certificate of Vote»، ويرسل المندوبون في كل ولاية شهادة التصويت إلى الكونغرس.

جلسة مشتركة

يتم عد أصوات مندوبي كل ولاية في جلسة مشتركة للكونغرس في السادس من يناير من العام التالي لتصوت المندوبين على الرئيس ونائبه.

تستطيع حكومات الولايات تجاهل نتائج الانتخابات الشعبية عن طريق تغيير ناخبي المجامع لقلب كفة التصويت في المجمع الانتخابي لمرشح دون الآخر.

وهو ما حاول ترامب فعله حسب بعض التقارير، إذ حاول التدخل في نتائج الانتخابات بتغيير الناخبين، ولكن القادة الجمهوريين في الولايات المتأرجحة رفضوا ذلك.