أكد د. بشار الأسد نجل الرئيس السوري الراحل والمرشح لخلافته أن السلام بالنسبة لسوريا هو خيار استراتيجي مشددا في الوقت ذاته على تمسك سوريا بحقوقها الثابتة والمشروعة وقال ان بلاده عندما شاركت في مؤتمر مدريد ثم مفاوضات السلام مع اسرائيل فإنها انطلقت في ذلك من ثوابت مبدئية لاتقبل التجزئة أو التقسيم وهي: - رفض التفريط في أي شبر من الأراضي السورية التي احتلتها اسرائيل ورفض التوقيع على اتفاق للسلام لايشترط انسحاب اسرائيل الى حدود الرابع من يونيو 1967. - الحقوق السورية في مياه بحيرة طبريا هي حقوق شرعية ومن ثم فإن سوريا لن تتراجع عن حقها في الاشراف على الجانب الشمالي الشرقي من شاطئ بحيرة طبريا وما يترتب على ذلك من حقوق. وقال د. بشار الأسد في حديث أدلى به قبل رحيل والده الى مصطفى بكري رئيس جريدة (الاسبوع المصرية) ونشرته في عددها الصادر أمس أن وضع اسرائيل العراقيل لن يدفعنا الى التخلي ولو عن شبر واحد من الأراضي المحتلة. وأضاف: لقد تعودنا على هذه السياسة منذ زمن طويل وهي سياسة كما ترى تدفعنا دوما الى عدم الثقة فيما يقوله الاسرائيليون, وتعطي المثل تلو المثل على أن (اسرائيل) مصرة على الاستمرار في سياستها الهادفة الى فرض أمر واقع على الأرض وتجاهل قرارات الشرعية الدولية والاعتماد في سياسة المفاوضات على طريقة (لي الذراع) والتحايل والادعاء. وقد تستطيع اسرائيل بهذه السياسة أن تنجح في كسب بعض الوقت لكن ذلك لن ينسينا حقوقنا ولن يدفعنا الى التخلي ولو عن شبر واحد من الأرض المحتلة. وحول ما اذا كانت السياسة الاسرائيلية التي تعمد الى وضع العراقيل كانت السبب في فشل قمة الأسد. كلينتون قال د. بشار الأسد: نعم لقد وافق الرئيس الأسد على أن يلتقي الرئيس كلينتون في جنيف, ظنا أن هناك جديدا وأن الادارة الأمريكية حصلت على وعد صريح من الحكومة الاسرائيلية يقضي بالانسحاب الى حدود الرابع من يونيو ولكن الرئيس الأسد فوجئ بالرئيس الأمريكي يقول له إن اسرائيل مستعدة للانسحاب من 95% من الأراضي المحتلة في الجولان مقابل ترتيبات أمنية وكل الاستحقاقات الأخرى التي يمليها الاتفاق مع اسرائيل. ولذلك كان موقف الرئيس الأسد واضحا وأنهى الجلسة فورا وعاد الى دمشق. من هنا أقول أنه لاتفريط في حقو قنا الثابتة والمشروعة. وبالنسبة للخيارات المطروحة أمام سوريا قال د. بشار الأسد: نحن أمامنا ثلاثة خيارات أساسية: - اما انسحاب اسرائيلي كامل الى حدود الرابع من يونيو 1967 يعيد الينا أراضينا المحتلة. - واما القبول بحل منقوص لايفي بكل حقوقنا. ـ واما بقاء الوضع على ما هو عليه. ولأن الحل المنقوص مرفوض من القيادة والجماهير وهو يمثل تفريطا في حقوقنا الوطنية والقومية فليس أمامنا من الخيار إلا السعي للحصول على حقوقنا كاملة. ونحن هنا لانستعجل الحلول, ولكننا نسرع الخطى باتجاه الحل الذي يفي بمطالبنا المشروعة والشارع السوري سيسقط أي حل ينتقص من حقوقه حتى ولو قبلت القيادة بذلك وهو أمر لن يكون مقبولا على أي حال من الأحوال خاصة وأن القيادة جزء من هذا الشعب. وردا على سؤال الى أي مدى يمكن لانتصار المقاومة اللبنانية خدمة عملية السلام في المنطقة قال د. بشار الأسد: لاشك أن انتصار المقاومة اللبنانية وفي القلب منها حزب الله واجبارها اسرائيل على الانسحاب من الجنوب اللبناني انما يؤكد على الامكانيات الهائلة التي بحوزة الانسان العربي القادر دوما على تحقيق الانتصار والتضحية بلا حدود من أجل تحرير أراضيه العربية المحتلة. ومع ذلك فقد حسمنا ومنذ عدة سنوات الموقف باتجاه خيار السلام استراتيجيا, ولم تأل سوريا جهدا نحو تحقيق هذا الهدف ولكننا للأسف ووجهنا بالعديد من العقبات ومحاولات التسويف واضاعة الوقت بلا طائل, ولذلك قلنا إن العودة الى طاولة المفاوضات توجب على اسرائيل أن تعلن التزامها من حيث انتهى اسحاق رابين وأن تقر بالانسحاب الى حدود الرابع من يونيو ولكن ذلك لم يحدث وهذا الانتصار اللبناني أضاف الى المعادلات الراهنة في المنطقة معادلة جديدة وأكد أن بقدرة الانسان العربي تحقيق النصر. لذلك فاننا كسوريين وعرب نفخر بالانتصار الذي حققته المقاومة اللبنانية والذي تمكنت في ضوئه من اجبار اسرائيل على الانسحاب ولكننا ندعو في الوقت ذاته اسرائيل بالعودة الى صوت العقل وتنفيذ القرارات الدولية التي تنص على عودة الحقوق المشروعة. وبالنسبة لقضية مزارع شبعا قال د. بشار الأسد إنها أرض لبنانية وليس أمام اسرائيل سوى الانسحاب منها وتحاول اسرائيل أن تخلق مشكلة حول تبعية شبعا ذلك أن مزارع شبعا توفر حوالي مليار دولار سنويا للخزانة الاسرائيلية, من هنا هي تلجأ الى سلاح المناورة والتسويف ونحن نقول أن الانسحاب أمر ضروري وعودة أراضي شبعا الى لبنان حق مكمل لتنفيذ القرارات الدولية في هذا الصدد. وردا على سؤال حول ما اذا كان يعتقد أن اسرائيل يمكن أن توافق على الانسحاب من مزارع شبعا قال: ليس أمامها من خيار إذا أرادت تهدئة الأوضاع على الحدود.. ولا تنسى هنا أن منطقة الشمال المتاخمة للحدود اللبنانية هي منطقة التكنولوجيا الاسرائيلية, واسرائيل لا تستطيع تحمل خسائر الكاتيوشا لا على صعيد السكان ولا على الصعيد الاقتصادي. وعن العلاقة مع مصر قال د. بشار الأسد: العلاقة بين الرئيس مبارك والأسد هي علاقة متميزة, تضرب بجذورها في عمق التاريخ ونحن لن ننسى دور مصر ووقوفها الى جانب سوريا في دفاعها عن أراضيها, وحقوقها, ومع كل موقف أو أزمة تعترى عملية السلام نجد الرئيس مبارك معنا, يعطي اهتماما كبيرا للقضية ويعلن وقوفه الى جانب الحق السوري ويدافع عن مواقف سوريا في المحافل الدولية, وهو موقف ننتظره دوما من الرئيس. انني هنا أؤكد عمق العلاقة بين بلدينا وأرى أن القواسم المشتركة بيننا كبيرة, كما أن للرئيس مبارك منزلة خاصة لدى أبناء الشعب السوري, وزيارته الى لبنان كانت علامة مهمة في دفاعه عن حق لبنان ورفضه العدوان الغاشم على أراضيه. وحول قضايا الداخل السوري قال د. بشار الأسد: أنا من المؤمنين بالديمقراطية واحترام رأي الآخر الى أوسع مدى.. وأنا لست من هؤلاء الذين يحتكرون الحكمة لأنفسهم.. بل من المؤمنين بضرورة الانفتاح على كافة الآراء والاستماع الى كل وجهات النظر مهما تباينت أو تعارضت.. انني هنا أقول ماذا يضير سوريا في إعلام قوى وفاعل يفتح الباب أمام الجميع بعيدا عن الرأي الواحد والموقف الواحد. لقد كنت أشاهد في أثناء دراستي برنامجا يبثه التليفزيون البريطاني أسبوعيا ويأتي بشخصين احدهما يدافع عن وجهة نظر حزب المحافظين والآخر يدافع عن وجهة نظر تبدو متعارضة ولم تنقلب الدنيا, بل بالعكس فهذه الصورة الديمقراطية من شأنها أن تنير الطريق أمام صناع القرار وتفتح الباب واسعا أمام كل الآراء ولذلك نسعى الى اعلام مختلف يستطيع أن يوجد لنفسه موقعا متميزا وهذا هو ما نأمل تحقيقه قريبا. وعن قضايا الفساد قال: نحن نسعى الى محاسبة المتورطين ولا نريد أن نظلم أحدا ولكن كل من يثبت أنه تجاوز في حق الشعب والمال العام من الطبيعي أن يتعرض للحساب من خلال محاكمة عادلة. وكان رئيس تحرير الأسبوع قد نوه في حواره الى أجواء اجراء الحوار مع د. بشار الأسد لدى زيارته سوريا منذ أسبوعين وقال أن هذا الحوار كان أقرب الى (الدردشة المفتوحة) التي لم يمانع د. بشار أن ننشر بعضها على القراء. وحول انطباعاته عن شخصية بشار الأسد قال رئيس تحرير الأسبوع أنه انسان بسيط ومتواضع يستطيع أن يدخل الى قلبك سريعا وأضاف أنه متحدث لبق مرتب ومنظم ولديه مفرداته وتشعر في كلماته بأنه شخص مبدئي مدقق لكل حرف ينطق به.