يمثل السياج الفاصل شرق قطاع غزة المعاناة الحقيقية للمزارعين، خاصة وأن الأراضي تنتشر مع طول السياج الفاصل من جنوب القطاع إلى شماله. وتعتبر الأراضي الحدودية المساحة الأكبر في القطاع للمزارعين، نتيجة ضيق مساحات الأراضي الزراعية في المدن، وبناء مساكن عليها في المخيمات.
فمع شقشقة كل صباح يتوجه عدد كبير من مزارعي غزة إلى أراضيهم الواقعة على بعد أمتار من السياج الفاصل ليبدؤوا رحلة الكفاح والصمود مع الاحتلال الإسرائيلي، لكن الأرض تتحول إلى مصيدة في كثير من الأوقات، حيث يتم اصطيادهم وإطلاق النار عليهم من جنود الاحتلال المتواجدين في الثكنات العسكرية المراقبة للسياج الفاصل.
ويواجه المزارعون معركة حياة أو موت بين أنياب جنود الاحتلال المتواجدين على بعد أمتار منهم، فقد لا يعود المزارع لبيته بعد انتهاء عمله، نتيجة رصاصة من جنود الاحتلال تفقده حياته، أو نتيجة اشتباك مسلح في المكان يذهب المزارع ضحيته.
معاناة يومية
محمد أبو مغصيب (47 عاماً) أحد سكان المنطقة الحدودية شرق دير البلح، ويعمل مزارعاً في أرضه الواقعة بالقرب من السياج الفاصل، يتجه يومياً لأرضه مع أبنائه لرعاية محاصيله. ويصف أبو مغصيب حياته بالمعاناة في ظل اقتناص رزق أبنائه من بين أنياب الموت، حيث يعتدي عليهم جنود الاحتلال بشكل شبه يومي، بإطلاق النار من الأبراج العسكرية والجيبات المصفحة على طول السياج.
ولا يخلو الأمر من التوغلات المتكررة لدبابات وجرافات الاحتلال للمناطق الحدودية وتنفيذ عمليات تجريف للأراضي، في محاولة من الاحتلال لكسر صمود المزارعين ومنعهم من زراعة أراضيهم، تحت حجة البحث عن ألغام في المنطقة.
واتجه بعض المزارعين للمواسم الزراعية التي لا تحتاج إلى رعاية يومية، حيث يمكن جني هذه المحاصيل مبكراً. ويحاول المزارعون في بعض الأوقات جني محاصيلهم الزراعية بوجود وفود متضامنين من الأجانب ليوفروا لهم بعض الحماية، بمنع جنود الاحتلال من إطلاق النار عليهم.
قصف تدميري
وتتعرض الأراضي الزراعية للتدمير بعد إطلاق جنود الاحتلال قذائفهم الصاروخية باتجاهها، كما تقوم الطائرات الشراعية الإسرائيلية برش مبيدات سامة على الأراضي الزراعية الفلسطينية بين الفينة والأخرى، لقتل الأشجار والنباتات التي تنمو قرب السياج الفاصل، بذريعة أنها تعزل رؤية جنود المراقبة.
وزادت معاناة المزارعين الفلسطينيين بعد الحرب الأولى على غزة عام 2008، وإعلان الاحتلال مسافة 300 متر طول الحدود الشرقية للقطاع منطقة عازلة يحظر دخولها، وتدرجت بعدها ليتم تقليص المساحة إلى 150 مترا.
دعم
قال مدير عام الإرشاد في وزارة الزراعة المهندس نزار الوحيدي، إن وزارته تدعم المزارعين الفلسطينيين خاصة بعد المضايقات التي يتعرضون لها قرب السياج الفاصل، حيث تحارب إسرائيل المزارعين في رزقهم وتمنعهم من جني محاصيلهم.