ظهرت خلافاتٌ قويّة في صفوف القوى الشبابية والثورية، وموجة من الانشقاقات وحلة من الشد والجذب في صفوف الفصيلين الأقوى حركة «تمرّد» والتيّار الشعبي، على خلفية الجدل الدائر حول المرشّح المفضّل لدى شباب الثورة ما بين وزير الدفاع المشير عبدالفتّاح السيسي والمرشّح الرئاسي السابق حمدين صبّاحي.
وبدأ الجدل في التصاعد إثر مشاركة 4 من قيادات «تمرد» في مؤتمرٍ لدعم ترشّح صباحي رئيسًا للبلاد مساء أول من أمس، على الرغم من أنّ الحركة كانت اتخذت قرارًا بدعم المشير السيسي، وهو الأمر الذي عزّز الجدل داخل «تمرد»، ودفع لموجة من الانشقاقات واتهامات من قبل الحركة لـ«التيار الشعبي» الداعم لحمدين صبّاحي، مفادها أنّ التيّار يُعزز الانشقاقات داخل «تمرّد» لصالح صباحي.
وأصدر 50 عضوا وقياديا من مؤسسي ومسؤولي اللجان والمكاتب التنفيذية لحركة «تمرّد» في مختلف المحافظات بياناً أمس، أعلنوا فيه دعمهم صباحي في انتخابات الرئاسة القادمة، مؤكّدين احترامهم لكل من يختلف معهم في الرأي ورفضهم أي اتهامات بالتخوين.
دعم السيسي
ويؤكّد عضو اللجنة المركزية لحركة «تمرّد» مصطفى السويسي في تصريحات لـ«البيان»، أنّ «الحركة كانت مُتماسكة وقد اتفق أعضاؤها منذ 23 ديسمبر الماضي على دعم المشير السيسي حال ترشّحه للانتخابات الرئاسية، قبل أن تفاجأ الحركة إلى حد الدهشة بظهور 4 قيادات من الحركة هم حسن شاهين، ومحمد عبد العزيز، وخالد القاضي، وإسلام العيسوي، في مؤتمرٍ لدعم حمدين صبّاحي رئيسًا للجمهورية، ما استدعى اتخاذ إجراءات بتجميد عضويتهم».
وأضاف السويسي أنّ «موقف هذا الرباعي المؤسّس لحركة «تمرّد» كان غريبًا بالنسبة لكل أعضاء الحركة، لاسيّما أنّهم كانوا أول الداعمين للمشير السيسي، إلى درجة أنّ أحدهم صاغ بنفسه بيان دعم تمرد له، كاشفاً عن أنّ «المؤتمر العام لحركة «تمرّد» ومن خلال الجمعية العمومية سيعقد اليوم للنظر في التطوّرات الجديدة، وعلاقة التيّار الشعبي الذي يترأسه حمدين صباحي بالانشقاقات التي تشهدها «تمرّد» خلال الفترة الحالية».
مرشحون أقوياء
ونفى السويسي تأثير تلك الأوضاع المضطربة على مستقبل حركة «تمرّد» السياسي، مؤكدًا في السياق ذاته على أنّ «وجود مرشّحين أقوياء أمام المشير السيسي مثل حمدين صبّاحي يجعل الانتخابات أكثر سخونة، وهو أمر مُهم جدًا وعلى المصريين اختيار من يمثّلهم».
واتهمت حركة «تمرد» التيّار الشعبي بدعم الانشقاقات التي تشهدها الحركة، وذلك على الرغم من أنّ التيار نفسه تعرّض لحملة انشقاقات بين أعضائه، الذين قدّم عدد منهم استقالته وذهب لدعم المشير السيسي رئيسًا.
وعي شارع
ووفق مراقبين فإنّ الكُتلة التصويتية للشارع المصري ستكون بعيدة عن أهواء التكتّلات الشبابية الداعمة للمشير السيسي أو صبّاحي أو أي مرشّح آخر، إذ إنّ تنامي الوعي والإدراك السياسي بالشارع المصري سيلعب دورًا في وجود آراء مُختلفة وعديدة لا تُعول كثيرًا على اتجاه شباب الثورة الذين أبدوا من جانبهم «رعونة سياسية» على خلفية مثل تلك الخلافات التي وصفوها بـ «الخلافات الصبيانية» والتي تجلت في حالة من الجدل عقب اتهام «تمرّد» للتيّار الشعبي لسرقة حساب الأول عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» ونشر آراء مدينة للحركة عليه.
تعالي أصوات
ودفع التراشق في صفوف القوى الثورية الشبابية والخلاف الذي ظهر على ماهية مرشّح الثورة من وجهة نظر كل فصيل، إلى تعالي الأصوات بضرورة تقنين وضع تلك القوى الشبابية، وقيامها بتأسيس أحزاب سياسية أو الانخراط في أحزاب أخرى قائمة بالفعل، ليمارسوا السياسة بصورة أكثر تعقّلاً.
جدير بالذكر أنّ مؤسّسة الرئاسة المصرية دعت إلى حوار وطني مع شباب ثورتي 25 يناير و30 يونيو، إلّا أنّ عددًا كبيرًا من التكتّلات الشبابية الثورية أعلنت رفضها التام للمشاركة في الحوار.
إعلان برنامج
لفت سكرتير عام حزب المصريين الأحرار ماجد سامي إلى أنّه من حق حمدين صباحي زعيم التيار الشعبي، أن يترشّح في الانتخابات الرئاسية القادمة، مطالبا صبّاحي بعرض برنامجه السياسي وفريق العمل المعاون له.
وأكد سامي في تصريحات صحافية، إنّ «ترشّح صباحي لم يناقش في جبهة الإنقاذ، لا سيّما وأن الجبهة لم تناقش سوى استمرار الجبهة من عدمه»، مشيراً إلى أنّ «وجود عدد من المرشّحين المختلفين في الانتخابات القادمة يثبت دعائم المناخ الديمقراطي، وسيفيد الحياة السياسية».
أبو الفتوح يحسم أمره بعدم الترشّح
حسم رئيس حزب مصر القوية المرشح السابق للانتخابات الرئاسية عبد المنعم أبو الفتوح الجدل الدائر حول موقفه من الترشّح للانتخابات الرئاسية المقبلة، مُعلنًا في مؤتمر صحافي أمس عدم الترشّح.
وأوضح الحزب في بيان له، أمس: «إننا في حزب مصر القوية ندرك حجم التحديات التي تواجهها مصر والمصريون بسبب الأداء السلطات من ناحية، والعجز الأمني في مواجهة العمليات الإرهابية في سيناء من ناحية أخرى، والانقسام المجتمعي الهائل من ناحية ثالثة، إلّا أنّنا ندرك أنّ إقامة مسار ديمقراطي حقيقي هو ملاذنا لخلق بيئة سياسية مستقرة تسمح بتداول السلطة ومحاسبة المخطئين ودمج كل من يؤمن بدولة القانون دون تفرقة، بما يؤدي إلى استقرار حقيقي وتطور وتقدم مأمول».
وتابع البيان أنّ الهيئة العليا لحزب مصر القوية اجتمعت لمناقشة الموقف من الانتخابات الرئاسية المقبلة، وقررت عدم تقدم الحزب بمرشح في الانتخابات الرئاسية، لافتاً إلى أنّ «الحزب سيستمر في تقييم المشهد السياسي وأجواء الحريات المصاحبة لعملية الانتخابات والسعي مع القوى السياسية والشعبية للضغط للالتزام بالمسار الديمقراطي».
ويعد أبو الفتوح، الذي انشق عن جماعة الأخوان المسلمين في العام 2011، من أبرز السياسيين الإسلاميين في مصر، وكان ترشّح في انتخابات الرئاسة في 2012 وجاء في المركز الرابع إثر جولتها الأولى خلف كل من محمد مرسي وأحمد شفيق وحمدين صباحي.
وأعلن زعيم التيار الشعبي حمدين صباحي أول من أمس أنّه قرّر الترشح للانتخابات الرئاسية ليصبح أول شخصية سياسية تعلن عزمها على الترشح في هذه الانتخابات التي لم يحدد موعدها بعد.
وحتى الآن لم يعلن المشير عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع الذي يحظى بشعبية جارفة، ترشحه رسميا للرئاسة إلا أنه لم يخف عزمه على الترشح منذ عزل الرئيس الإسلامي السابق محمد مرسي في 3 يوليو الماضي. ويعد السيسي الأوفر حظاً للفوز في انتخابات الرئاسة.