تجددت أمس الاشتباكات بين مسلحي الحوثي ومسلحي حزب الإصلاح (الاخوان المسلمين) في منطقة الغيل بمحافظة الجوف شمال شرقي العاصمة اليمنية صنعاء، في وقتٍ أكد الرئيس عبد ربه منصور هادي أن تطبيق مخرجات مؤتمر الحوار هو الحل للمشاكل.
وقالت مصادر قبلية يمنية ان الاشتباكات تجددت بين المسلحين الحوثيين ورجال القبائل المحسوبين على تجمع الإصلاح في مديرية الغيل بمحافظة الجوف بعد هدنة استمرت عدة أسابيع.
وأفادت المصادر أمس ان الاشتباكات وقعت «بعد انهيار اتفاق وقف إطلاق النار بسبب تمسك كل طرف بشروطه، وبعد إرسال الطرفين تعزيزات مسلحة الى المديرية»، مشيرة الى ان «إصابات وقعت بين الطرفين في حين قتل جندي اثناء محاولة قوات الأمن فتح إحدى الطرقات».
وأوضحت ان «مسلحين قبليين أطلقوا النار على حملة أمنية كانت في مهمة لفتح احدى الطرق في مديرية العقبة». وأشارت المصادر الى أن «الطرفين استخدما الأسلحة الثقيلة والمتوسطة ولم يتبين حتى اللحظة سقوط أي قتيل».
وأوضحت أن تلك الاشتباكات «تأتي بعد يوم واحد فقط من اتفاق الطرفين بالالتزام بوقف إطلاق النار، حيث وقع الطرفان وقفا لإطلاق النار مع لجنة الوساطة الرئاسية المكونة من قيادات عسكرية وعدد من شيوخ مأرب والجوف والمرسلة إلى هناك منذ 19 يوليو الماضي».
موقف هادي
وبالتوازي، قال الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ان بلاده تواجه تحديات أمنية واقتصادية كبيرة، وطالب كل القوى بـ«العمل على إنجاز الدستور الاتحادي وتطبيق مخرجات مؤتمر الحوار باعتبار ذلك هو المخرج لكل مشكلات اليمن».
وخلال افتتاحه أعمال هيئة الرقابة على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار، قال هادي ان هذه الهيئة «واحدة من أهم الهيئات الوطنية الضامنة للانتقال للدولة المدنية المرجوة القائمة على أسس الشراكة الوطنية والمسئولة إذ أُوكل إليها الرقابة على تنفيذ ما أجمعت عليه كل القوى الوطنية ومنظمات المجتمع المدني والمرأة والشباب بمختلف الاتجاهات والأطياف السياسية والحزبية والتوجهات الفكرية».
وبين أن الهيئة «يقع على عاتقها ضمان إدراج كل مخرجات مؤتمر الحوار في الدستور الجديد الذي يراهن عليه الشعب اليمني لإيصال وطنهم إلى بر الأمان وانتشاله من خضم التحديات الكبيرة والأجواء العاصفة التي تحيط به للوصول إلى يمنٍ مستقر وآمنٍ خالٍ من الاستبداد والظلم والإرهاب يمن الرخاء والازدهار والتنمية الشاملة».
ونبه الرئيس اليمني إلى أن نتائج مؤتمر الحوار الوطني «ستظل حبرا على ورق ما لم تقم كافة الجهات بمراقبة تنفيذ مخرجاته على أرض الواقع وعلى رأسها الهيئة الوطنية للرقابة على مخرجات الحوار باعتبارها المتابعة والمشرفة على أعمال لجنة صياغة الدستور، وهو المشروع الأهم والعقد الذي ينتظره اليمنيون ليعبر عن ملامح الدولة التي نرجوها وفقا لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل».
واستطرد: «نلتقي في أجواء مؤلمة وتحديات أمنية واقتصادية اكبر». وأكد هادي ان «المعركة مع قوى الشر والإرهاب والغدر والخيانة والتخريب هي معركة مصيرية يجب أن يتكاتف فيها الجهد الشعبي مع الجهد الرسمي».
خلفية
كانت لجنة رئاسية نجحت أول من أمس في عقد اتفاق تهدئة بين الحوثيين و«الإصلاح»، بعد أسابيع من المواجهات المسلحة التي أدت الى مقتل وإصابة العشرات. وجرى اتفاق اللجنة على أن يتم تسليم المواقع المستحدثة للجيش، ورفع المتاريس إضافة إلى تبادل الأسرى بين الطرفين. البيان
نازحون يفكرون بالعودة إلى عمران
يتطلع آلاف النازحين الذين فروا بسبب المعارك الأخيرة التي اندلعت بين المتمردين الحوثيين والقوات الحكومية في مدينة عمران في شمال اليمن إلى العودة إلى ديارهم، لكن هناك تحديات كبيرة تواجههم.
وتشير البيانات الصادرة عن الأمم المتحدة إلى أن المعارك أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 200 شخص، وتسببت في نزوح ما لا يقل عن 35,000 آخرين. ويواجه كثير من هؤلاء النزوح لمرة ثانية كونهم كانوا فروا من مناطق أخرى عنيفة وفروا إلى مدينة عمران في الأعوام الأخيرة.
وفي الأيام الماضية، تجددت الآمال بإمكانية عودة النازحين داخلياً إلى ديارهم، نظراً لأن الأزمة أصبحت على ما يبدو في طريقها إلى التلاشي.
ويحيى وأسرته هم من بين الآلاف الذين خرجوا من عمران ويعيشون حالياً في العاصمة صنعاء بانتظار فرصة العودة إلى ديارهم. وحول الوضع الذي يعيشون فيه، قال يحيى: «لا يوجد طعام ولا مأوى، ولا خيام ولا مراحيض. حتى المراحيض الموجودة في الحديقة العامة مغلقة ولم تتح لنا إمكانية استخدامها».
ويعد التحدي القادم هو إعادة الأسر إلى ديارها، الأمر الذي بدأ بالفعل بشكل جدي. وزار منسق الأمم المتحدة الإنساني لليمن يوهانس فان دير كلوو مدينة عمران في 25 يوليو، وذكر أن المدينة كانت هادئة إلى حد كبير.
ولكنه قال إن «هناك مؤشرات على حدوث أضرار بالمباني في مدينة عمران وبيت بادي نتيجة للقصف والصواريخ وقذائف الهاون، إضافة إلى أدلة مزعجة حول إساءة استخدام البنية التحتية المدنية»، بما في ذلك استمرار احتلال إحدى المدارس من قبل المسلحين.
وهذا ما يشكل تحديات أمام عودة العديد من الأسر.
وفي هذا الإطار، قال مسؤول الشؤون الإنسانية في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية جون راتكليف إنه «على الرغم من أن سبل الوصول إلى المدينة متاحة إلى حد كبير للنازحين الراغبين في العودة، إلا أن مجموعتين من الناس ستواجهان تحديات كبيرة: هؤلاء الذين يعتقد بأنهم معارضون للحوثيين وهؤلاء الذين تعرضت منازلهم لأضرار جسيمة».
وهناك بعض النازحين، مثل قائد محمد، عادوا بالفعل إلى ديارهم.
فقد قام هو وأسرته بالعودة خلال عطلة عيد الفطر في 28 يوليو، بعد قضاء أسابيع في مستوطنة من الخيام في العاصمة. وعندما وصل وجد أنه لم يلحق بمنزله سوى أضرار طفيفة على الرغم من أن ثمة هدوءاً مخيفاً يخيم على الحي الذي يقيم فيه. وتعليقاً على ذلك، قال: «لا تزال المدينة أشبه بمدينة أشباح، ولكن ليس لدينا خيار آخر.
هذا أفضل بكثير من البقاء في الخيام خلال موسم الأمطار الحالي»، في إشارة إلى الطقس في صنعاء الجبلية. أما أحمد صلاح، وهو أب لثلاثة أطفال، فلم يكن محظوظاً مثل الأسرة السابقة. فقد علم من أصدقائه الذين ظلوا في عمران أن منزله دمر جزئياً في القتال.
وهذا الخبر قد جعله يشتاط غضباً ويقرر البقاء في العاصمة في المستقبل المنظور. وعن وضعه، قال متسائلاً: «إلى أين يفترض بي أن أذهب الآن؟ إذا لم يكن لدي منزل أذهب إليه هناك، فإن البقاء هنا في صنعاء كالبقاء في منزل أحد أقاربي في عمران».