رام الله – عبدالله ريان

تواصل العلاقات الأميركية الإسرائيلية طريقها في التراجع بموازاة التصعيد الدبلوماسي الذي يشعل أزمة حقيقية بين الإدارة الأميركية وحكومات حزب الليكود اليميني بزعامة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو المتعاقبة وما يدور من مواجهة دبلوماسية-سياسية بين الطرفين، خصوصا وأن البيت الأبيض قد أصابه التذمر من تعنت إسرائيل ومواقفها ومطالبها التي تهدد المصالح الأميركية في المنطقة، والتي لا تتناسب مع الصفيحة الساخنة للأحداث في منطقة الشرق الأوسط، غير أن إدارة البيت الأبيض تقف عاجزة في التصرف مع إسرائيل طفلتها المدللة المدعومة من الكونغرس الأميركي المرتهن بلوبيات الضغط اليهودي.

مؤشرات تراجع

مؤشرات عدة تؤكد تردي العلاقة بين الإدارة الأميركية الحالية وحكومة الليكود المتربعة على عرش إسرائيل، بين باراك أوباما وبنيامين نتانياهو وسابقاً بين بيل كلينتون ونتانياهو العصي على الترويض المعروف بعناده وتعامله مع أميركا بعجرفة حينما يتعلق الأمر بمطامع إسرائيل الكبرى، وسبق أن هدد نتانياهو فيما مضى بقدرته على قهر إدارة الرئيس كلينتون، وهو ما يسهل تكراره مع أوباما إذا ما فشل في احتوائه. وظهرت المواجهة الدبلوماسية-السياسية بين واشنطن وحكومة نتانياهو في مواقف كثيرة منها ما نشر في 28 من فبراير من العام الجاري عن كون «أوباما هدد بإسقاط طائرات إسرائيلية خططت لضرب مواقع نووية إيرانية» خلال العام 2014. وأخيراً الأخبار حول خطاب نتانياهو في الكونغرس الأميركي، والذي اعتبره رئيس الوزراء الاسرائيلي بالغ الأهمية من أجل منع إمكانية التوصل إلى اتفاق بين الدول الكبرى وإيران حول البرنامج النووي للأخيرة، والذي رافق الأخبار حوله في حينها تصريحات متعددة أعربت عن قلقها من إمكانية تدهور العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة. فيما يعتبر الخلاف حول الموقفين المتباينين لأميركا وإسرائيل حول الملف النووي الايراني من أهم تداعيات المواجهة لكنها ليست جوهرها الحقيقي.

أسباب التوتر

ومن جهته يجمل الكاتب د. ماهر الجعبري أسباب التوتر القديم والتدهور الجديد ويختزلها في نقطة مفصلية تؤكد على تباين وافتراق الرؤية الصهيونية-التوسعية للكيان اليهودي عن الرؤية الأميركية التي تحصر الكيان ضمن حل الدولتين بحسب الجعبري، الذي أضاف «لذلك ظلت حكومات حزب الليكود (ومنها حكومة نتانياهو) رافضة لأي معنى من معاني الكيان الفلسطيني (كدولة) ومنذ نشأته عام 1973، رفع حزب الليكود شعارات أكثر تطرفاً وتصريحاً بالعدائية من منافسه في حينه (حزب العمل)، وذلك استناداً إلى نظرات توراتية، ولذلك ظلت دولة يهود رافضة لمبدأ الانسحاب الفعلي إلى حدود 1967، لأنها تعتبر فلسطين أرضاً لليهود».

رفض الانسحاب وتنصل

وبشأن الرؤية السياسية لحزب الليكود التي يعبر عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي في خلال مرحلة حكمه الحالية بما ينسجم مع تلك الخلفية القديمة يشير الجعبري إلى وضوحها في خطابه الشهير في جامعة بار إيلان في 14 من يونيو عام 2009، حيث ركز فيه على السلام الاقتصادي (بما يضمن فتح الأسواق العربية، كمعنى من معاني التوسع اليهودي)، مع تطوير الحديث عمّا يشبه الدويلة الفلسطينية «منزوعة السلاح مع ترتيبات أمنية صلبة لدولة إسرائيل»، مؤكداً أن «الأماكن التي سار فيها إبراهيم... أرض آبائنا». وأشار الجعبري إلى قول نتانياهو «في رؤيتي للسلام يعيش في أرضنا الصغيرة شعبان حران جنباً إلى جنب».