مع دخول سباق الانتخابات الأمريكية أمتاره الأخيرة، تسعى المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس جاهدة لتجنّب الأخطاء التي ارتكبتها هيلاري كلينتون في انتخابات 2016، منها زيادة رحلاتها إلى المقاطعات الريفية بولاية بنسلفانيا، التي صوتت للرئيس السابق دونالد ترامب في انتخابات 2020، في إطار محاولاتها لكسب المزيد من الأصوات، في الولاية المتأرجحة للفوز بالرئاسة.

مع أن ولايات حزام الصدأ أو «الجدار الأزرق» ساندت الرئيس جو بايدن في انتخابات 2020، إلا أن بعض الاستراتيجيين الديمقراطيين يرون أنها يمكن أن تشكل ساحة انتخابية صعبة لهاريس في انتخابات نوفمبر المقبل، على نحو ما حدث مع هيلاري كلينتون، حيث ركزت حملة الأخيرة على الناخبين في المناطق الحضرية، وأهملت في كثير من الأحيان مطالب البيض في الريف، وكذلك مطالب الطبقة العاملة.

يكثف المرشحان الجمهوري دونالد ترامب، والديمقراطية كامالا هاريس، نشاطهما الانتخابي، حيث يركزان على الولايات المعروفة باسم «الجدار الأزرق» التي تلعب دوراً محورياً في نتائج الانتخابات، حيث تعتبر بنسلفانيا وميتشيغان الوجهتين الأكثر شعبية لهاريس، وتقضي مرشحة الديمقراطيين الفترة الحالية في محاولة لتعزيز الدعم في الولايات المعروفة باسم «ولايات الجدار الأزرق» مثل بنسلفانيا وميشيغان ويسكونسن في سعيها لتجنب خسارة هيلاري كلينتون قبل ثماني سنوات، حيث زارتها 8 مرات وذلك بتتبع استراتيجيات مختلفة، تركز على القضايا الاجتماعية، علماً بأن كلينتون تجاهلت حملتها حينها ولايات مهمة، ولم تستثمر في العمليات الميدانية بشكل كافٍ، وهو ما جعلها تدفع الثمن غالياً، فيما زار ترامب عدداً من هذه الولايات، وتفاعلت منصات التواصل الاجتماعي مع ذهابه إلى أحد مطاعم ماكدونالدز بولاية بنسلفانيا المتأرجحة قبل أسبوعين من بدء الانتخابات الحاسمة، وأظهرت الصور ارتداء دونالد ترامب مئزر المطعم، ومساعدة العمال في قلي البطاطس، وتسليم الزبائن طلباتهم.

وإذا فازت هاريس في ميشيغان وويسكونسن وبنسلفانيا، بالإضافة إلى الصوت الانتخابي الوحيد في الدائرة الثانية في ولاية نبراسكا، فستصل إلى عتبة 270 صوتا انتخابيا في المجمع الانتخابي اللازمة للفوز بالبيت الأبيض، حتى لو خسرت الولايات الأربع الأخرى المتأرجحة، كارولينا الشمالية، وجورجيا، ونيفادا، وأريزونا.

يرمز «الجدار الأزرق» إلى الولايات التي تصوت تاريخياً وتقليدياً للمرشح الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية، وهو يمثل حائط صد أمام كل مرشح جمهوري يرغب في الفوز بها، لكن ترامب نجح في اختراقه نتيجة الخطأ الذي ارتكبته حملة هيلاري عام 2016، بعدما تجاهلت هذه الولايات إذ كانت أول مرشحة رئاسية ديمقراطية منذ أواخر الثمانينيات تخسر في الولايات الثلاث.

وفي انتخابات 2020 استعاد جو بايدن، الذي ولد في سكرانتون بولاية بنسلفانيا، أصوات الولاية، متغلباً على ترامب بهامش ضئيل لم يتخطَ 1.2 %.

ففي حين أن الناخبين من الطبقة العاملة البيضاء لا يزالون يميلون إلى الجمهوريين فإن مرشح هاريس لمنصب نائب الرئيس، حاكم ولاية مينيسوتا تيم والز، يمكن أن يساعدها في جذب الناخبين من الطبقة العاملة البيضاء في المناطق الريفية، وخاصة في ولايات «الجدار الأزرق» ميتشيغان وويسكونسن وبنسلفانيا.

استطلاعات

صوّت الناخبون البيض، غير الحاصلين على تعليم جامعي، تاريخياً للجمهوريين، وكانوا حاسمين في فوز ترامب في عام 2016، عندما فاز بأصواتهم بنسبة 64 %، مقابل 28 % لمنافسته آنذاك، هيلاري كلينتون، لكن أحدث استطلاع للرأي أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» وكلية سيينا كشف أن عدد الناخبين البيض في ولايات ميتشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن، من الذين لا يحملون شهادة جامعية، وهي المجموعة التي تفضل الجمهوريين عادة، يدعمون نائبة الرئيس كامالا هاريس.

هاريس تسعى لتجنب الإخفاقات السابقة، من خلال الاهتمام بالتواصل مع القاعدة الانتخابية، خاصة في الولايات الحاسمة، حيث تركز على القضايا التي تهم المجتمعات العربية والإسلامية، وتحاول بناء علاقة قوية معهم، خاصة في ولايات مثل ميتشيغان، حيث يمكن أن يكون لأصوات هذه المجتمعات تأثير كبير.

في مناظرتها الأخيرة أظهرت هاريس دعمها لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، لكنها أيضاً أشارت إلى حق الفلسطينيين في تقرير المصير.

وبالنسبة لهاريس تكمن أهمية ولايات «الجدار الأزرق» في تماسكها الانتخابي، حيث غالباً ما تصوّت لصالح الحزب الديمقراطي؛ وبالتالي فإن الحفاظ على هذه الولايات يمكن أن يكون له تأثير كبير على النتائج النهائية للمرشحة الديمقراطية.

أصبح الاقتصاد ذا أهمية قصوى في بنسلفانيا، كما هو الحال في البلاد بشكل عام. تظهر استطلاعات الرأي أن الناخبين يحددون باستمرار الاقتصاد كأهم قضية، مع احتفاظ ترامب بميزة مستمرة، ولكن تتقلص على هاريس. لقد تنقل كلا المرشحين في الأسابيع الأخيرة عبر الولاية، في محاولة لإقناع الناخبين بأنهما في أفضل وضع لمعالجة الأسعار المرتفعة، التي أثقلت كاهل الأسر، وتعزيز نمو الوظائف والأجور.