أصبحت الأخبار حول اللجوء والهجرة مادة يومية تتداولها الوكالات ووسائل الإعلام، وبغض النظر عن أن هذه الأخبار تتركز بدرجة أساسية على الأنباء القادمة من البحر المتوسط، الذي تحول إلى بحيرة مهاجرين غير شرعيين، وسواحل ماليزيا وإندونيسيا، إلا أن تدفق اللاجئين أوسع من ذلك بكثير، ويتكاثر بوتيرة مقلقة، بالتزامن مع تفاقم الأزمات السياسية في أكثر من بلد في العالم.

معدلات الهجرة المرتفعة، لم تقتصر على حالات الهجرة واللجوء الخارجي، ولكنها أضحت متصلة كذلك بحالات التهجير واللجوء الداخلي في بلدان الأزمات، لا سيما في البلدان التي قاد فيها فشل السياسات المحلية والدولية في معالجة أوضاع معينة إلى تطور الأزمات السياسية إلى صراعات مسلحة أو حروب أهلية.

هذا الارتفاع في منسوب الهجرة واللجوء بات أكبر من قدرة المنظمات الدولية المعنية بالظاهرة على الاستيعاب ومواكبة الوضع الإنساني الناجم عن الظروف القاسية التي باتت تدفع الملايين إلى مغادرة بيوتهم، وفي أحيان بلدانهم نفسها. بينما يؤشر الوضع الذي تواجهه أوروبا ويقلق الاتحاد الأوروبي في البحر المتوسط، على العلاقة الهيكلية بين السياسات الدولية والوضع الإنساني في الدول المصدرة للاجئين والمهجرين.

حلول ناجعة

وبمعنى مؤكد، فإن الدول الأوروبية التي تشكو اليوم من ظاهرة الهجرة غير الشرعية، ويعييها البحث عن حلول ناجعة لها، هي بدرجة ما من صناع الأزمات التي قادت بالنتيجة إلى هذه الظاهرة؛ بينما الهجرة واللجوء هما في واقع الأمر فائض الأزمات، وحاصل لجوء الدول الأوروبية إلى تطبيق حلول قسرية معينة مشكوك بانسجامها مع القوانين الدولية، في الدول المصدرة للاجئين والمهجرين.

بالطبع، اكتشف الأوروبيون متأخراً أن مؤازرتهم لواشنطن في العديد من المواضيع والقضايا الدولية، التي فاقمت ظاهرة الهجرة، لم تكن تراعي المصالح الأوروبية نفسها تماماً؛ فالولايات المتحدة التي يفصلها عن العالم القديم محيط هائل، بقيت في منأى عن فائض الهجرة واللجوء، بينما تعاني الدول الأوروبية من تدفق هذا الفائض، عبر المتوسط بوتيرة متزايدة.

وبالمحصلة، فإن سياسات وحلول لا تراعي الوضع الإنساني، ولا تتحوط للنتائج، هي خطيرة بدرجة لا تقل عن الجرائم التي يمكن أن ترتكبها الأنظمة في البلدان المصدرة للهجرة واللجوء؛ بينما أصحاب هذه السياسات، وليس اللاجئين، هم من يتحملون المسؤولية عن هذه الظاهرة، ويتوجب أن يتحملوا تبعاتها وتعويض اللاجئين والمهجرين، الذين خسروا بيوتهم وبلدانهم.

يبقى أن حجم ظاهرة اللجوء والهجرة غير الشرعية مرشح للتفاقم، بينما لا يبدو لليوم أن هناك من يحاول إخضاع السياسات لمعايير الرشد، والحذر من مغبة المغامرة بالسكان في البلدان المرشحة للتحول إلى دول مصدرة للهجرة واللجوء.

وبالطبع، فإن هذه الأساليب ناجمة بالدرجة الأولى عن محاولة أوروبا، وهي شريك أساس في صنع هذه المشكلة، التملص من مسؤوليتها إزاءها. ولكن، لا يبدو في الأفق المنظور أي فرصة لتلافي تبعات ظاهرة اللجوء والهجرة غير الشرعية، دون عودة الاستقرار إلى دول الساحل الشرقي والجنوبي للمتوسط.

قطة مهاجرة

نجحت قطة في عبور آلاف الكيلومترات في رحلة هجرة غير شرعية إلى إيطاليا، بعد أن رافقت صاحبتها عبر الصحراء من السودان إلى ليبيا ثم على متن قارب إلى إيطاليا، مما دفع السلطات الإيطالية لأخذها إلى الحجر الصحي وتقديم وعد لصاحبتها بلم شملهما قريباً.

وقالت صحيفة لا ريبوبليكا اليومية، الثلاثاء، إن دورية بحرية بريطانية أنقذت القطة ذات اللونين الأبيض والأسود، واسمها لولا، هي وصاحبتها بعد أن اختبأتا من خفر السواحل ومهربي المهاجرين داخل حقيبة سفر على مدى الرحلة التي استغرقت أشهراً.