يعرف رامي أدهم تماما ما الذي يرسم ابتسامة عريضة على وجوه الأطفال السوريين. وقد أصبح السوري الفنلندي، وهو أب لستة أطفال، معروفا باسم "مهرب ألعاب الأطفال في حلب".
يقول أدهم إن الإحساس المصاحب لتوزيع الألعاب، على أطفال يعيشون في حرب عمرها أكبر من عمر كثير منهم، "لا يوصف".
ويضيف: "الابتسامة التي يبتسمونها في وجهك وشعورهم بالامتنان...لأنك ساعدتهم على نسيان أنهم قد فقدوا منازلهم ومدارسهم وألعابهم".
ومع عدد زياراته إلى سوريا من هلسنكي، والذي بلغ 28 زيارة، أصبح أدهم متمكنا من آليات عمله.
دمى باربي ثقيلة، وهو يقول إنه يحشر على الأقل 100 دمية داخل حقيبة يده. كما يحزم المئات من الألعاب المرنة، ويختارها لأنها يمكن تعبئتها جيدا في الحقائب الفارغة دون أن تتعرض للكسر.
وبعد سفره من هلسنكي إلى تركيا، يحمل نحو 70 كيلوغراما من الألعاب سيرا على الأقدام، عبر المناطق الجبلية الحدودية للعبور بها داخل سوريا، وذلك لأن الحدود الرسمية مغلقة أمام معظم حركات المرور.
وتستغرق هذه الرحلة في بعض الأحيان 16 ساعة، وفي أحيان أخرى يتمكن من اختصار الطريق ليستغرق وقتا أقصر.
لكن قبل رحلته الأولى اقترحت عليه ابنته، وكان عمرها حينها ثلاث سنوات، أن يصطحب معه ألعابا للأطفال، وكانت ردة فعل الأطفال هي ما جعله يكرر الرحلة مرات ومرات.
ويقول: "هذا الإحساس هو ما يغذيني، إنه يشحن بطارياتي".
ويضيف: "هؤلاء الأبطال الصغار، الذين يمثلون مستقبل سوريا، شيء ثمين بالنسبة لي يجب الحفاظ عليه، ويجب أن نوفر لهم لحظة بعيدا عن الخوف وعدم الاستقرار".
لكن طفلة تبلغ من العمر ست سنوات علقت في ذهن أدهم. إنها لم تتحدث البتة.
وقيل له إنها شاهدت والدها، حينما جاءت قوات حكومية وداهمت منزله ووضعت الرجل داخل خزانة للملابس ثم أشعلت فيه النيران"، كما أخذوا أمها إلى مكان غير معلوم.
ويقول: "لقد صرخت إلى أن فقدت صوتها".
وزارها أدهم عدة مرات، وأعطاها دمية باربي ودمية حصان، و"كان رد فعلها دائما لا يتغير. ابتسامة جميلة".
كثير من الأطفال الذين يلتقيهم أدهم يتمتهم الحرب. يقول أدهم: "لا توجد مدارس، أو أي شيء. إنهم دائما متحصنون في مبنى من طابقين أو تحت الأرض".
ويضيف: "لم يعد الأطفال خائفين من الموت. إنهم يتمنون الموت بدلا من الإصابة. إنهم يقولون إنك إذا مت فلن تعاني بعدها".
وعاد أدهم مؤخرا من رحلة إلى سوريا استغرقت 12 يوما.
لكن أدهم لم يتمكن من العثور على طريق آمن إلى الجانب الشرقي المحاصر من مدينة حلب، التي نشأ بها والتي تكون عادة محورا لزياراته لسوريا.
ويقول أدهم: "تعجز الكلمات عن الوصف. ليس من السهل أن ترى بلدتك أمامك مباشرة، بعد سفر كل هذه الآلاف من الأميال، ولا تستطيع الدخول إليها. أشعر أنني تخليت عن أهلي في حلب. أشعر أنني لم افعل أي شيء".
ومع انتهاء الهدنة التي استمرت لأسبوع، غادر أدهم للعودة إلى فنلندا، وتضرر المقر الذي أسسه في مدينة حلب في غارة جوية، وقتل خلال الغارة تسعة أشخاص من بينهم صديقان مقربان منه.
ويقول أدهم: "والآن حرفيا يسبح الأطفال في الحفر التي تنتج عن القصف".
ويأمل في العودة لسوريا في غضون أسابيع قليلة، لكنه يقول إنه متشائم. ويضيف: "لقد سمعت عن كثيرين ممن أعرفهم قد ماتوا. أنا مذعور حقا، وقلق بشأن الرحلة القادمة".
لكن إذا عاد لسوريا مرة أخرى، فإن "لعب الأطفال ستكون على قمة أولوياته" حسبما يقول.