توجه أمس عشرات الملايين من الناخبين الأمريكيين إلى مراكز الاقتراع في واحدة من الانتخابات الأكثر تنافساً في التاريخ الأمريكي الحديث بين مرشحة الديمقراطيين كامالا هاريس، ومرشح الجمهوريين دونالد ترامب، ووسط انقسام حادّ وتقارب غير مسبوق في الاستطلاعات، يعوّل المرشّحان على إقبال واسع على التصويت، حيث تُعوّل هاريس على مشاركة كبيرة من النساء وأصحاب الشهادات العليا، والأقليات العرقية، بينما يُحفّز ترامب أنصاره من الشباب البيض، والعمال والمحافظين للإدلاء بأصواتهم بكثافة.

أنظار العالم كلها متجهة نحو الولايات المتحدة لمعرفة لمن يكون هذا اليوم هو الأطول على الأمريكيين منذ أربع سنوات لكونه سيحدد للأمريكيين ممثلهم لأربع سنوات قادمة، رئيسهم الذي ينتظرون منه تحقيق الكثير مما وعد أثناء فترة الانتخابات التي تشهدها بلاد العم سام.

وفي محاولة لطمأنة الأمريكيين بأن أصواتهم ستكون محمية، وضعت السلطات خططاً أمنية لا سابق لها لمقاومة العنف وغيره من السيناريوهات التي يمكن أن تعكر صفو الانتخابات، وما قد يليها من اضطرابات. ووضعت وكالات تنفيذ القانون مع المستجيبين الأوائل في حالة تأهب قصوى، بما في ذلك نشر الحرس الوطني لمنع حصول أي اضطرابات.

وبدأ الاقتراع أولاً في ولايات كونيتيكت وكنتاكي وماين ونيوجيرزي ونيويورك وفرجينيا عند الساعة 6 صباحاً بتوقيت العاصمة واشنطن والتحقت بعدها باقي الولايات، حيث صوت ملايين الأشخاص لتضاف أصواتهم إلى أكثر من 80 مليون بطاقة اقتراع تم الإدلاء بها في الاقتراع المبكر أو عبر البريد.

وأظهرت نتائج أول عملية اقتراع للانتخابات الرئاسية الأمريكية في بلدة ديكسفيل نوتش بولاية نيو هامشير، تعادلاً مثيراً بين هاريس، وترامب، حيث حصل كل منهما على ثلاثة أصوات. وتعد البلدة أول من يعلن نتائج الانتخابات في البلاد، محافظة على تقليدها الذي يعود إلى عام 1960.

توقعات

وليس من المستبعد أن تشهد الانتخابات تأخيراً في إعلان الفائز، في الولايات المتأرجحة الرئيسية. وفي آخر سباقين، فاز المرشح الفائز بهامش ضئيل في المجمع الانتخابي، ومن المتوقع أن يحدث نفس السيناريو في سباق 2024، الأكثر اشتعالاً.

وإذ إنه مع انقسام الناخبين، ستكون الانتخابات متقاربة بما يكفي ليضطر المسؤولون إلى إعادة فرز الأصوات، لكن لن تؤدي عمليات إعادة الفرز إلى تغيير اسم الفائز على الأغلب، إذ نادراً ما حدث ذلك من قبل رغم اللجوء إلى المحكمة بين بوش الابن وال غور وكان يومها بوش فائزاً في فلوريدا. وتسمح معظم الولايات بإعادة فرز الأصوات عندما تكون النتائج ضمن هامش معين، غالباً ما يكون 0.5 نقطة مئوية.

واختارت المرشحة الديمقراطية متابعة مسار اليوم الانتخابي من جامعة هاورد في واشنطن العاصمة، على الساحل الشرقي للولايات المتحدة، وتعد جامعة هاورد واحدة من أهم المؤسسات لتعليم الطلاب السود في الولايات المتحدة، وكانت قد التحقت بها في ثمانينيات القرن الماضي.

وقصدت هاريس المكان ذاته في أغسطس للاستعداد لمناظرتها مع ترامب. وقالت لمناصريها في تغريدة أمس مع بداية التصويت: «اطرقوا الأبواب، هاتفوا الناخبين، تواصلوا مع أصدقائكم وعائلتكم. معاً سندوّن فصلاً جديداً لأعظم قصة قد تُروى». كما دعت الناخبين لطلب المساعدة إن احتاجوها عبر الاتصال على الخط الساخن الخاص بالانتخابات.

وأضافت هاريس: «انتخابك هو صوتك، وصوتك قوة» في رسالة تحفيز للناخبين الأمريكيين على الإدلاء بأصواتهم. وتابعت: «نصوّت لأننا نحب بلدنا ونؤمن بوعد أمريكا».

فلوريدا

أما المرشح الجمهوري فاختار متابعة مجريات يوم الانتخابات من مدينة ويست بالم بيتش في ولاية فلوريدا، حيث استعدت سلطات إنفاذ القانون في المدينة لاستضافة ترامب وفريقه لمراقبة الانتخابات.

ونشر ترامب، أمس، فيديو على حسابه الرسمي في منصة إكس، يلخص فيه رؤيته للواقع الأمريكي في عهد الرئيس جو بايدن، ويتضمن الفيديو مشاهد مستوحاة من حملة ترامب الانتخابية ووعوده لمناصريه بخصوص قضايا الهجرة والحفاظ على القيم الأسرية التقليدية وإنعاش الاقتصاد.

يعد ترامب عبر النص المرافق للفيديو، بأنه يستطيع «إعادة الولايات المتحدة إلى سابق عهدها كما فعل سابقاً».

ووصفت حملة المرشح الجمهوري إقبال الناخب الأمريكي على التصويت في الانتخابات الأمريكية في ولاية بنسلفانيا بـ«التاريخية».

وكتب «ترامب» على صفحته الرسمية على منصة إكس: «لقد أصبح اليوم رسمياً يوم الانتخابات! سيكون هذا اليوم هو الأهم في تاريخ أمريكا، حماس الناخبين بلغ أوجه لأن الناس يريدون أن يجعلوا أمريكا عظيمة مرة أخرى».

وتابع: «وهذا يعني أن الطوابير ستكون طويلة! أحتاج منك أن تدلي بصوتك مهما طال الوقت، ابقَ في الطابور! يريد الديمقراطيون الشيوعيون الراديكاليون منك أن تحزم أمتعتك وتعود إلى المنزل، معاً، سنحقق نصراً هائلاً ونجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى!».

الإقبال

ويعتقد كبار مستشاري ترامب، الذين يقولون إنهم متفائلون بحذر بشأن أداء دونالد ترامب أن نجاحهم أو فشلهم في هذه الساعات الأخيرة يعود في النهاية إلى قضية واحدة تتمثل في «الإقبال».

‏وقال أحد كبار مستشاري ترامب لشبكة CNN: «نشعر وكأننا في وضع الآن حيث إذا حضر الأشخاص الذين نعتقد أنهم سيصوتون لصالح الرئيس ترامب، فيجب أن يفوز، لذا فإن الأمر يتعلق بتحقيق ذلك، التنافس متقارب، إنه متقارب حقاً». مضيفاً أن الإقبال «هو ما يتلخص فيه الأمر حقاً والشيء الوحيد الذي نركز عليه الآن».

ووفق شبكة «سي إن إن»، فإن أحد مجالات القلق الأساسية عند فحص هذه البيانات، كما يعترف المستشارون والأشخاص المقربون من ترامب في السر، هو أنهم يزعمون أن عدد الناخبين الذين وصفوهم سابقاً بالناخبين «الصامتين» لترامب والذين خرجوا لدعمه في عامي 2016 و2020، أقل هذا العام.

وقال شخص مقرّب من ترامب للشبكة: «بينما كان الإقبال على التصويت له مفاجئاً ربما، خاصة في عام 2016، وكان الكثير من الناس صامتين بشأن تصويتهم ولم يسجل ذلك دائماً في البيانات، فمن غير الواضح ما إذا كنا سنرى هذا النوع من الاختلاف هذه المرة».

ولا يختار الأمريكيون الرئيس فحسب، بل يختارون أيضاً أعضاء الكونغرس الأمريكي، يقول محللون لا ينتمون للحزبين إن الجمهوريين لديهم فرصة جيدة لاستعادة الأغلبية في مجلس الشيوخ، حيث يحظى الديمقراطيون حالياً بأغلبية 51 مقابل 49. لكن قد يفقد الجمهوريون أيضاً الأغلبية في مجلس النواب، حيث لا يحتاج الديمقراطيون إلا إلى الفوز بأربعة مقاعد لاستعادة السيطرة على المجلس الذي يضم 435 مقعداً.