أصبح يوسف الشاهد في أواخر شهر أغسطس الماضي أصغر سياسي يتسلم رئاسة الحكومة في تونس منذ استقلالها عن فرنسا في العام 1956.

جاء الشاهد، الحاصل على دكتوراه في العلوم الزراعية من جامعة فرنسية، ودرّس في جامعات فرنسا واليابان والبرازيل وعمل خبيراً في مجال تخصصه مع دول ومنظمات دولية عدة، في ظرف تونسي صعب، وحزمة من القضايا العالقة.. ومعه برنامج اقتصادي صعب.

درس الشاهد الاقتصاد وتخرج مهندساً في الاقتصاد الفلاحي من المعهد الوطني للعلوم الفلاحية في العام 1998 وكان الأول على دفعته. وفي العام التالي، حصل على شهادة العلوم المعمقة في اقتصاد البيئة والموارد الطبيعية، وعين أستاذاً جامعياً في المجال نفسه، كما حصل على الدكتوراه في العلوم الفلاحية من المعهد الوطني الفلاحي في باريس في العام 2003، وأصبح خبيراً دولياً في السياسات الفلاحية وتنمية الموارد الطبيعية.

ومشهود للشاهد وضع وتخطيط سياسات التعاون في ميدان الأمن الغذائي، وإنجاز المشاريع الفلاحية والدعم التقني، وتطوير الشركات التعاونية في تونس.. ولكن بدايات عهده كانت حبلى بانتقادات نظراً لتبنيه سياسة «شد الحزام».

لعل أبرز الملفات على رأس أولويات الشاهد، ملف إفلاس المؤسسات العمومية؛ حيث يبلغ ثقل هذه المؤسسات في الاقتصاد نحو 11.5 في المئة، والاعتصامات والإضرابات الداخلية جراء تدهور الأوضاع الاقتصادية، فضلًا عن التهديدات الإرهابية التي تلاحق تونس بين الحين والآخر.

حدّد الشاهد عقب تكليفه تشكيل الحكومة خمس أولويات للعمل الحكومي: كسب المعركة ضدّ الإرهاب، والتصدّي للفساد، ورفع نسق النموّ، إلى جانب التحكم في الموازنات المالية، والعناية بالنظافة والبيئة.

وعلى المستوى الحزبي، تبدو أمامه مهمة صعبة. فـ «نداء تونس» أصبح حزبين بعد استفحال الخلافات بين حافظ السبسي (نجل الرئيس الباجي قايد السبسي) والأمين العام السابق للحزب محسن مرزوق الذي انشق مع عدد من النواب وأسّسوا حزباً جديداً ما أفقد «نداء تونس» الأكثرية البرلمانية لصالح حركة النهضة التي حلت ثانية في الانتخابات التشريعية.

تجمع كل الأطراف على أنّ الشاهد «رجل نزيه ومثابر في العمل ولا ينتمي إلى لوبيات»، وعلى أنّه «يعرف جيدا مشاكل تونس» خصوصاً خلال توليه وزارة الشؤون المحلية في حكومة الحبيب الصيد. ولكن ما يؤخذ عليه، عمله في السفارة الأميركية لدى تونس.

وكذلك عدم وضوح خطه السياسي، فهو بعد الثورة في أواخر العام 2010 أسّس حزب طريق الوسط، ثم انضم إلى القطب الديمقراطي الحداثي (ائتلاف احزاب يسارية) ثم الحزب الجمهوري (يسار وسط) قبل أن يلتحق في 2013 بحزب نداء تونس الذي أسّسه الباجي قايد السبسي في 2012. ولكن السؤال الذي يبقى بحاجة إلى إجابة: هل يستطيع خبير الزراعة النجاح في ما فشل فيه الصيد الذي يحمل شهادة الماجستير من الولايات المتحدة في الاقتصاد الزراعي؟