ككل القطاعات في العراق أصابت الحرب وماتلاها من حصار يقطعه القصف المؤسسات الدينية والثقافة الدينية بأضرار عديدة, تبرز همومها مع كل موسم حج, وفي حوارنا مع د. عبد المنعم أحمد صالح وزير الأوقاف والشؤون الدينية العراقي نتعرف على هذه الهموم وجهود الحكومة العراقية لمواجهتها في البداية يشير د. صالح إلى ان الاعداد التي تذهب سنويا الى الحج منذ حرب الخليج عام 1991 حتى الآن دون النسبة المسموح بها والمقررة للعراقي بسبب الحصار الحالي, فمستلزمات الحج تتطلب عملة صعبة والدولة غير قادرة على توفيرها لهم بالشكل المدعوم كما كان قبل الحصار وذلك بالتأكيد يجعل التكاليف عالية وعلى الحاج أو الحاجة ان يحصلوا على العملة مما هو متوفر في السوق المحلية وبالأسعار المعروفة, لذلك لا نستطيع ان نسمح الا بالاعداد التي تناسب ظرف الحصار بحيث لا تؤثر وفرة (العملة الأجنبية) والتي لو نقصت لارتفعت أثمانها ولارتفعت أسعار المواد المختلفة جميعها بما فيها الغذائية أي أنها تجري عملية موازنة بين تلبية حاجة جزء من ابناء الشعب لأداء فريضة الحج وبين أن نحمي المواطنين من احتمال ارتفاع الأسعار. * هل سيتم استخدام الطيران العراقي .. أو أي طيران عربي .. مثلا؟ ــ د. صالح: ان استخدام الطائرات في ظرف الحصار الحالي مكلف ماديا وحتى لو كانت هناك شركة تستطيع الحصول على موافقة وتأتي إلى بغداد لنقل حجاج بيت الله الحرام, فان ذلك سيضيف على الحجاج أعباء مالية لايمكن تحملها حاليا, ولذا فان الطريق البري رغم مشقته, أرخص كثيرا. * هذا جانب من الجوانب الدينية التي أثر بها الحصار, فما هو تأثيره على المدارس والجامعات الدينية, على المناهج مثلاً؟ ــ د. صالح في الواقع ان تأثير الحصار طال الثقافة الدينية, فقد أثر أولا على طبع المصاحف, وكانت الدولة تطبع أعداداً كبيرة منه وبأرقى المطابع في العالم قبل الحصار وتوقف هذا الطبع واقتصرنا على طبع مصاحف في السوق المحلية وبأعداد رمزية لا تسد الحاجة, شمل الحصار ثانيا منشورات الوزارة فقد كان لنا في الستينات دور متقدم بين وزارات الأوقاف في الدول العربية والإسلامية في طبع الكتب التراثية على مستوى التحقيق والتأليف وكذلك توقف اصدار المجلة الدورية المعروفة التي كانت تصدرها الوزارة باسم الرسالة الإسلامية, وشمل هذا التأثير امكانية طبع المناهج الدينية فلم تعد هذه المناهج تطبع بالشكل والجودة التي كانت تطبع بها قبل الحصار, نعم زاد عدد المدارس والجامعات زيادة تتناسب مع ظرف الحصار لان طموحنا ان يكون في كل محافظة مالا يقل عن مدرسة على الأقل, لدينا حتى الآن أحدى عشرة مدرسة دينية, منها اثنتان في بغداد, كذلك كلية صدام لإعداد الأئمة والخطباء التي تحظى برعاية ودعم الحكومة والرئيس نفسه وتطورت من معهد الى كلية وأصبحت بموجب قانونها تستطيع أن تفتح لها فروعاً في المحافظات ونحن في بداية تطبيق قانون هذه الكلية وتوسيعها دون الطموح بكثير بسبب ظرف الحصار. توجد مؤسسات إسلامية خارج وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في مقدمتها جامعة صدام للعلوم الاسلامية وهي جامعة مستقلة تلتزم الدولة بدفع نصف موازنتها السنوية والنصف الآخر بالتبرعات غير المشروطة من قبل الشخصيات الإسلامية في العالم باعتبار هذه الجامعة عالمية يستضيفها العراق, ولكن بسبب ظرف الحصار أصبحت الدولة هي المتكلفة بتغطية موازنتها السنوية واحتياجاتها المختلفة. * هل تتخصص مدارس منها بتدريس مذاهب معينة فالمعروف ان هناك مريدي الطريقة القادرية مثلاً وغيرها؟ ــ مدارسنا الدينية الرسمية لا تقتصر على تدريس مذهب دون آخر أو طريقة دون أخرى وإنما تدرس فيها العلوم الاسلامية بمعناها الواسع وفق منهج الدولة في تبني ورعاية الدين بمعزل عن السياسة وبالروح السمحة المعتدلة التي جاء بها الإسلام لذلك فان هذه المناهج بعيدة عن التطرف والتخريب والطائفية .. ان كان هذا ما قصدته ضمنا. * في العراق عتبات مقدسة كثيرة ومراقد دينية مهمة, من يدعمها, وما هي المشاريع التي تنفذها الوزارة والتي في طور التنفيذ؟ ــ الدولة ترعى العتبات المقدسة والمراقد الدينية المختلفة, والعتبات المقدسة لها النصيب الأكبر .. والعتبات تناولتها يد التخريب اثناء حرب الخليج عام 1991 وأصيبت بأضرار بالغة وقد سارعت الدولة ضمن حملة الاعمار التي قامت بها إلى إعادة العتبات المقدسة إلى أفضل مما كانت عليه قبل ذلك وبدعم مباشر من الرئيس ومن أموال الدولة ولا تزال حملة الاعمار السنوية مستمرة وبأموال الدولة, ورغم وجود واردات ذاتية لتلك العتبات, لكن هذه الواردات يقتصر صرفها وفق الأبواب القانونية التي ينظمها قانون العتبات المقدسة, فهي توزع على العاملين وشؤون العتبة وفقراء المنطقة التي تقع فيها وغير ذلك من الجوانب الانسانية, ويجري بأمر الرئيس ايضا اعمار أضرحة الصحابة الكرام: الزبير بن العوام, أنس بن مالك, طلحة بن عبيد الله, وعتبة بن غزوان في البصرة وتقوم وزارتنا بالتنفيذ ومن المؤمل أن ينتهي إعمارها في غضون سنتين مقبلتين, وانتهت الوزارة من إعمار قبر الصحابي الجليل سلمان الطاهر وحذيفة بن اليمان في بغداد ومرقد الصحابي الجليل أبي عبد الله البجلي في ديالي ومرقد النبي يوسف عليه السلام في الموصل اضافة الى مراقد أخرى في طريقها للاعمار منها مرقد نبي الله الكفل عليه السلام. * والحضرة الكاظمية ..! ــ بعد ان انتهى إعمار العتبات التي تضررت جراء حرب 1991 على العراق, بدأ الآن إعمار الروضة الكاظمية المطهرة وفق جدول زمني يمتد الى ثلاث سنوات وكذلك يجري الآن اعمار الروضة العسكرية المطهرة في سامراء. * علمنا ان هناك اكتشافا لضريح خليفة عباسي؟ ــ نعم تم العثور في الفترة الأخيرة على قبر الخليفة العباسي المستصعم بالله, وتقوم الوزارة حالياً باستملاك الدور المجاورة له من أجل بناء قبره بما يليق بمقامه وبما يعبر عن اعتزازنا بتاريخنا وأجدادنا. * بالنسبة للمنظمات الإسلامية .. ما هو دورها في دعمكم وما هو موقفنا من الحصار؟ ــ في مقدمة المنظمات الإسلامية تأتي منظمات حكومية مثل منظمة المؤتمر الإسلامي وهذه المنظمة واقعة تحت التأثير السياسي الغربي, لذلك فان قراراتها معروفة مسبقاً لخدمة السياسة الأمريكية .. لذلك لا تعول على هذه المنظمات كثيراً في تبني قضيتنا العادلة بسبب التأثير المذكور وغياب مقاييس التعامل بموجب احكام الشريعة التي أصبحت عن السياسيين المؤثرين في الخلف, ولا ننسى أن نذكر أن هناك منظمات اسلامية وأحزاب سياسية ومنظمات شعبية وقفت إلى جانبنا وهي غير خاضعة لسياسة معينة. بغداد ــ لهيب عبد الخالق