أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور أنور محمد قرقاش، رفض الإمارات لاستمرار الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث: طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، مطالباً باستعادة السيادة الكاملة على هذه الجزر، مُشدداً على الحاجة الملحة لوجود تعاون وتنسيق لاعتماد تصور عربي يفضي إلى إجراءات جدية لإنقاذ سوريا وصون أمن المنطقة، معتبراً أن تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة العربية يتطلب منا العمل الجاد والمتواصل لإنهاء كافة الأزمات التي نواجهها.

واستهل مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري اجتماع دورته الـ144 لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية أمس بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالوقوف دقيقة حداداً على أرواح شهداء الإمارات والسعودية والبحرين ضمن قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن إلى جانب شهداء حادثة سقوط الرافعة بالحرم المكي.

وأكد قرقاش خلال ترؤسه أعمال الدورة، التي بحثت مجمل قضايا العمل العربي المشترك الراهنة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ومشروعات القرارات المرفوعة بشأنها من قبل المندوبين، أن جميع الإجراءات والتدابير التي تمارسها السلطات الإيرانية تخالف مبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي وكافة الأعراف الدولية، قائلاً: «نكرر دعوتنا من هذا المنبر إلى المجتمع الدولي لحث إيران على التجاوب مع الدعوات السلمية الصادقة والمتكررة لتحقيق تسوية عادلة لهذه القضية، إما عبر المفاوضات المباشرة الجادة بين البلدين أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية للفصل فيها وفق مبادئ ميثاق الأمم المتحدة وأحكام القانون الدولي».

رفض تدخل

وجدد قرقاش رفض محاولات إيران التدخل في الشؤون الداخلية لبعض الدول العربية الشقيقة عبر إثارة القلاقل والفتن بين أبناء الشعب الواحد، مطالبا إياها إعادة النظر في سياستها تجاه المنطقة، ومراعاة سياسة حسن الجوار، والالتزام بمبدأ عدم التدخل في شؤون الدول. ولفت إلى أن استجابة إيران لهذه الدعوات المخلصة يصب في صالح استقرار المنطقة ودعم التعاون بين دولها، وهو ما يرقى بالعلاقات العربية الإيرانية إلى مرتبة أسمى، لكنه ما لم يتحقق بالقطع إذا ما أصرت إيران على التدخل في الشؤون العربية.

وأعرب عن أمنيته أن تسود بين العالم العربي وإيران علاقات تحقق المصالح المشتركة، مؤكدا أنه لا يمكن أن يتم ذلك إلا من خلال احترام إيران لمبادئ السيادة وعدم التدخل وحسن الجوار.

ظروف استثنائية

وأشار قرقاش إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة تتولى رئاسة هذه الدورة العادية في ظل ظروف استثنائية بالنظر إلى الأزمات وما يحيط بها من الأخطار التي تزايدت حدتها وتعقيداتها، مما يتطلب من الجميع مضاعفة وتكثيف العمل المتواصل والمنسق لمواجهتها والتعامل معها بصورة جماعية وجادة وفاعلة.

وأضاف أنه ليس خافياً ما تتعرض له الدول العربية من أخطار داهمة تُهدد وجودها وتنال من سيادتها وأمنها وتهُز استقرارها وسعيها نحو رفاهية شعوبها، معتبراً أن الدولة العربية الوطنية تُجابه تحدياتٍ تجعلها على المحك بين محاولات خارجية للتدخل في شؤونها الداخلية وأخطار داخليةٍ تتمثل في مؤامرات تُحاك من جماعات ذات أهداف أبعد ما تكون عن المصالح الوطنية، فضلاً عن النشاط الإرهابي المتزايد والمتسارع الذي يهز الأمن والسلامة الإقليمية هزاً عنيفاً ناهيك عن التدخل المنظم والمُمنهج من دول الجوار في شؤون وشجون العرب.

الأعمال الإرهابية

وأكد قرقاش أن الأعمال الإرهابية الإجرامية التي تهدد عالمنا العربي بالأساس قد وجدت للأسف بيئة حاضنة لها ودعماً ورعاية من قوى أُخرى، سواء بالتمويل أو التسليح بهدف النيل من أمتنا العربية، مشيراً إلى أن ما يزيد من خطورة هذا الإرهاب التستر بعباءة الدين الإسلامي الحنيف من ناحية، وانطلاقه نحو استهداف تراثنا الثقافي الحضاري بالتدمير والعبث والإساءة، إضافة إلى استهدافه لشباب الأمة بدعايات مضللة تفسد عليه عقيدته وإيمانه بوطنه.

وشدد على أن «حجم التخوف الذي يواجهنا يفرض علينا اتخاذ الإجراءات الفاعلة للتصدي لهذه الأخطار، لا سيما لحماية شباب الأمة العربية من الوقوع في براثن الدعايات الهدامة للجماعات الإرهابية ومحاولة تخفيف مصادر الدعم لها».

ترجمة القرارات

وأكد قرقاش أنه قد حان الوقت لترجمة القرارات المتعلقة بمكافحة الإرهاب، وعلى رأسها قرارات مجلس الجامعة على مستوى القمة، إلى سياسات وإجراءات وآليات قابلة للتطبيق على الأرض، وتفعيل كافة الاتفاقيات العربية لمكافحة هذه الظاهرة الإجرامية وضرورة استحداث الآليات القانونية والتشريعية لمكافحة هذه الجرائم، مشيراً إلى أن الإرهاب يستهدف اليوم تقويض أركان الدولة الوطنية الحديثة وتدمير مؤسساتها وهياكلها وتعريض سيادتها واستقلالها ووحدة ترابها لمخاطر حقيقية.

وأكد أن دولة الإمارات ترى ضرورة وضع خطوات متسارعة وفعالة للقضاء على هذه الظاهرة من خلال العمل على نشر وترويج الخطاب الديني الوسطي المعتدل الذي يعالج الإرهاب والتطرف، والتصدي لأفكار الغلو والتشدد والطائفية وتطوير الخطاب الإعلامي العربي من خلال ترسيخ قيم الوسطية والاعتدال التي تربينا عليها وتعلمناها في ديننا الإسلامي السمح، وأهمية وضع التدابير الوقائية لمنع التطرف الفكري والتحريضي على ارتكاب الأعمال الإرهابية.

اليمن والشرعية

وأكد قرقاش ضرورة العمل المتواصل والجاد الذي يحقق ويصون وحدة تراب اليمن واستقلاله السياسي، مطالباً المتمردين الحوثيين بالانصياع لكافة القرارات الدولية ذات الصلة وتنفيذها، خاصة قرار مجلس الأمن رقم 2216 وقرارات جامعة الدول العربية الصادرة عن اجتماع القمة العربية رقم 26 في شرم الشيخ، والتي طالبت جميعها بضرورة انسحاب قوات وميليشيات المتمردين من كافة المدن اليمنية وتسليم الأسلحة الثقيلة إلى السلطة الشرعية، وعدم إعاقة عمليات الإغاثة الإنسانية والإبقاء على القنوات الرئيسية عبر الموانئ والمطارات لدعم الجهود الإنسانية لمواجهة الظروف المقلقة هناك، والقبول بالمرجعيات السياسية المعتمدة دولياً، مع دعمنا الكامل لمخرجات الحوار الوطني لإنهاء الأزمة اليمنية تحت رعاية الرئيس عبد ربه منصور هادي.

كما أكد دعمه لجهود مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، لتنفيذ قرار مجلس الأمن 2216 والتوصل لحل سياسي للأزمة اليمنية.

«عونك يا يمن»

وأكد قرقاش أن الإمارات ملتزمة بتقديم كافة أشكال المساعدات للشعب اليمني الشقيق.

وأوضح أنه تعزيزاً للدور الإنساني، أطلقت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي أخيراً حملة كبرى تهدف إلى الوقوف إلى جانب الشعب اليمني ومد يد العون والمساعدة له لتمكينه من التغلب على الأوضاع الصعبة التي يعيشها، منوهاً بانطلاق الحملة تحت شعار «عونك يا يمن»، والتي تمتد لمدة شهر لمساعدة 10 ملايين يمني تأثرت أوضاعهم نتيجة الأزمة الحالية لحشد الدعم لصالح برامج ومشاريع هيئة الهلال الأحمر الموجهة للمتأثرين من الأحداث في اليمن وتخفيف معاناتهم، مبيناً أن هذه الحملة قد استطاعت هذه الحملة أن تجمع ما يزيد على 500 مليون درهم خلال الأيام القليلة الماضية.

ولفت إلى أن المبادرات المتواصلة التي تتبناها الإمارات قيادة وحكومة وشعباً تجاه الأشقاء في اليمن تجسد إيمانها التام بأن الوقوف إلى جانب اليمن ليس خياراً، بل هو ضرورة لا غنى عنها، وهو الأمر الذي يعد من ركائز السياسة الخارجية الإماراتية.

الدور السعودي

كما أشاد قرقاش بدور المملكة العربية السعودية الشقيقة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز التي بادرت بحشد التحالف العربي للتصدي للتمرد الذي قام به الحوثيون وحلفاؤهم ضد أمن وسلامة ووحدة أراضي اليمن الشقيق، معتبراً أن الدور السعودي في هذا الصدد إنما ينبثق من الإيمان بتكامل الأمن العربي في هذه المنطقة الهامة من العالم العربي والوقوف أمام محاولات التدخلات الخارجية في مقدرات الشعب اليمني وإثارة الحروب الطائفية بين أبناء الوطن الواحد.

شهداء الإمارات

وأشار قرقاش إلى أن دماء شهدائنا الأبرار الذين سقطوا دفاعاً عن الحق والعدالة والشرعية في اليمن لن تذهب سدى، بل سيزيدنا ذلك إصراراً وثباتاً على نهجنا ضمن إطار قوات التحالف العربي، لإزالة الظلم ونصرة الشعب اليمني الشقيق وإحقاق رسالة الحق والعدل لإنقاذ اليمن من قبضة الميليشيات المتمردة التي انقلبت على الشرعية وعاثت فساداً وتخريباً في ربوع اليمن.

الدعم للسوريين

وبشأن سوريا، أكد قرقاش أنه على خلاف ما يروجه البعض في المحافل السياسية والإعلامية من انتقادات على غير الحقيقة يشوبها تحريف مريب لموقف العديد من الدول العربية من مأساة الشعب السوري واللاجئين الهاربين من وطنهم، فإن دولة الإمارات وجرياً على سياساتها الثابتة لم تتوان في تقديم الدعم لأبناء الشعب السوري منذ عام 2011، حيث استقبلت أكثر من 100 ألف سوري من كافة الفئات المكونة للشعب السوري ليرتفع عدد السوريين في الدولة إلى 250 ألف مواطن سوري.

وفيما يتعلق بالأزمة السورية، أكد قرقاش ضرورة العمل على تحقيق الأمن والاستقرار في سوريا بما يحافظ على وحدة الأراضي السورية ومؤسسات الدولة السورية.

موضحاً أن تفاقم واستمرار هذه الأوضاع المأساوية يهدد أمن واستقرار المنطقة العربية، لذلك فالحاجة أصبحت ملحة لوجود تعاون وتنسيق لاعتماد تصور عربي يفضي إلى إجراءات جدية لإنقاذ سوريا وصون أمن المنطقة.

وفد الدولة

ضم الوفد الإماراتي برئاسة وزير الدولة: محمد بن نخيرة الظاهري سفير الدولة بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية، وأحمد عبد الرحمن الجرمن مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية، والمستشار عبد الرحيم يوسف العوضي مساعد وزير الخارجية للشؤون القانونية، واللواء فارس المزروعي مساعد الوزير للشؤون الأمنية والعسكرية، وشهاب الفهيم وكيل مساعد لشؤون المراسم، وعلي مطر المناعي مدير مكتب وزير الدولة للشؤون الخارجية، ويعقوب الحوسني مدير إدارة الشؤون القانونية بالوزارة، والدكتور جاسم محمد الخلوفي مدير إدارة الشؤون العربية، وعلي الشميلي مسؤول الجامعة العربية بمندوبية الدولة بالقاهرة.

الشهداء رصيد في تاريخ أمتنا

تقدم وزير خارجية اليمن رياض ياسين، خلال أعمال الجلسة، بخالص مشاعر العزاء للإمارات والسعودية والبحرين في استشهاد «عدد من أبنائنا وأشقائنا وهم يؤدون واجبهم القومي العربي الأصيل إلى جانب أشقائهم اليمنيين»، معتبراً ذلك رصيداً لديه مدلولاته العميقة والمستقبلية في تاريخ أمتنا العربية.

وأكد أن الجهود الكبيرة التي تبذلها قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية تعتبر انتصاراً للإرادة العربية التي توحدت مواقفها في التصدي لكل ما من شأنه المساس بالأمن القومي العربي. كما شدد على أن الحلول العسكرية تظل مؤقتة واضطرارية ولها ضروراتها التي يفرضها الواقع ومستجداته وتحدياته وما قامت به ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية وارتباطها بأطماع خارجية غير مشروعة. القاهرة- دار الإعلام العربية

لقاء مُغلق

عقد وزراء الخارجية العرب مساء امس جلسة خاصة ومغلقة حول الوضع في سوريا برئاسة وزير الدولة للشؤون الخارجية معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش وبمشاركة المبعوث الأممي الخاص بسوريا ستيفان دي ميستورا وحضور الأمين العام للجامعة نبيل العربي على هامش اجتماعات الدورة 144 للمجلس.