لم يشهد التاريخ الأمريكي مثيلاً لما يحدث مع دونالد ترامب، حيث عاد مجدداً إلى البيت الأبيض مع عدد غير مسبوق من القضايا القانونية، كما أنه قاهر أحلام النساء في الفوز بالرئاسة، حيث عاد مجدداً ليحبط المحاولة النسائية الثانية للوصول إلى البيت الأبيض، فبعد فوزه على وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، فاز مجدداً على مرشحة الديمقراطيين نائبة الرئيس كامالا هاريس.

ترامب ليس فقط أول رئيس سابق يعود إلى السلطة منذ استعاد غروفر كليفلاند البيت الأبيض في انتخابات عام 1892، وأول شخص مدان بجناية يُنتخب رئيساً، والأكبر سناً (يبلغ من العمر 78 عاماً)، بل الأول الذي لم يُهزم أمام امرأة في جولتين انتخابيتين مختلفتين.

ينظر ترامب إلى التاريخ للبحث عن مصدر إلهام، وهو الديمقراطي، غروفر كليفلاند، الرئيس الوحيد الذي وصل إلى البيت الأبيض مرتين غير متتاليتين، وذلك بعد أن فاز بالرئاسة عام 1885، ثم هزم في 1889، ثم رشحه حزبه مرة أخرى ليفوز في 1893.

فرحلة ترامب رجل الأعمال التي بدأت من قطاع الإنشاءات، مروراً ببريق البرامج التلفزيونية، وصولاً إلى البيت الأبيض، أسهمت في تزايد الاستقطاب بشأن شخصية ترامب، فهو «غوغائي» عند معارضيه، بينما يمثل «الزعيم القادر على قيادة البلاد في ظل أوضاع متدهورة على جميع الصعد»، بحسب مؤيديه الذين دعموه، لا سيما أنه الأفضل بالنسبة لاقتصاد الولايات المتحدة.

طريق ترامب إلى البيت الأبيض هذه المرة لم يكن سهلاً، فقد هزم تنبؤات الاستطلاعات وهزم التاريخ الأمريكي، ليصبح أول رئيس سابق يواجه محاكمات جنائية قد تفضي إلى السجن. ومع ذلك، استمر في حملته بتحدٍّ واضح، مشككاً في نزاهة بعض القضاة.

يملك ترامب موهبة خطابية، ونجح في تقديم نفسه على أنه «الناطق» باسم الأمريكيين، كما أنه لم يتوان في إظهار العداء والسخرية العلنية المتكررة من شخصيات نسائية أمريكية، بألفاظ توصف في وسائل الإعلام الأمريكية بالصادمة، كما أنه ساهم في استمالة الرجال للاقتراع لصالحه من خلال شعارات «أمريكا العظيمة والقوية وبناء أمريكا مجدداً»، حيث إن عدداً كبيراً منهم تروق له مواقفه كرجل مسيطر وناجح مالياً، فيما بدا لقب «السيدة الرئيسة»، لقباً جديداً بالنسبة لأمريكا، قد يجدها بعضهم مزعجة بعض الشيء.

ترامب يتمتع باستقلالية مالية كبيرة تجعله متحرراً من جماعات الضغط في حزبه، ويؤمن بقدرته الشخصية على قلب التاريخ وحوّلت صرخته، وهو يتوجّه إلى أنصاره، بينما يساعده عناصر أمن على الخروج من الكونغرس بعد اقتحامه «ناضلوا، ناضلوا، ناضلوا»، إلى شعار يهتف به أنصاره في التجمعات الانتخابية، معبّرين عن قناعتهم بأن ترامب يفهم واقعهم اليومي أكثر من أي كان.

ترامب تحدى التاريخ وترشح وهو متابع قضائياً، وسوف يتولى منصبه وقد استعاد الجمهوريون مجلس الشيوخ، مما يعني أن تعييناته الوزارية والقضائية من المرجح أن تواجه الحد الأدنى من المقاومة.

ولد ترامب في 14 يونيو 1946، وهو الرئيس السابع والأربعون المنتخب في الولايات المتحدة الأمريكية و «يُدمن استخدام تويتر، واستخدمه كأداة من أدوات حكمه، بما يشبه المدفع في يده يطلق منه النيران على خصومه وقت ما يشاء».

لم تقتصر معارك ترامب على الصعيد الداخلي فقط، بل امتدت لدول في قارات مختلفة، فمن قضية بناء الجدار العازل مع المكسيك، إلى حربه التجارية مع الصين، ومعركة عقوباته على إيران. أصبح دونالد ترامب اسماً يُعتمد «علامةً سياسيةً» تثير، الجدل وخصوصاً بعدما أصبح له «جيش» من المؤيدين، يساوون نصف الشعب الأمريكي تقريباً.