في موقف سياسي لافت، أبدت مصر أمس استعداداها المشاركة في تدخل عسكري عربي في سوريا، مجددة في الوقت ذاته موقفها الرافض للتدخل الأجنبي، قبيل زيارة الرئيس محمد مرسي إلى تركيا، والتي كرّر منها القول إن بلاده لن تهدأ أو تستقر حتى يتوقف نزيف الدم في سوريا، وان تزول القيادة السورية الحالية التي وصفها بـ «الظالمة»، في وقت هيمن الملف السوري على لقائه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، الذي جدد مواقفه السابقة المنتقدة لروسيا والصين وإيران، قائلاً إن التاريخ «لن يغفر» لهم، ومحيّياً «أبطال سوريا»، في إشارة إلى الثوار.

وكشف مستشار الرئيس المصري سيف عبد الفتاح في تصريحات لوكالة أنباء «الأناضول» التركية أن القاهرة «تدرس المقترح القطري بشأن التدخل العسكري العربي في سوريا، وستجري اتصالات مع الدوحة وأنقرة قريبا حول هذا المقترح». وأشار مستشار مرسي إلى أن مصر «قد تدفع تركيا لتنشيط المقترح القطري ودعم التدخل العربي في سوريا».

وأوضح عبد الفتاح: «نحن مستعدون من حيث المبدأ للمشاركة في التدخل العربي في سوريا، ولكن بعد التعرف على حدود وأهداف وملامح هذا التدخل»، مشددا على «تمسك مصر برفض التدخل الأجنبي».

وبشأن المبادرة المصرية الرباعية، قال عبد الفتاح: «من السابق للأوان القول إنها أخفقت، ولكن نستطيع وصفها بأنها مبادرة النفس الطويل»، مضيفاً: «ربما نحاول أن نجعل الأمور تصل لاتفاق الحد الأدنى». وبحث مرسي في أنقرة خلال زيارته التي دامت ساعات، إضافة إلى الملف السوري، العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها، خاصة في الشق الاقتصادي، إلى جانب الملف الفلسطيني.

موقف مرسي

وبالتوازي، وصف مرسي في كلمة امام المؤتمر الثالث لحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا الوضع في سوريا بأنه «مأساة هذا العالم والقرن». وأضاف: «لن نهدأ أو نستقر حتى يتوقف نزيف الدم السوري، وتزول هذه القيادة السورية الظالمة القاتلة، ونحن نؤيد الشعب السوري في جميع خياراته».

موقف أردوغان

بدوره، دعا رئيس الوزراء التركي روسيا والصين وايران الى وقف دعمها لدمشق.. ووجّه تحية إلى الثورة السورية. وقال في كلمة امام مؤتمر حزبه: «نتوجه الى روسيا والصين ومعهما ايران. رجاء اعيدوا التفكير في موقفكم الحالي. ان التاريخ لن يغفر للذين وقفوا الى جانب هذه الأنظمة القاسية». في حين وجه تحية إلى «كلّ الأبطال في سوريا». وأرسل أردوغان سلاماً خلال إلقائه خطاباً في افتتاح المؤتمر إلى العالم قائلا: «تحياتي إلى أربيل، كابول، الجزائر، القاهرة.. سلامي مع كل الاحترام إلى كل الأبطال في سوريا، سلامي إلى مكة والمدينة».

 

 

أردوغان: عهد الانقلابات العسكرية ولّى

 

 

 

 

ركّز رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في كلمته أمام مؤتمر «العدالة والتنمية» على أن عهد الانقلابات العسكرية في تركيا ولّى وأنه «آن أوان تعميم الديمقراطية، لن نسمح بتغلغل السياسة في أدق مفاصل الدولة لتؤثر على أدائها».

وأكد أردوغان على أهمية الميراث الذي تركه «شهداء» الشعب التركي، قائلا: «نحن نسير على خطى أجدادنا الفاتحين من أمثال السلطان ألب أرسلان والسلطان محمد الفاتح، وعلى خطى قادتنا العظماء أمثال مصطفى كمال أتاتورك وعدنان مندرس وتورغوت أوزال ونجم الدين أربكان».

وخاطب أردوغان شبيبة حزب العدالة والتنمية قائلا إن «أنتم من سيقوم بتأسيس مستقبل تركيا حتى العام 2071». وأضاف إن الهدف التالي للذكرى المئوية للجمهورية التركية، التي ستصادف العام 2023، هو «الذكرى الألف لإنشاء الجمهورية».

وأردف: «لم نتدخل يوما في أسلوب حياة أي من المواطنين ولم نسعى لفرض أي فكرة أو أسلوب حياة على أحد من المواطنين، وحتى ولو حصدنا 99 في المئة من الأصوات سنبقى معارضين لسيطرة الأكثرية على الأقلية». واتهم أردوغان حزب الشعب الجمهوري، المعارض، بأنه شارك في كل الانقلابات التركية «سواء بالفعل أو بالفكر».

وأكد رئيس الوزراء التركي، أمام المؤتمر الذي يرجح أن يتمخض عن إعادة انتخابه لرئاسته للمرة الثالثة والأخيرة، عزمه على حل المسألة الكردية رغم ما قال وصفه بـ «الاستفزازات وحملات استنزاف الحكومة"، قائلاً إنه «آن الأوان أن يقف أخوتنا الأكراد موقفا حازما تجاه الإرهاب، لنطوي صفحة الماضي ولنفتح صفحة جديدة يكتبها أخوتنا الأكراد ولنرسم معاً خارطة طريق لحل جميع المسائل العالقة، لا تستسلموا للعنف، سيحل السلام رغم أنف كل الإرهابيين». ودعا الأحزاب المعارضة الرئيسية أي حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية للتعاون في حل المسألة الكردية، لافتاً إلى أن الإرهاب مدعوم من دوائر داخلية وخارجية.

وفي حين قال إنه «على مدى 10 سنوات من إدارة حزبنا للبلاد تركنا وحيدين سواء في سعينا لمجابهة الإرهاب أو في إصرارنا على تحقيق الإصلاحات الديمقراطية بل على العكس كنا نواجه العديد من العوائق من عدة أطراف».. أكد على أن « عهد الانقلابات العسكرية في تركيا ولى وآن أوان تعميم الديمقراطية،

لن نسمح بتغلغل السياسة في أدق مفاصل الدولة لتؤثر على أدائها». وشدد على أن حزبه لم يتبن أبداً مفهوم «نحن والآخر» بل على العكس سعى لإشراك جميع أفراد الشعب التركي في أعماله، ووصف حزبه بأنه ديمقراطي محافظ.

وقال رئيس الوزراء التركي إن بلاده ستسدد بقية ديونها المستحقة لصندوق النقد الدولي وتبلغ 1.3 مليار دولار بحلول ابريل المقبل من أصل 23.5 مليار دولار كانت على تركيا حتى العام 2008.

 

 

حضور

 

 

 

حضر مؤتمر حزب العدالة والتنمية الكثير من الضيوف، فإلى جانب الرئيس المصري محمّد مرسي كان هناك رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي، ورئيس الوزراء الباكستاني الأسبق يوسف رضا جيلاني، ورئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، ورئيس وزراء جمهورية شمال قبرص التركية إحسان كجك.

وحيا أردوغان الرئيس القرقيزي ألمازبك آتامباييف، ونائب الرئيس السوداني علي عثمان محمد طه، ونائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي، ورئيس إقليم شمال العراق مسعود بارزاني، ورئيس وزراء إقليم البنجاب الباكستاني محمد شهباز شريف، والرئيس السابق للبوسنة والهرسك حارث سلادزيتش، والرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل، والمستشار الألماني الأسبق غيرهارد شرويدر، فضلاً عن رئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) خالد مشعل.