أشاد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بعلاقات الصداقة القائمة بين بلاده ودولة قطر، ووصفها بأنها قديمة ومكثفة وتتسم بالثقة، مؤكداً أن بلاده لا ترفض الاستثمارات القطرية، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى «شروط وقواعد يجب احترامها».
مشيراً إلى عرض صفقة عسكرية على قطر وعقد عدة اتفاقيات اقتصادية بين الطرفين، فيما كان الملف السوري حاضراً في مباحثات هولاند الرسمية التي اختتمها أمس في الدوحة، حيث دعا المعارضة السورية إلى السيطرة على المناطق الواقعة بيد المتطرفين.
وقال هولاند في حديث لوكالة الأنباء القطرية «قنا» بمناسبة زيارته التي اختتمها أمس: «أنا متمسك بعلاقات مع دولة قطر لأن قطر بلد تبدي فرنسا استعدادها لتعزيز التعاون معها في جميع المجالات، سواء تعلق الأمر بحوارنا السياسي أو بعلاقاتنا الاقتصادية أو بتعاوننا في مجال الدفاع».
ونوه الرئيس هولاند بالصلات الثقافية بين قطر وفرنسا، مشيراً في هذا الصدد إلى انضمام قطر مؤخراً للمنظمة الدولية للفرانكوفونية، معتبراً زيارته للبلاد فرصة لإعطاء آفاق جديدة للشركات القائمة بين البلدين.
وقال الرئيس الفرنسي إن مباحثاته مع أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني تناولت كافة المسائل الإقليمية، وخاصة الوضع في سوريا».
وبشأن رؤيته لآفاق التعاون العسكري بين الدوحة وباريس قال هولاند، إن بلاده ستكون دائماً إلى جوار دولة قطر لضمان دفاعها وأمنها، مضيفاً: إن «تعاوننا في مجال الدفاع لديه بطبيعة الحال جانب يتعلق بالصناعة، وفرنسا تقدم تجهيزات فاعلة وحديثة للجيش القطري».
وأوضح بأنه سيتقدم بمقترحات جديدة في مجال الدفاع الجوي والبري والبحري، لافتاً إلى أن لديه ثقة تامة في أن البلدين سيحرزان تقدما في كل من هذه المجالات. وكان هولاند صرّح قبيل وصوله إلى الدوحة أول من أمس أن «فرنسا قدمت عروضاً جديدة لقطر لتزويدها بمعدات عسكرية وإنها متفائلة بشأن النتائج».
علاقات وصفقات
وأكد هولاند أن «كل الرؤساء الذين تعاقبوا على فرنسا سهروا على هذه العلاقات، كل وفق طبعه وطريقته، ولكن بالنسبة إلينا هذه دعامة ثابتة في سياستنا الخارجية. نحن نعرف أين هم أصدقاؤنا»، مشدداً على وجود «احترام متبادل وتفاهم بين البلدين».
وفي تصريحات أخرى لهولاند أدلى بها أثناء تفقده لورشة عملاقة تنفذها شركة «بوينغ» في الدوحة، أكد هولاند أن بلاده لا ترفض الاستثمارات القطرية، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى «شروط وقواعد يجب احترامها». وأضاف: «نحن لا نرفض استثمارات القطريين في فرنسا، لكننا نقول إن هناك شروطا يجب احترامها ومجالات ينبغي إبرازها، كما أن هناك أيضاً قواعد يجب فهمها».
وفي موقع ثالث خلال زيارته، قال هولاند أمام منتدى اقتصادي بين رجال الأعمال الفرنسيين والقطريين حضره رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم آل ثاني: «إن استثمارات قطر مرحب بها وبإمكانها تغطية جميع المجالات، لكن الأولوية يجب أن تكون للصناعة والخدمات».
الملف السوري
وفي الشأن السوري، دعا هولاند المعارضة السورية إلى السيطرة على المناطق التي بيد مجموعات متطرفة، والى إزاحة هذه المجموعات. وقال هولاند: «على المعارضة السورية أن تستعيد السيطرة على هذه المناطق وهذه المجموعات (المتطرفة) من أجل إزاحتها».
واعتبر الرئيس الفرنسي أن هذه المناطق وقعت في «أيدي متطرفين لأنه لم يكن هناك أية جهة أخرى، وقد اغتنم هؤلاء الفرصة». وأكد أن طرد هذه المجموعات من المناطق التي تسيطر عليها «في مصلحة المعارضة وفي مصلحة سوريا».
وقال هولاند إن «وجود مثل هذه المجموعات المتطرفة التي يمكن أن تستفيد من الفوضى، سيستخدمه (الرئيس السوري) بشار الأسد للاستمرار في القتل». وأكد أن فرنسا تريد مساعدة المعارضة عسكرياً، إلا أنه لديها «شروط» لتقديم هذه الأسلحة، كما أن ذلك يتم الاتفاق عليه بين الدول الأوروبية ومع الأميركيين.
وقال في هذا السياق: «لا يمكننا أن نقدم أسلحة يمكن أن تستخدمها مجموعات ضد مصالح سوريا الديمقراطية أو ضدنا». وقال الرئيس الفرنسي إن «مجلس الأمن الدولي هو الذي يمكنه أن يقرر استخدام القوة لحفظ السلام والأمن الدوليين في سوريا»، مبينًا أن «فرنسا وبدافع من احترامها للشرعية الدولية لا ترغب في التصرف بمفردها».
وفي شأن تداعيات النزاعات في سوريا على لبنان، قال هولاند إنه «بالتأكيد مع تدخل حزب الله (في سوريا) هناك تداعيات على التوازن الهش في لبنان». وأضاف: «أنا أدعم باسم فرنسا الرئيس اللبناني في جهوده للحفاظ على التوازن الذي تم الوصول إليه على أساس مبدأ عدم التدخل بالنسبة للنزاع في سوريا، وبالتالي عودة (مقاتلي) حزب الله إلى لبنان».
وفي وقت سابق، أكد هولاند بعد محادثات مع أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في الديوان الأميري، أن فرنسا وقطر تتشاركان المقاربة نفسها إزاء النزاع في سوريا. وبحسب هولاند، فإن هذه «المقاربة المشتركة» تهدف إلى «مساعدة المعارضة في الدفاع عن نفسها وكسب مواقع على الأرض».
النووي الإيراني
وبشأن موقف فرنسا حيال الملف النووي الإيراني، قال هولاند: «إن موقف فرنسا واضح حيال هذا الموضوع وهو أن إيران يجب ألا تصل إلى السلاح النووي»، داعيًا إلى ضرورة وجود حل دبلوماسي لهذه الأزمة يكون أساسه قرارات مجلس الأمن الدولي، محذرًا من عواقب لا يمكن السيطرة عليها في حال اتخاذ أي حل آخر.
وختم هولاند بقوله: «نحن أيضا نعي بأنه يجب مساعدة ودعم أولئك الذين يخوضون ما نسميه الربيع العربي، مثل الذين في تونس ومصر، وسنعمل يداً بيد لدعم جهود التنمية والديمقراطية في هذه البلدان».
وكان هولاند وصل أول من أمس إلى الدوحة وأجرى فور وصوله مباحثات رسمية مع أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني والمسؤولين القطريين، وقام بافتتاح المدرسة الفرنسية في الدوحة «فولتير» بحضور النائب العام القطري علي بن فطيس المري وحشد من الجالية الفرنسية في الدوحة.
زيارة كيري
بحث أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بمكتبه أمس مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري العلاقات الثنائية القائمة بين البلدين والقضايا الإقليمية والدولية، لاسيما آخر مستجدات الأوضاع في سوريا في ضوء نتائج الاجتماع الوزاري الذي عقد أول من أمس بالدوحة.