أعلنت الحكومة اليمنية مطلع العام الحالي بأن 2015 هو عام التعليم في اليمن، لكن الانقلاب الحوثي حوله إلى «عام نكبة» لهذا القطاع الحيوي، وحرمت الحرب المستمرة منذ خمسة أشهر أعدادا لا يستهان بها من التلاميذ من مواصلة العام الدراسي، إلا أن المناطق المحررة شهدت نهضة من كبوة التعليم وناقشت إعادة افتتاح الكليات والجامعات في عدن.

وتعرضت عشرات المدارس للقصف خلال الانقلاب الحوثي وتحول بعضها إلى ثكنات عسكرية وأماكن لإيواء النازحين، بحسب تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف). ويقدّر الناطق باسم المنظمة في اليمن محمد الأسعدي، عدد الأطفال الذين حرموا من مواصلة العام الدراسي بسبب الحرب بمليون و800 ألف طفل، وهم بذلك يلتحقون بأكثر من مليون و600 ألف طفل آخرين في سن التعليم كانوا خارج المدارس قبل الحرب.

وبحسب تقارير أممية، فإنه تم تدمير 41 مدرسة، بينما تشير تقارير أخرى إلى أن عدد المدارس التي تضررت بشكل كلي أو جزئي في مختلف المحافظات يفوق 200.

ولم يفكر الفتى اليمني فارس ناصر (16 عاما) يوما في ترك مقاعد الدراسة وحمل السلاح، لكنه أصبح مقاتلا في صفوف المقاومة الشعبية للدفاع عن محافظته مأرب ومواجهة مليشيات الحوثي، وهو حال العديد من زملائه الذين أجبرتهم الحرب على التوقف عن إكمال تعليمهم.

تحول إلى السلاح

وفي أواخر العام الماضي، وجد فارس نفسه مضطرا للتوقف عن إكمال مسيرته التعليمية في الصف الثاني الثانوي والالتحاق بإحدى تجمعات القبائل التي كانت تستعد لمواجهة الحوثيين القادمين إلى محافظة مأرب بعد سيطرتهم على العاصمة صنعاء.

وعن هذا التحول في حياته، قال فارس: «لم أفكر بحمل السلاح والقتال من قبل، لكن اعتداء مليشيات الحوثي على محافظتي دفعني للقيام بواجبي في الدفاع عن الأرض والشرف وترك الدراسة».

ثمن باهظ

في المقابل، يظل ثمن التوقف عن الدراسة أهون بكثير على الأسرة مقارنة بخسارة أحد أفرادها، كما حصل مع أسرة علي سعيد التي فقدت ابنها عمر الطالب في الصف التاسع في قصف عشوائي للحوثيين على منزلها في تعز.

يقول صلاح عن شقيقه الراحل: «كان أخي حزينا جدا ومحبطا لعدم أدائه امتحانات الشهادة الأساسية بسبب الحرب، حاولنا قدر الإمكان التخفيف عنه وتطمينه بالتعويض وتذكيره بأن أهم شيء صحته، وبعد أسبوع من تجاوز محنة الامتحانات تعرض منزلنا للقصف، وتوفي عمر وأصيب ثلاثة من أقاربنا..حلت علينا كارثة برحيل شقيق وأصبح الحزن لا يغادرنا على فراقه».

عودة التعليم

في المناطق المحررة الوضع بات مختلفاً، حيث عقد نائب الرئيس اليمني خالد بحاح لقاء بقيادة وعمداء جامعة عدن ونوابهم، ونوه بالدور التاريخي للجامعة والأجيال التي تخرجت منها، وأهمية دورها في المرحلة الحالية للمساهمة في إعادة تأهيل المجتمع نفسيا من خلال عقد الدورات وورش العمل والمحاضرات لعلاج الصدع الاجتماعي والنفسي الذي خلفته الحرب الظالمة التي شنتها مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية على المحافظة.