شدد سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، على ضرورة عدم إفلات المسؤولين الإسرائيليين والمستوطنين من المسؤولية القانونية إزاء ما ارتكبوا من جرائم بشعة، وتحميلهم المسؤولية الكاملة عن تلك الجرائم التي تعد جرائم الحرب، داعياً إلى تقديم كل مرتكبيها للعدالة الدولية، كما طالب سموه مجلس الأمن بالاضطلاع بمسؤولياته الكاملة، لاستصدار قرار لوضع الآليات والإجراءات الكفيلة لضمان حماية وسلامة المدنيين الفلسطينيين.
وطالب سموه مجلس الجامعة العربية باتخاذ قرار بشأن ما يمكن عمله لوقف الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية، ولحماية مقدساتنا وأبنائنا من الفلسطينيين، مؤكداً أن القضية الفلسطينية تبقى «قضيتنا الأولى»، وحث المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته إزاء ما ترتكبه إسرائيل.
بهدف تغيير الوضع القائم في القدس، فيما دان مجلس الجامعة العربية الإرهاب الرسمي المنظم الذي تمارسه إسرائيل وإرهاب المستوطنين، وما يرتكبه جيشها ومستوطنوها من انتهاكات جسيمة وجرائم فظيعة ترقى إلى جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية من قتل ممنهج واستيطان وتهويد وتطهير عرقي مستمر.
دعوة إماراتية
وترأس سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، في الرياض، أمس، الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب الذي دعت إليها دولة الإمارات لمناقشة تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، في ضوء تعثر عملية السلام والعدوان الإسرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني وأراضيه ومقدساته، وخطة التحرك المستقبلية على الساحة الدولية.
وشارك في الاجتماع الطارئ عدد من وزراء الخارجية العرب والأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي.
ووجه سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان الشكر والتقدير إلى المملكة العربية السعودية، برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، على استضافتها الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب.
التصعيد الخطر
وأشار سموه، خلال الكلمة التي ألقاها في بداية الاجتماع، إلى أن الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب يأتي بناء على التصعيد الخطر الذي تقوم به الحكومة الإسرائيلية والمستوطنون والجماعات اليهودية المتطرفة والقوات الإسرائيلية في مدينة القدس المباركة، حيث ترتكب إسرائيل يومياً أبشع الجرائم في حق الشعب الفلسطيني.
وتنتهك حرمات المسجد الأقصى المبارك وكل المقدسات الإسلامية والمسيحية دون وازع أو رادع، إلى جانب قتل واعتقال المواطنين الفلسطينيين أطفالاً ونساء وشباباً وشيوخاً، وتشريد المئات من منازلهم، وهدم الأبنية والمنازل الفلسطينية، مؤكداً أن المسؤولية الأولى تقع على إسرائيل في تصاعد أعمال العنف الناتج عن احتلالها المستمر للأراضي الفلسطينية، وإجراءاتها الباطلة بحق الشعب الفلسطيني.
كما أكد سموه أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى، وأن استمرارها دون حل عادل يشكّل الجاذب الأساس لقوى الإرهاب والتطرف بالمنطقة، كما تظل هذه القضية مفتاح أمن وسلم في المنطقة، فهي أساس كل التوترات.
وقال سموه: «لا يسعنا الحديث عن مكافحة الإرهاب ومواجهته، وعن دعم السلم والأمن الدوليين، في ظل هذه الجرائم المستمرة التي تُرتكب بهذه الصورة البشعة، ونرى أن تسويف الحكومة الإسرائيلية في عملية السلام أوصل المجتمع الدولي إلى هذا الوضع المحبط، برغم الجهود الدبلوماسية الحثيثة المبذولة».
العقاب
كما أكد سموه ضرورة عدم إفلات المسؤولين الإسرائيليين والمستوطنين من المسؤولية القانونية إزاء ما ارتكبوا من جرائم بشعة، وتحميلهم المسؤولية الكاملة عن تلك الجرائم التي تعد جرائم حرب، والتي يجب تقديم كل مرتكبيها للعدالة الدولية.
وأضاف سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان: «أنه من غير المقبول أن يتم التحدث عن عنف متبادل، وتشبيه المقاومة بالعدوان، خصوصاً في ظل اعتداءات المستوطنين المتكررة على الفلسطينيين، وتهديد الحكومة الإسرائيلية بفرض حصار كامل على الخليل».
وقال سموه: «إننا مدعوون إلى حث المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته إزاء ما ترتكبه إسرائيل، بهدف تغيير الوضع القائم في القدس، من خلال تبني خطاب متطرف ومتوتر، وإجراءات لا إنسانية تجاه شعب يرزح تحت احتلال غاشم هناك، ومن هذا المنطلق تتحمل سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن التصعيد الحالي.
ونكرر طلبنا المتمثل في توفير نظام حماية دولية للشعب الفلسطيني، بوصفه مطلباً عاجلاً وضرورياً لحماية شعب أعزل من إرهاب مستعمر، وذلك في ضوء اتفاقات جنيف الأربعة لعام 1949، والبروتوكولات اللاحقة لها، لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، والرفع الفوري لكل أشكال الحصار الإسرائيلي الجائر على الأراضي الفلسطينية المحتلة».
وطالب سموه مجلس الأمن بالاضطلاع بمسؤولياته الكاملة، لاستصدار قرار لوضع الآليات والإجراءات الكفيلة لضمان حماية وسلامة المدنيين الفلسطينيين، خاصة أن مجلس الأمن أكد في العديد من قراراته انطباق اتفاقية جنيف الرابعة على الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، بما في ذلك القدس الشرقية، أو أن يتم التوجه إلى الدورة الاستثنائية الطارئة للجمعية العامة، لاستصدار قرار ينص على توصيات بتدابير وإجراءات محددة، لوقف الاعتداءات الإسرائيلية، وإقرار نظام حماية دولية.
زعزعة الاستقرار
كما أكد سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان أن استمرار احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، وعدم قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، واستمرار إسرائيل في ممارسة سياسة الاستيطان ومصادرة الأراضي، تسهم في زعزعة الاستقرار والأمن في المنطقة.
وأكد سموه أهمية دعم الجهود الكبيرة التي تقوم بها المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة في الدفاع عن المقدسات في القدس الشريف، وفي إطار الرعاية الهاشمية التاريخية للمقدسات التي يتولاها الملك عبد الله الثاني بن الحسين، ملك المملكة الأردنية الشقيقة، الوصي على المقدسات.
وأشاد سموه بالدور الكبير الذي تقوم به المملكة المغربية، بقيادة الملك محمد السادس، ملك المملكة المغربية الشقيقة، رئيس لجنة القدس في الدفاع عن القدس الشريف، وعن هويته العربية والإسلامية، وعن دعمه لصمود أهل القدس الذي يتجلى من خلال جهوده وتحركاته المستمرة لدعم القضية والشعب الفلسطيني في المحافل الدولية كافة.
وشدد سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، في ختام كلمته، على ضرورة اتخاذ قرار بشأن ما يمكن عمله لوقف هذه الجرائم والانتهاكات، ولحماية مقدساتنا وأبنائنا من الفلسطينيين من هذه الجرائم العنصرية التي تستوجب منا الوقوف وقفة جادة، تدفع المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته تجاه تلك الجرائم والانتهاكات الخطرة.
مؤكداً: «وتبقى القضية الفلسطينية قضيتنا الأولى، ودورنا من خلال مجلسكم الموقر هو الدعم المستمر للإخوة في فلسطين، وأن نسعى معاً إلى بلورة موقف جاد وفعال تجاه هذه التطورات الخطرة».
حضر الاجتماع معالي محمد بن نخيرة الظاهري، سفير الدولة لدى جمهورية مصر العربية، ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية.
شكراً للإمارات
وبعد كلمة الأمين العام للجامعة العربية، دعا سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان إلى عقد جلسة عمل مغلقة.
ودان مجلس الجامعة الإرهاب الرسمي المنظم الذي تمارسه إسرائيل والمستوطنين مع تأكيده ضرورة العمل لتقديم مرتكبيه إلى العدالة الدولية.