اختلفت مواقف دول حوض الفرات تجاه اقتسام مياهه بسبب مصالحها الوطنية, وترتكز كل دولة من الدول على ثوابت معينة للدفاع عن حقوقها منها الاعتماد على القوة العسكرية والاقتصادية والسياسية مثل تركيا او الاحتكام الى المبادىء والقوانين مثل سوريا والعراق , وادى ضعف العراق نتيجة هزيمته العسكرية في حرب عاصفة الصحراء والحظر الاقتصادي المفروض عليه والتوتر السوري العراقي ومحاولاته المستمرة لرفع الحظر الاقتصادي الى دفعه لتحسين علاقاته مع تركيا وتجميد ازمة المياه والمفاوضات مع الجانب التركي على الوضع القائم, وهذا ما منح تركيا وقتا لا بأس به لاتمام مشروع الكاب في اسرع وقت ممكن واطالة امد المفاوضات لانجاز المشروع وفرض نوع من الامر الواقع حيث تتمتع تركيا بوضع تفاوضي قوي مع دولتي الحوض الاسفل (سوريا والعراق) . وبالتالي ليس هناك دافع للجانب التركي لحل مشكلة المياه والتوصل الى اتفاق. يعتمد الموقف العراقي على مبدأ الحقوق المكتسبة لكل بلد للدفاع عن حصته من مياه الفرات ويتبنى مبدأ الحقوق المكتسبة على الاحتياجات المائية للمنشآت القائمة حاليا واقتسام الفائض من نهر الفرات وتوزيعه على المشاريع التي هي قيد التنفيذ ثم على المشاريع المخطط لها ويعتبر العراق حوضي نهر دجلة والفرات حوضين منفصلين فحقوق العراق التاريخية في مياه نهر دجلة منفصلة عن حقوقه في نهر الفرات, بينما تركيا تصر على اعتبار حوضي نهر دجلة والفرات حوضا واحدا وبالتالي امكانية نقل مياه دجلة الى الفرات عن طريق مشروع منخفض الترتار شمال بغداد, ولكن ذلك يؤدي لمزيد من المشاكل البيئية نتيجة ملوحة المنخفض, وينسجم الموقف العراقي مع الموقف السوري ومبادىء القانون الدولي الخاص بالمياه المشتركة التي لا تهدف الى ابقاء استخدام مياه النهر بصورة ثابتة ذلك انها تدعو دول الحوض المشتركة الى استخدام عادل لمياه النهر. وهذا ينسجم ايضا مع الاتفاق السوري العراقي لعام 1990 حول اقتسام مياه نهر الفرات التي تمر عبر الحدود السورية التركية بنسبة 58% للعراق و42% لسوريا وفي ظل احكام بروتوكول عام 1987 بين سوريا وتركيا الذي يعطي سوريا 500م3 في الثانية الى ان يتم الاتفاق على كمية اخرى. وتستند بعض الدول الى مبدأ الاوضاع التاريخية القائمة لاستخدام النهر الدولي والطريقة والكمية التي تستعمل منها مياه ذلك النهر والتي تقادمت عليها عقود تاريخية وترى انها المعيار الاساسي لحقوقها في ذلك النهر وبالتالي لا يمكن تعديلها إلا في اضيق الحدود. وقد ايدت محكمة التحكيم الدولية ذلك في حكمها الصادر بين دولتي السويد والنرويج عام 1909 حيث ورد: ان في المبادىء المقررة في قانون الشعوب ان حالة الاشياء القائمة منذ زمن طويل ينبغي عدم تعديلها بقدر الامكان. وقد اعتمد الاتحاد السوفييتي المنهار على تطبيق ذلك المبدأ في قضية مياه بحر كارا والانهار التي تتفرع عنه مستندا الى الحقوق التاريخية للامبراطورية القيصرية والروسية. تركيا تقارن الفرات بالنفط العربي يتمحور الموقف التركي حول اعتبار حوض دجلة والفرات حوضا واحدا وان النهرين نهران عابران للحدود الدولية وليسا نهرين دوليين وبالتالي تحاول تركيا تتريك نهري دجلة والفرات, وهذا ما يمنح الجانب التركي حق التصرف بمياه النهرين ضمن حدودها السياسية ودون اخذ بالاعتبار الاضرار الناجمة عن ذلك لكل من سوريا والعراق تأسيسا على ان النهرين تركيان ينبعان من الاراضي التركية رغم اقرار الجانب التركي بأحد اهم مبادىء القانون الدولي, ألا وهو مبدأ عدم الاضرار بالغير, ويحاول الجانب التركي مقارنة مياه دجلة والفرات بالنفط العربي الذي هو ثروة غير متجددة ومحدود وقابلة للنفاد عبر الايام وثابتة في اعماق الارض, وترى تركيا ان لها الحق باستثمار المياه على الوجه الذي تراه, ولكن مياه دجلة والفرات مياه متجددة وسطحية, ولا تحتاج لاستثمارات لاكتشافها ومنذ الازل تجري فوق سطح هذه الارض بما لا يعطي لاحد حق الادعاء بملكيتها وقد وضع ظهور الدول في العصر الحديث والعوائق والحدود السياسية. وبالتالي فإن كان هنا ادعاء لاي دولة متشاطئة على النهرين فهي حقوق مكتسبة للجميع وليست وقفاً على احد. وترى تركيا ان تركيز سوريا والعراق على اقتسام مياه كل من الفرات ودجلة بضرورة منفصلة يخالف النصوص المعتمدة في بروتوكول عام 1987 والبيان الصحفي الوزاري المشترك في نوفمبر عام 1988. ويتمركز الخلاف السوري ـ العراقي ـ التركي حول المياه من الوجهة القانونية على المبادىء التي يجب تطبيقها على النزاع حيث تجنح تركيا الى اعتبار نهري دجلة والفرات مياها عابرة للحدود وليسا نهرين دوليين وان لتركيا السيادة المطلقة على قسم من النهر الذي يقع داخل اراضيها, وان المياه التي تنبع من اراضيها, تعود ملكيتها القانونية لها, ويجب ألا يكون هناك من وجهة النظر التركية اي قيد وبأي شكل من الاشكال على استخدامها المياه لتنمية الاقتصاد التركي, وتعتمد وجهة النظر القانونية التركية بخصوص نهري دجلة والفرات على تقرير قانوني اعده القانوني التركي المشهور (جيرد جوماق) لوزارة الخارجية التركية وتعتمد عليه تركيا خلال مفاوضاتها مع جيرانها ويعبر عن وجهة النظر التركية. وقد اوجز جوماق وجهة النظر القانونية التركية قائلا انه لا توجد حتى الآن اي مجموعة شاملة من القواعد او المبادىء في القوانين الدولية تحدد الحقوق والواجبات لدولة تقع ضمن اراضيها اجزاء واقسام من مجرى مائي عابر للحدود او منظمات مجار مائية, وعلى الرغم من ابرام العديد من المعاهدات الثنائية والمتعددة الاطراف بين الدول المعنية حول الشؤون المائية فمن المعترف به عامة ان التأثير المشترك لم يؤد حتى الآن الى ظهور قانون ملزم بشكل عام حول الاستخدام غير الملاحي لمجاري المياه العابرة للحدود, وهذا يعني من وجهة النظر التركية انها غير ملتزمة بمبدأ السيادة المشتركة على حوض دجلة والفرات, بل ستلتزم بالمبادىء القانونية التي تراها مناسبة لتحقيق مصالحها ويضيف قائلا: (انه لا يمكن الركون الى عمل لجنة القانون الدولي للامم المتحدة التي تعكف على صياغة قواعد النظام القانوني لمجاري المياه الدولية ولم تنته حتى الآن) . اذ ان عمل هذه اللجنة لا يمكن الاخذ به بصفة قانونية الزامية ما لم يتم تبنيه والمصادقة عليه من قبل دول العالم اذ تدعى الحكومة التركية وجود فراغ قانوني في الامور المائية الدولية وخاصة فيما يتعلق بالوضع القانوني المائي لدجلة والفرات. عقلانية تركية.. مجدية لتركيا فقط السؤال الذي يطرح نفسه: ما هو الاستخدام العادل والعقلاني ومبدأ عدم التسبب بأي ضرر مدرك للدول المتشاطئة من وجهة النظر التركية؟ ـ ترى تركيا انها اعتمدت تفسير لجنة القانون الدولي في ان استخدام الدول لحقها استخدام عادل للمياه يعتمد على حقائق واوضاع كل حالة بمفردها وعلى وجه الخصوص على وزن جميع العوامل المتعلقة بالمياه, او بحق الدول في تطبيق السيادة الكاملة على اراضيها. ومن ناحية اخرى فإن المفكر الحقوقي التركي يعتبر قرارات محكمة العدل الدولية ليست ملزمة إلا للاطراف المعنية بالقضية وفيما يتعلق بالقضية نفسها, وهذا لا يعني عدم امكانية الاستشهاد بقراراتها ولكنها لا تعدو من وجهة نظره قرارات مساعدة لتحديد القواعد القانونية التي يجب اتباعها. ومن ناحية اخرى مثيرة للاهتمام يعطي البروفيسور التركي YUKEST INAN الحق لدولته بمخالفة القانون الدولي, اذ يدعى بأن الدول حسب اعراف القانون الدولي غير مجبرة على حل خلافاتها السياسية او الحقوقية بدون رضاها ولكنها مجبرة بحسب المادة 23 من ميثاق الامم المتحدة على تسوية خلافاتها بطرق سلمية اذا هددت السلم العالمي بطرق قانونية او سياسية, وهذا المبدأ قد اصبح ضمن مبدأ GUS CONGENS. وتابع قائلا انه لا يمكن اعتبار الخلاف التركي ـ السوري مهددا للسلم, هذا ما يتبعه المسؤولون الاتراك بادعاء بأن تركيا ستحترم الحقوق السورية ولن تلجأ للعنف لحل المشاكل ولكن قطع المياه هو من الاهمية بمكان بحيث يشكل تهديدا للغذاء ان لم يكن لحياة سكان حوض الفرات من السوريين والعراقيين, بل يدعون ان التهديد لن يكون إلا اذا قام جيراننا الجنوبيون بتصعيد حدة التوتر الى حد تهديد السلام وبالتالي اساؤوا استعمال هذا الحق, اي ان على جيران تركيا الجنوبيين القبول بالامر الواقع وعدم الاعتراض وإلا شكلا تهديدا للسلام في محاولة لاستخدام القانون الدولي لمصلحتهم. تعتمد تركيا كدولة منبع ــ على المجرى الاعلى بصورة عامة ــ على مبدأ الاستعمال المنصف للمياه بمنح كل دولة من دول المجرى المائي الحق في توزيع عادل للمنافع المائية وتركز على اهم المبادىء الاقتصادية MAX BENEFIT MIN COSTS لتحقيق قمة المنافع او ادنى الاضرار وان تطبيق هذا المفهوم يعني ان دول المنبع معنية بالمنافع التي تجنيها اكثر من الخسائر التي قد تلحق بدول المجرى الاسفل او المصب, وتعتمد دول المجرى الاسفل للنهر على مبدأ الالتزام بعدم التسبب بضرر ملموس وهذا بالطبع لا يتطرق للضرر الطفيف الذي قد يلحق بدولة منها, وبالتالي ليس لها حق الاعتراض. اما الموقف السوري فيعتمد على بعض الاسس القانونية والعلمية والواقعية, وترتكز سوريا في شرعية استعمالها لمياه الفرات على التمسك بالادعاء القانوني بحقوق دول الحوض المنخفض وانه لابد من توزيع مياه نهر الفرات بناء على تقدير حاجات المنشآت المائية القائمة (او التي قيد التنفيذ, او المخطط لتنفيذها في البلدان الثلاثة) بواسطة لجان فنية مشتركة.. واذا حدث نقص في المياه فعلى البلدان الثلاثة أن يتحمل كل منها نصيبه. وبناء على ذلك لابد من تحديد حصة كل بلد من البلدان الثلاثة من مياه النهرين. ولكل دولة الحق باستثمار حصتها من المياه بما يتفق مع مصالحها الوطنية. وبما ان مياه الفرات ليست كافية لجميع مشاريع البلدان الثلاثة فان لكل بلد الحق في وضع الاولويات المناسبة للمشاريع المائية ضمن حصته المائية. وتعتقد سوريا بضرورة التوصل الى اتفاق بين دول الحوض على اقتسام مياه نهري دجلة والفرات بعد توقيع الاتفاق السوري ـ العراقي في 16/4/1990 ذلك ان نفاذ هذا الاتفاق وعدم وجود اتفاق بين دول الحوض الثلاث وتراجع تركيا عن تنفيذ اتفاقها الذي يعطي لسوريا 500م3/ثا ويعطي تركيا معظم مياه الفرات, بينما تجرى كامل مياه دجلة تقريبا نحو العراق حيث لا توجد مشاريع تركية حتى الآن, بالاضافة الى ذلك فانه يحصل على حصته مما تسمح تركيا بمروره عبر سوريا بموجب الاتفاق السوري ــ التركي. بدأت المباحثات على اقتسام مياه الفرات بين سوريا وتركيا والعراق منذ بداية عام 1962 من خلال اجتماعات ثنائية وثلاثية.. حيث جرت مباحثات ثنائية بين العراق وسوريا بين عامي 1962 ـ ,1971 كذلك عقدت مباحثات ثلاثية بين دول حوض الفرات بين عامي 1965 ـ 1971 وقد تضمنت المباحثات اجتماعات على مستوى فني ثلاثي لهذه الدول لبحث مشاكل نهر الفرات ومن الناحية الفنية فقط وبدون التعرض لمشاكل اقتسام المياه. وفي عام 1982 وافقت الحكومة السورية على اقتراح تركي تتعهد تركيا بموجبه السماح بتدفق 500م مكعب في الثانية, ولكن في وقت لاحق ادرك المفاوضون السوريون الاجحاف الذي لحق بالمشاريع السورية فطالبوا بمضاعفة تلك الكمية.. ذلك ان المفاوضين السوريين انذاك لم يكونوا على المستوى السياسي والتقني المطلوب, اذ ان سوريا تحتاج على اقل تقدير الى ضعف هذه الكمية وتقريبا ثلاثة اضعافها اذا رغبت بتنفيذ جميع مشاريعها المائية. وفي عام 1982 عقد اجتماع على مستوى وزراء الدول حوض الفرات وصدرت تقارير تشير اليه على انه حدث ايجابي للتعاون السياسي ـ المائي, ولكنه لم يعد كونه تظاهرة وبوقا للاعلام السياسي وتبع ذلك مباحثات سورية ــ تركية على مستوى الخبراء المائيين استمرت لمدة شهرين بخصوص تنفيذ مضمون الاتفاقية المبرمة بين سوريا وتركيا عام 1987 والتي تعهدت تركيا بموجبها استمرار تصريفها لمياه الفرات بمعدل 500 م مكعب بالثانية, وفي العام التالي 1988 عقد اجتماع وزاري اخر لدول حوض الفرات للتوصل الى اتفاق محدد على موضوع نهر الفرات, وبخاصة موضوع الاثار السلبية لمشاريع السدود التركيز على نهر الفرات, وصدر بيان مقتضب يعكس فشل هذا الاجتماع وذلك بتكليف لجنة خاصة مشتركة لبحث طرق استخدام مياه نهر الفرات لتقديم التوصيات التي جردت من اي مضمون سياسي او اتفاق لتقسيم المياه وخلال زيارة رئيس الجمهورية التركية السابق تورجوت اوزال الى دمشق في يوليو عام 1988 تم توقيع بروتوكول بين سوريا وتركيا يقضي بالتزام تركيا بمتطلبات الامن المائي السوري. وقد دفعت هذه المباحثات الرئيس العراقي صدام حسين الى ارسال وكيل وزارة الخارجية العراقي نزار حمدون, الى انقرة لعقد مباحثات مشابهة مع الجانب التركي, وعلى اثر اللقاء صرح حمدون (لقد عبرنا لاصدقائنا الاتراك عن رغبتنا في الالتزام باسلوب الاشغال العامة التركي السابق (صفاء جيراي) ورئيس وفد بلاده في المحادثات التي جرت حول هذا الموضوع ان تركيا تدرك دائما وبشكل خاص احتياجات جيرانها من المياه وقد ابدى الجانب التركي مرونة نسبية اثناء محادثاته مع سوريا عقب المحادثات العراقية, وذلك عندما عقد نائب رئيس الوزراء السوري سليم ياسين اجتماعا مع الجانب التركي. وعقب حرب عاصفة الصحراء ابدى الجانب التركي تشددا مع الاطراف السورية والعراقية خلال اجتماع اللجان الفنية المشتركة التي عقدت في عام 1992 ــ 1993 وحضرها وزير الري العراقي في دمشق, حيث حاول الجانب التركي التركيز على المشاكل الفنية وموضوع استخدام احدث الطرق لمياه نهر الفرات. ان الموضوع الشائك السوري ـ التركي هو وجود بروتوكول سوري ـ تركي وليس اتفاقا سوريا تركيا, وهذا ما تحاول سوريا الحصول عليه لكي تضمن بذلك على اقل تقدير استمرار تصريف مياه الفرات بمعدل 500م 3/ ث لمشاريعها المائية. فالبروتوكول لا يضمن لسوريا استمرار تدفق المياه اذ يعطي تركيا صلاحية تقليص هذه الكمية بعد اعلام الجانب السوري وهكذا يتضح ان جميع المباحثات حول اقتسام مياه نهري دجلة والفرات لم تفض الى التوصل الى اي اتفاق يرضي جميع الاطراف, بل مازالت المباحثات في طور الاخذ و الرد. الاستمطار.. لشحة المياه امام الازمة المتفاقمة, عمدت سوريا, الى دراسات لايجاد حلول وبدائل توفر هطولات مطرية لمواجهة الانتاج المخطط وانخفاض المساحات المزروعة فكان مشروع الاستمطار. يقوم مشروع الاستمطار بتنمية الموارد المائية عن طريق زرع الغيوم لزيادة الهاطل المطري منها صناعيا وتحسين توزيع الهاطل المطري لصالح الزراعة خلال اطوار النمو, وزيادة غزارة العواصف المطرية لزيادة الجريان السطحي, وتغذية المسطحات المائية (السدود) وزيادة مخزون المياه الجوفية, خاصةامام موجة الجفاف التي يمر بها حوض المتوسط والمنطقة بشكل عام. هذا ما افاد به المهندس عدنان جريج معاون مدير مشروع الاستمطار في وزارة الزراعة السورية في حديثه للبيان واضاف: لقد نفذت اعمال زرع الغيوم في سوريا بدءا من ربيع 1991 من خلال تجربة استمرت 45 يوما بالتعاون مع الجانب السوفييتي حيث تم تنفيذ 13 طلعة لطائرة الاستمطار المخبرية السوفييتية المستأجرة اليوشن 18. وفي موسم 1991 ـ 1992 نفذت اعمال الاستمطار بموجب عقد من الجانب الروسي, حيث تم القيام بـ 93 طلعة خلال خمسة اشهر باستخدام اربع طائرات روسية مستأجرة ومحطتي رادار طقس, ومحطة استقبال صور الغيوم من الاقمار الصناعية, واتفق في عام 1922 مع الجانب الروسي على توقيع عقد مع المرصد الجوي المركزي الروسي في موسكو بهدف اقامة مشروع سوري متكامل لزيادة الهاطل المطري صناعيا, وقد تضمن العقد تجهيز اربع طائرات سورية وبيع وتركيب محطة استقبال صور الاقمار الصناعية, واربع محطات رادار الطقس تم تركيبها في كل من دمشق, طرطوس, حلب, دير الزور, وكذلك صيانة هذه التجهيزات خلال فترة سريان العقد, والممتدة لخمس سنوات بدءا من 1992 ولغاية 1997 بالاضافة لتنفيذ الاعمال وتدريب الكوادر السورية المختصة, لكي تصبح قادرة على قيادة جميع الاعمال لزيادة الهاطل المطري في المستقبل. ويضيف جرينج اند في موسم 1992 ـ 1993 نفذت 84 طلعة لطائرات استمطار في موسم 1993 ـ 1994 نفذت 55 طلعة وفي موسم 1994 ـ 1995 نفذت 40 طلعة وفي موسم 1995 ـ 1996 نفذت 65 طلعة, وفي موسم 1996 ــ 1997 نفذت 37 طلعة, ويتحدد عدد الطلعات عادة بفرص توفر الغيوم المناسبة لاعمال الزرع, علما ان اعمال زرع الغيوم نفذت بالتعاون مع الجانب الروسي خلال الفترة العقدية لمدة اربعة اشهر في كل موسم مطري, وفي بقية الاشهر اكتوبر ونوفمبر وابريل ومايو من كل موسم ويتابع العاملون في المشروع الاعمال دون الاستعانة بأية خبرة اجنبية. ويشارك بأعمال المشروع ممثلون عن قيادة القوى الجوية والدفاع الجوي باختصاص ارصاد جوية, وممثلون عن المديرية العامة للارصاد الجوية. ورغم انتهاء عقد الاستمطار مع الجانب الروسي, الا ان المشروع استمر بتنفيذ أعمال زرع الغيوم بدون الخبراء الروس, حيث تنفذ الآن جميع أعمال المشروع من عمليات الطيران والاستثمار وصيانة التجهيزات بخبرات وطنية, وقد نفذ المشروع خلال موسم (1997 - 1998) ما عدده (44) طلعة, ووصل عدد الطلعات في الموسم الحالي الى (51) طلعة, والممتد من 1/10/1998 الى 15/5/1999 وقد تم استثمار كافة الفرص المناسبة لأعمال زرع الغيوم. وشملت أعمال زرع الغيوم كما يقول المهندس عدنان, جميع الأراضي السورية, الأمر الذي يعني توفر الكوادر الوطنية المؤهلة للعمل بشكل مستقل من أجل المساهمة في تحقيق الأمن المائي في سوريا, وقدرتها على العمل في الدول العربية أو الأجنبية الصديقة, حيث يمكنه تقديم الخدمات كافة, والأعمال الخاصة بزيادة الهاطل المطري لأي جهة خارجية, خاصة وان مشروع الاستمطار السوري يعتبر من أكثر مشاريع الاستمطار العربية تكاملا بخبراته وكوادره. واعتبر المهندس جريج ان نتائج اعمال الاستمطار خلال المواسم الماضية كانت ايجابية, حيث قدرت الزيادة في كمية الهاطل المطري مقارنة بالهاطل الطبيعي نتيجة أعمال زرع الغيوم وسطيا 3 مليار م3 بالموسم, وبلغت الكلفة الوسطية للمتر المكعب الواحد من مياه الأمطار بطريقة الاستمطار بحدورد (1.045) ق.س./م3. الحاجة أم الاختراع ومن المشاريع التي باشرتها سوريا كحلول لازمتها هي أعمال زرع الغيوم, وتتم بالمراقبة المستمرة للحالة الجوية وخاصة تشكل الغيوم وتطورها وحركتها يتم اتخاذ قرار الطلعة, اذا كانت الغيوم المتواجدة فوق القطر أو التي يتوقع ان تصل الى القطر بمواصفات مناسبة لأعمال الزرع من حيث أنواعها وارتفاعاتها ومائيتها والمساحة التي تغطيها, حيث يتم تحديد هذه المواصفات نتيجة تحليل صور الغيوم من الرادار والأقمار الصناعية وخرائط الطقس, ويتم عادة اتخاذ قرار الطلعة في الادارة المركزية لمشروع الاستمطار, وتجهيز الطائرة بالمهمة والوقود وتذخر الحواضن وتختبر كما تختبر أجهزة الاطلاق, وأجهزة المراقبة الجوية والحاسب على الطائرة, ثم يؤخذ من مواد الزرع ما يكفي لطلعة أخرى في حال كانت الحالة الجوية تقتضي الهبوط في مطار آخر وتتم عمليات الزرع واختيار الغيوم المناسبة بالشكل التالي: بعد اقلاع الطائرة يتم الاتصال من قبل المهندس قائد عمليات الزرع مع الادارة المركزية في المشروع عن طريق المحطة اللاسلكية حيث يأخذ المعلومات الجديدة عن الغيوم ومواصفاتها في منطقة العمل, ويعبر عن ذلك بالسماكة والمائية ومدى التغطية بالمربعات, حيث قسمت سوريا الى شبكة كل منها عبارة عن مربع يحمل رقما معينا. وبعد التعرف على المعلومات وبالتنسيق بين المهندس قائد العمليات وقائد الطائرة يتم التوجه الى أماكن تواجد الغيوم, حيث يراعى زرع الغيوم من أنواع كومولوس كونجستوس أو نمبوستراتوس (Cu Cong أو NS ) وحيث تتوفر الغيوم المغلفة في الغيوم الطبقية علما ان التركيز في الزرع يتم على الغيوم ذات الشكل العمودي وغيوم كومولونيمبس (CB) غير المتطورة التي تتراوح ارتفاع قمتها بين (4-7) كم ولا تقل سماكتها عن (3) كم, ويتوقف ارتفاع القمة والسماكة على ارتفاع القاعدة وارتفاع خط الصفر المئوي. ويراعى عند اختيار الغيمة المناسبة للزرع وجود التيارات الصاعدة والنشطة, ويستدل على ذلك من شكل الغيمة ذات القمم الحادة غير المحدبة, اذ ان الغيوم المحدبة كثيرا قليلة السماكة, وتكون قد تبلورت مياهها, ولا جدوى عندئذ من زرعها, ويستدل على ذلك من حالة الاضطراب بحركة مفاجئة للطائرة نحو الأعلى, وهنا يتم الزرع في التيارات الصاعدة وعندما تتوفر الشروط المناسبة من درجة الحرارة, والتي تتراوح بين (-12 و-22) مئوية مع توفر مائية تزيد على 0.5 ج /ل في غيوم أنواع كومولوس ولاتقل على 0.2 في الغيوم الطبقية المغلفة بينما تستخدم مواد الزرع من نوع MB50 اذا كانت سماكة الغيوم أكثر من 3 كم عادة وارتفاع القمة يتراتوح بين (5-8) كم وتكون حركة الاضطراب أكثر نشاطا وكذلك الحرارة على مستوى الطيران اخفض من (-18) مم مئوية. وحين ينتهي الطيار من زرع مجموعة غيمية, ويتصل بمحطة الرادار الأقرب وبالادارة المركزية يتم التشاور حول أفضلية العمل حسب أماكن توفر الغيوم ومواصفاتها. واذا ما توفرت الغيوم أو تم استنفاذ مواد الزرع المذخرة, أو تم استنفاذ الوقود يتم التنسيق مع العمليات من أجل تحديد مطار الهبوط للتزود بالوقود وتذخير مواد الزرع أو العودة الى المطار الدولي بدمشق عند عدم وجود ظروف جوية مناسبة لمتابعة أعمال الزرع. يتم تسجيل كافة المعلومات الملاحية والجوية وعمليات الاطلاق بواسطة الحاسب, حيث تعرف احداثيات الزرع وخط الرحلة وقيم العناصر الجوية من أجل تحليل المعلومات لاحقا في ادارة المشروع ومن أجل توثيق المعلومات, وتحتاج كل رحلة الى وثائق معينة تتضمن معلومات رقمية وبيانية حول أعمال الزرع وخط الرحلة وقيم العناصر الجوية وهذه تحفظ في الحاسب وتسجل على شريط ورقي بواسطة طابعة الحاسب, تقرير مفصل يعده قائد عمليات الزرع من مشروع الاستمطار المنفذ للطلعة يتضمن الحالة الجوية وأسماء المشاركين واحداثيات الزرع ونوع مواد الزرع المستخدمة, تقرير يعده ضابط الارصاد الجوية المشاركة في الرحلة يرفعه الى فرع الملاحة وميادين الرمي, واخيرا تقرير الطيار يرفعه الى قيادته. انحباس المطر .. خفض الانتاج لقد تأثر الموسم الزراعي في سوريا بشكل واضح هذا العام نتيجة انحباس الأمطار, جراء حالة عدم الاستقرار للعوامل المناخية وخاصة من حيث ارتفاع درجة الحرارة لدول حوض البحر المتوسط وبدت ملامح هذا التأثر واضحة في المناطق الرئيسية لزراعة الحبوب وعلى الأخص في المناطق الجنوبية والشمالية الشرقية من سوريا, وكذلك البادية السورية. ودفعت هذه التأثيرات وزارة الزراعة السورية الى تخفيض خطة الزراعات الصيفية بنسبة حوالي 20% لمحاصيل القطن وعباد الشمس الزيتي, وفول الصويا, والسمسم بنوعيه الرئيسي والتكثيفي. وتشير توقعات المجالس الزراعية الفرعية في المحافظات السورية الى تراجع واضح في انتاج المحاصيل قياسا الى الأرقام المخططة, وعلى سبيل المثال يتوقع الانتاج بالنسبة لمحصول القمح (2662371) طنا فيما يبلغ الانتاج المخطط (4.5) ملايين طن والمقارنة بين الرقمين تجعلنا ندرك الفارق الواضح والكبير بين الانتاج المتوقع والانتاج المخطط, لكن المهندس الزراعي محمد حسان قطنا مدير الشؤون الزراعية في وزارة الزراعة السورية يقلل من هذه التأثيرات بالقول: ــ ان التأثيرات انحصرت في بعض المناطق السورية فقط ولم تشمل المساحات الزراعية كافة, ففي شهري ديسمبر ويناير كانت درجات الحرارة حول معدلها, وهطلت أمطار الا انها كانت ضعيفة في المناطق الجنوبية والشمالية الشرقية, والشرقية, وخلال شهر فبراير بقيت درجات الحرارة حول معدلها خلال النصف الأول منه, ثم انخفضت دونه في النصف الثاني, وهطلت أمطار محدودة في المناطق الجنوبية والشمالية, والشرقية, وفي شهر مارس ارتفعت درجات الحرارة عن معدلها وانحبست الأمطار خلال نصفه الأول ثم انخفضت الحرارة وهطلت أمطار غزيرة في معظم المناطق باستثناء الجنوبية والشرقية. وفي شهر ابريل هطلت أمطار في المنطقة الساحلية والوسطى والشمالية, بينما كانت محدودة في الجنوبية, والشرقية خلال الأسبوع الأول من ابريل ثم انحبست في مناطق القطر كافة تقريبا, وكانت درجات الحرارة حول معدلها العام مع تفاوت كبير بين حرارة الليل والنهار, والرياح معتدلة مع هبات نشطة أحياناً. وعن الزراعات الصيفية حيث تم تخفيض الخطة 20% قال المهندس حسان: مع اقتراب موعد الزراعات الصيفية تم تحديد كمية المياه المتاحة لري المزروعات من مصادر الري المختلفة, وبناء على ذلك تم تعديل خطة المحاصيل الصيفية بما يتناسب والطاقة الاروائية لها, وخاصة للمساحات المخططة على السدود وبعض الانهار, حيث ستقتصر الزراعات الصيفية بهذا الموسم على الآبار والينابيع وبعض الأنهار وتم تخفيض الخطة بنسبة حوالي 20% وشملت محاصيل القطن وعباد الشمس الزيتي, وفول الصويا, والسمسم بنوعيه الرئيسي والتكثيفي. توقعات زراعية . وتشير التقارير الواردة من فروع المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب الى التوقعات التالية: * القمح في مناطق الاستقرار الأولى والثانية والمساحات المروية يتراوح بين الوسط والجيد أما باقي المناطق فضعيفة, وتقدر المساحات المزروعة لمحصول القمح بـ (1598257) هكتاراً, أما الشعير في كافة مناطق الاستقرار فهو ضعيف عدا بعض المناطق في (حلب - ادلب - حماة) وتقدر المساحات المزروعة لمحصول الشعير بـ ( 1427366) هكتاراً, وكذلك العدس والحمص كافة المناطق البعلية أما المروية فهي بحدود الوسط, وتقدر المساحات المزروعة لمحصول العدس بـ (147612) هكتاراً ولمحصول الحمص بـ (48253) هكتاراً. وفي ضوء المساحات المزروعة والمردود المتوقع وفق مناطق الاستقرار الزراعي والمقدرة في أوائل شهر مايو من العام الحالي يقدر الانتاج المتوقع للحبوب من قبل المجالس الزراعية الفرعية في المحافظات السورية وفق التالي: محصول القمح (2662371) طناً والانتاج المخطط (4.5) ملايين طن. محصول الشعير (365915) طناً والانتاج المخطط (1.4) مليون طن. محصول العدس (60771) طناً والانتاج المخطط (211) الف طن. محصول الحمص (34385) طناً والانتاج المخطط (114) الف طن. في النهاية نقول.. ان الازمة السورية الحالية تدق اجراس الخطر في اكثر من بلد عربي, بل في الوطن العربي.. فباراك.. القادم الجديد على رأس الحكومة الاسرائىلية أعلن مراراً انه لن يسمح ابدا للسوريين بالاقتراب من مياه بحيرة طبريا ولذلك فان الجيش الاسرائىلي لن ينسحب, وتركيا ماضية في تلويث الفرات وبالتالي.. لايمكن أن يكون الاعتماد كليا على الامطار والغيوم خاصة والعالم يواجه مشاكل بيئية يخلقها ثقب الاوزون وتوقعات ارتفاع الحرارة والتصحر.. وغير ذلك انها حرب تفتح افواهها لتلتقم المزيد مما للعرب.. دمشق ـ يوسف البجيرمي ـ ايمن فلحوط