أكدت محطة بي بي سي في تقرير لها بعنوان «هل تخيم الأزمة على اقتصاد قطر وشركة طيرانها؟»، استندت فيه إلى آراء محللين أن هذه الدولة برقعتها الجغرافية الصغيرة الواقعة على الساحل الشمالي الشرقي من شبه الجزيرة العربية، والتي لا يزيد عدد سكانها على 2.7 مليون نسمة، تسعى للعب دور أكبر من وزنها.

وأضافت أن الناس عرفوا بأمر هذه الدولة إلى حد ما من خلال شركة طيرانها «القطرية» وشبكتها الإخبارية «الجزيرة» وفوزها باستضافة فعاليات كأس العالم 2022. وبذلك نجحت في جذب شركات متعددة الجنسيات لافتتاح مكاتب لها هناك. غير أن التطويرات الأخيرة تنبئ بوجود مخاطر كثيرة.

ومن المؤكد، بحسب التقرير، أن أكبر الخاسرين سيكون شركة الطيران القطرية، حيث ستتوقف رحلاتها إلى أماكن مثل دبي وأبوظبي والرياض والقاهرة. وهذا في طياته يشمل عددا كبيرا من الرحلات.

وقالت الخطوط القطرية إنها ستلغي خدماتها إلى السعودية، موضحة أنها ستوفر خيارات بديلة للعملاء الذين ستتأثر رحلاتهم بما فيها إعادة ثمن التذاكر غير المستخدمة.

غير أن حظرها من مساحة فضائية واسعة في المنطقة يمكن أن يسبب مشكلة رئيسية، بإجبارها على تغيير مسار رحلاتها، مما سيضيف زمنا إضافيا على رحلاتها. زد على ذلك ارتفاع فاتورة الوقود، الأمر الذي سيقض مضاجع المسافرين.

ويقول غانم نسيبة مدير شركة الاستشارات كورنر ستون جلوبال: إذا كانت الرحلة إلى أوروبا تستغرق 6 ساعات، فإنها ستستغرق الآن ما بين 8-9 ساعات، بسبب اضطرارها لتغيير مساراتها، وهذا يجعلها أقل جاذبية وسيبحث الركاب عن أماكن أخرى.

وذكر التقرير أن مشاريع البناء في قطر ستتأثر بشدة، حيث هناك ميناء جديد، ومنطقة طبية حرة، ومشروع مترو وثمانية استادات لكأس العالم 2022 هو غيض من فيض مشاريع بناء كبرى قائمة في قطر الآن، أما مواد البناء الرئيسية بما فيها الأسمنت المسلح والحديد فتأتي عبر السفن، وبراً من السعودية المجاورة. وإن إغلاق الحدود قد يرفع الأسعار ويؤدي إلى حدوث تأخير في تلك المشاريع، ونقص المواد يشكل تهديدا يلوح في أفق صناعة البناء في قطر. وهذا يجعل الأمور أكثر سوءاً.

كما أن الإغلاق المطول للمجال الجوي والحدود البرية سيقود إلى «فوضى عارمة» في الإطار الزمني وتسليم المشاريع الخاصة بكأس العالم، كما بيّن كرستينان اولرشتتين خبير الخليج في معهد بيكر الأميركي.

ويرى نسيبة أن ثمة شركات خليجية كثيرة تتواجد في قطر بما فيها تجارة التجزئة. ومن المحتمل أن تعمد إلى إغلاق أبوابها مؤقتا على الأقل.

تهديدات جدية

بدورها، قالت بلومبيرغ في تقرير لها أمس إن المغانم الكبيرة التي جنتها قطر من كونها أكبر مصدر للغاز الطبيعي في العالم مكنتها من جمع استثمارات بنحو 335 مليار دولار حول العالم من خلال صندوق ثروتها السيادي، أما الآن وفي ضوء هذه الخصومة الدبلوماسية مع الدول المجاورة فإنها عرضة لتقويض قدرة هيئة قطر للاستثمار على الاستمرار في إبرام صفقات عالمية مهمة.

زيادة المخاطر

وأشار سفن بيرهارد العضو المنتدب لشركة استشارات المخاطر السياسية «جيواكونوميكا جي ام بي اتش» إلى أن المخاطر المحتملة التي سيواجهها المستثمرون القطريون بما فيها هيئة قطر للاستثمار، ستتزايد، وأن إجراء تعاملات وصفقات جديدة سيكون بالغ التحقيق، وستكون خاضعة لعملية تدقيق وتمحيص مشددة. مضيفاً أن قطر مشت على خط واهن بدعمها للمجموعات الإرهابية في أماكن عدة من الوطن العربي، مما أثار ردود فعل من جيرانها.

وأضاف بيرهارد إن خططها لزيادة استثماراتها في الولايات المتحدة قد تلقى مصاعب في ظل عدائها الدبلوماسي مع الدول العربية. مؤكدا أنه في حال فاقمت هذه الأحداث الجدال حول صلات قطر بالقوى المتطرفة والدور الذي تلعبه تلك القوى في الإرهاب العالمي، فإن على الشركات أن تتدارس الأمر على الأقل من منظور المخاطر.

أحضان طهران

وأدلى رحمة الله مهابدادي مدير عام شركة المطارات والأسطول الجوي الإيراني بتصريح لراديو بيام ونشرته بلومبيرغ، أن الشركة أجرت الاستعدادات اللازمة لاستقبال بين 100-150 رحلة إضافية من قطر في غمرة الخلاف القائم بينها وبين الدول العربية المجاورة.

وكانت الخطوة التي تهدف إلى المساعدة في حل مشاكل حركة السفر الجوي القطرية بدأت في الساعة 4.30 صباح أمس بالتوقيت المحلي.

إلى ذلك هبط الريال القطري مقابل الدولار الأميركي في السوقين الفورية والآجلة أمس، بسبب المخاوف إزاء الأثر الاقتصادي على قطر في الأمد الطويل بعد أن قطعت السعودية والإمارات العربية المتحدة العلاقات معها.

السوق الفورية

وبلغ سعر بيع الدولار 3.6470 ريالات في السوق الفورية وهو أدنى مستوى منذ يونيو 2016 أي خلال عام كامل، وفقا لبيانات تومسون رويترز ويربط البنك المركزي الريال القطري عند 3.64 ريالات للدولار ويسمح بتقلبات محدودة حول هذا المستوى.

وجرى تداول العقود الآجلة استحقاق عام للدولار مقابل الريال منخفضة 275 نقطة، مقارنة مع إغلاق أمس الأول البالغ 250 نقطة ومستويات عند نحو 180 نقطة أساس قبل اندلاع الأزمة الدبلوماسية.

والمستويات الجديدة لا تشير حتى الآن إلى ضغوط كبيرة لخفض قيمة الريال عن مستوى الربط مع الدولار. وتنطوي العقود الآجلة استحقاق عام واحد على خفض لقيمة الريال بما يقل عن واحد بالمئة خلال الاثني عشر شهرا القادمة.

شلل الريال

من جهة أخرى، توقفت بعض البنوك السريلانكية عن شراء الريال القطري أمس قائلة إن نظيراتها في سنغافورة نصحتها بعدم قبول العملة القطرية، وذلك بعد يوم من قطع أكبر قوى عربية علاقاتها مع الدوحة.

وقال متعامل كبير في العملة في أحد هذه البنوك لرويترز «البنوك في سنغافورة طلبت منا عدم شراء الريال القطري».

وذكر متعامل من بنك حكومي أن المتعاملين ينتظرون توجيهات البنك المركزي بشأن الريال القطري. وكان البنك يشتري الريال مقابل 39.09 روبية سريلانكية في السابق مقارنة مع 39.40 في إغلاق الاثنين.

وأبلغ مسؤولون في المطار الرئيسي في البلاد رويترز أن الركاب شكوا من أن البنوك في المطار توقفت عن شراء الريال القطري. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن ما بين نحو 50 و60 ألف سريلانكي غادروا في كل عام من العامين الماضيين للعمل في قطر.

توجيهات مرتقبة لـ «المركزي» بشأن المعاملات المصرفية

قالت مصادر مطلعة لرويترز، إن مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي يجهز ترتيبات للبنوك الإماراتية بخصوص المعاملات المرتبطة بقطر بعد عقد اجتماع، أمس، لمناقشة الإجراءات التي سيتخذها في ظل الخلاف الدبلوماسي في المنطقة.

وفي وقت سابق طلب البنك المركزي من البنوك الخاضعة لإشرافه الإفصاح عن انكشافها على البنوك القطرية بعدما قطعت حكومات الإمارات والسعودية والبحرين ومصر العلاقات الدبلوماسية وخطوط النقل مع الدوحة، أول من أمس، واتهمت الدوحة بدعم الإرهاب.

وأوضحت المصادر أن التوجيهات ستضع قيوداً على المشاريع الجديدة مع المؤسسات القطرية وتعالج مسألة فض الانكشاف على قطر.

«موانئ دبي» تمنع رسو السفن القطرية

أكدت موانئ دبي العالمية أنها لن تسمح لسفن الحاويات التي ترفع العلم القطري أو المتوجهة إلى قطر أو تلك القادمة منها بالرسو في أي من المحطات التابعة للشركة في الإمارات حتى إشعار آخر.

وقالت موانئ دبي العالمية إن هذا الإجراء يأتي تماشياً مع قرار حكومة دولة الإمارات بقطع العلاقات مع قطر وإغلاق كافة المنافذ البحرية والجوية أمام الحركة القادمة والمغادرة إلى قطر ومنع العبور لوسائل النقل القطرية كافة.

تعليق المعاملات المصرفية مع البنوك القطرية

نقلت وكالة رويترز عن مصادر مطلعة قولها إن بنوكاً إماراتية عديدة أوقفت تقديم القروض الجديدة للعملاء لشراء سندات الشركات والكيانات الحكومية القطرية، مع توخي البنوك الحذر بشأن الائتمان القطري، فيما علقت مصارف إماراتية وسعودية وبحرينية المعاملات مع البنوك القطرية ومنها خطابات الاعتماد.

وتقديم القروض لتمويل شراء سندات الشركات ممارسة شائعة تتيحها البنوك لعملائها الموسرين وذوي الثروات الضخمة. وقال مصدر مطلع «البنوك المحلية توقفت عن تقديم التمويل فيما يتعلق بالسندات القطرية».

وقال مصدر ثان إن البنوك قررت وقف الخدمة للحد من المخاطر في أعقاب قرار بعض دول الخليج العربية ومصر قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر. وتقول السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين واليمن ومصر إن قطر تدعم الإرهاب، مما أوقد شرارة أسوأ خلاف في سنوات بين بعض أبرز الدول في العالم العربي.

وقد يكون لنهج البنوك الحذر أثر على نشاط السوق الثانوية للسندات القطرية، حيث يعزف المشترون أصحاب الثروات الكبيرة. وطلبت المصادر عدم كشف هويتها لأنها غير مخولة بالتحدث إلى وسائل الإعلام.

وفي سياق متصل، قالت مصادر مصرفية لرويترز أمس، إن بعض البنوك التجارية في السعودية والإمارات تعلق تنفيذ معاملات مع البنوك القطرية مثل خطابات الاعتماد بسبب الخلاف الدبلوماسي في المنطقة.

وأضافت المصادر أن البنوك التي طلبت عدم نشر أسمائها ترجئ المعاملات إلى حين تلقي توجيهات من البنكين المركزيين للبلدين بشأن كيفية تنفيذ التعاملات مع قطر.

وقالوا إن مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي طلب من بنوك في البلاد الإفصاح عن تفاصيل انكشافها على البنوك القطرية، وإن مصرف البحرين المركزي اتخذ خطوة مماثلة وحدد الخميس كموعد أخير للحصول على المعلومات.

ولم يرد البنك المركزي الإماراتي على طلب للتعليق ولم يتسن على الفور الاتصال بمسؤولي البنك المركزي البحريني للتعقيب. ومن جانبها، وجهت مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) البنوك في المملكة بعدم التعامل مع البنوك القطرية بالريال  القطري.