مع اقتراب عودته للجلوس فترة ثانية في المكتب البيضوي، في 20 يناير المقبل، بدأ الفريق الانتقالي للرئيس المنتخب دونالد ترامب في تشكيل ملامح إدارته القادمة، وسط مخاوف متزايدة بشأن "تعيينات متطرفة" واحتمال تأثير التيار اليميني في سياسات الحكومة الأمريكية التي لا مكان فيها لـ"الحمائم".
وبتتبع التوقعات نجد أن ترامب قد يختار شخصيات من داخل دائرته المقربة، طعمهم بنخبة منتقاة من خارجها، بينهم رجال أعمال وتقنيون، مع التركيز على تعيين "صقور" في الهجرة، والأمن القومي، والسياسة الخارجية، حسب "غارديان" البريطانية.
في أول خطوة من تشكيل إدارته، أعلن ترامب تعيين سوزي وايلز، وهي إحدى رؤساء حملته الانتخابية، رئيسة للموظفين في البيت الأبيض. وايلز، التي تتمتع بخبرة طويلة في حملات الحزب الجمهوري، أصبحت أول امرأة تشغل هذا المنصب في تاريخ الولايات المتحدة، وصفها ترامب بأنها "قوية، ذكية، مبتكرة، ومحط إعجاب عالمي"، وأكد أنها ستشغل منصباً محورياً في تنظيم عمل البيت الأبيض خلال فترة ولايته الثانية.
ولا يخلو منصب رئيس الموظفين في البيت الأبيض من التحديات، حيث استبدل ترامب خلال فترته الأولى أربعة رؤساء للموظفين في سنواته الأربع التي قضاضها في البيت الأبيض.
وقد تواجه وايلز مهمة صعبة نظراً للتحديات التنظيمية والسياسية التي يمكن أن تظهر مع إدارته الثانية، خصوصاً في ظل التكهنات حول الأسماء التي ستشغل المناصب الأخرى البارزة.
المدعي العام
من بين المناصب الأكثر ترقباً، يظهر منصب المدعي العام في مقدمة الأجندة، حيث من المتوقع أن يختار ترامب شخصية متشددة للحد من الهجمات القانونية ضده، ولضمان تنفيذ سياسته القضائية، ومن أبرز الأسماء المطروحة لهذا المنصب مايك ديفيس، المحامي والمساعد السابق في مجلس الشيوخ، الذي يُعرف بتصريحاته المثيرة للجدل وتهديداته للمعارضين، وقد أبدى دعمه لترامب في محاولاته لقلب نتائج انتخابات 2020.
يبرز اسم السيناتور عن ولاية يوتاه، مايك لي، كمرشح لمنصب المدعي العام، ويعد أحد المدافعين عن ترامب خلال محاولات التلاعب بنتائج انتخابات 2020.
الاسم الثالث المرشح لمنصب المدعي العام هو جون راتكليف، المدير السابق للاستخبارات الوطنية، الذي كان من المقربين لترامب في فترته الأولى.
تُظهر هذه الأسماء توجهاً نحو تعزيز سيطرة ترامب على الأجهزة القضائية، وسط تكهنات بأن ديفيس قد يلعب دوراً كبيراً في القضايا القانونية التي يواجهها ترامب حالياً، مثل القضايا المتعلقة بالتحقيقات الجنائية ضد شركته.
الهجرة والأمن القومي
فيما يتعلق بالهجرة يتوقع أن يعين ترامب "صقوراً" في قضايا الهجرة والأمن القومي، لدعم سياسته الصارمة في المجالين، فعلى سبيل المثال، يُنظر إلى توم هومان، المسؤول السابق في دائرة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE)، باعتباره مرشحاً محتملاً لشغل منصب في الحكومة، ويعد مؤيداً بارزاً للترحيل الجماعي للمهاجرين غير الشرعيين، وقد أثار جدلاً في الماضي بتصريحاته المتطرفة حول المهاجرين.
بالنسبة إلى الأمن القومي وردت أنباء عن ترشح ريتشارد جرينيل، السفير السابق لدى ألمانيا والمدير المؤقت للاستخبارات الوطنية، قد يصبح مستشاراً للأمن القومي، إضافة إلى روبرت أوبراين، آخر من شغل هذا المنصب في ولاية ترامب الأولى.
كما وردت أنباء عن احتمالية تولي إليز ستيفانيك، وهي من نيويورك وتشغل منصب زعامة الجمهوريين في مجلس النواب، منصب سفيرة محتملة لدى الأمم المتحدة.
السياسة الخارجية
بالنسبة إلى السياسة الخارجية، يبرز اسم السيناتور عن ولاية فلوريدا ماركو روبيو، كأبرز المرشحين لتولي منصب وزير الخارجية، ومع أنه كان من أبرز منافسي ترامب في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري عام 2016، إلا أنه أبدى أخيراً اهتماماً بتولي هذا المنصب.
أما منصب وزير الدفاع، فهناك ترشيحات قوية لشخصيات مثل كريستوفر ميلر، الذي شغل منصب وزير الدفاع بالوكالة في فترة ترامب الأولى، وكان له دور بارز في إدارة الأزمات، فضلاً عن مايك بومبيو، وزير الخارجية السابق ومدير وكالة الاستخبارات المركزية، الذي قد يكون ضمن المرشحين لهذا المنصب.
شخصيات جدلية
من الأسماء التي أثارت الجدل بترشيحها، روبرت كينيدي جونيور، الذي يُحتمل أن يتم تعيينه في منصب "رئيس الصحة" أو حتى "وزير الصحة".
واشتهر كينيدي بإيمانه بنظريات "المؤامرة" حول اللقاحات تارة، ودعواته إلى إزالة الفلورايد من مياه الشرب العامة تارة أخرى، والتي أثارت قلقاً واسعاً بين نشطاء الصحة العامة، لكنه أصبح أحد الداعمين الرئيسيين لترامب بعد ترشحه للانتخابات بشكل مستقل، ما يفتح المجال لتعيينه في دور مؤثر في السياسة الصحية.
ومن المحتمل أن يُعيّن إيلون ماسك، صاحب شركات "تيسلا" و"إكس"، في دور استشاري ضمن إدارة ترامب، حيث أبدى ماسك دعمه للحملة الانتخابية لترامب، ويُتوقع أن يكون له دور في خفض الميزانية الفيدرالية.
مشروع 2025
العديد من هذه التعيينات تتماشى مع "مشروع 2025"، وهو خطة سياسات متشددة أعدتها "مؤسسة التراث" التي تُعد داعمة للأجندة اليمينية المتطرفة، تتضمن تقليصاً لدور الحكومة الفيدرالية وشن هجمات على حقوق الأقليات.
كما يهدف "مشروع 2025" إلى إصلاح الحكومة الفيدرالية من خلال طرد الموظفين الفيدراليين الذين يُعتبرون "غير موالين"، إضافة إلى تغييرات كبيرة في سياسات الهجرة والعدالة.
أبدى البعض قلقه من أن هذه الخطة، لكن آخرين اعتبروها مجرد أداة ضغط سياسي وليست خطة تنفيذية فورية.