في إطار سياسة الهجوم المعاكس الذي تتبعه قطر في التعامل مع الأزمة الراهنة التي أوقعتها فيها ممارساتها العدائية ضد دول المنطقة، وتمويلها ودعمها للإرهاب وتوفيرها الملاذ الآمن لقياداته، تعمل الدوحة على استدعاء الغرب من خلال محاولة تشويه دول المقاطعة ونشر الشائعات ضدها، وكذا من خلال خطاب المظلومية المستنسخ من الخطاب "الإخواني"، فيما يرى محللون بأن مراهنة نظام الدوحة على تشوية سمعة دول المنطقة في المحافل والمجتمعات الدولية تؤكد انفصاله عن الواقع.
وفي إطار تسخير الدوحة إمكانياتها المادية في سبيل محاولات تشويه دول المقاطعة، دشنت حساباً بالإنجليزية هاجمت فيه دولة الإمارات على خلفية الموقف القوي الذي تتخذه ضد الدوحة في إطار الرباعي العربي الداعي لمكافحة الإرهاب، واستمراراً لممارسات قطر في استخدام نهج التضليل ونشر الأخبار الكاذبة. وتبعثر قطر أموالها في خضم عنادها السياسي ومحاولة الهروب من حقيقة فحواها أن لا حل سوى الرضوخ لمطالب الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، وطرق باب الرياض للتفاوض مع الرباعي العربي عقب الاستجابة للمطالب إن أرادت الدوحة حلاً لأزمتها.
لكن تنظيم الحمدين غير مدرك لمدى الأزمة التي يواجهها في الوقت الراهن، ولا حجم المشكلة التي أغرق الشعب القطري فيها بسياساته المختلفة ودعمه للإرهاب، حسبما يقول الخبير الاستراتيجي المصري اللواء محمود منصور.
عناد
وانطلاقاً من حالة عدم الإدراك الراهنة، فإن تنظيم الحمدين ماضٍ في سياسة العناد والمكابرة ومواصلة الهجوم على دول المقاطعة بشتى السبل، في محاولة فاشلة لتبرئة ساحته أمام المجتمع الدولي، فالدوحة تسعى إلى إظهار تماسكها أمام العالم وتحاول تشويه صورة دول المقاطعة، ولا سيما السعودية والإمارات أمام الدول الكبرى، ضمن سياسة العناد والهجوم المعاكس من أجل تخفيف وطأة الأزمة، غير أنها سياسات مكشوفة.
حتى إن الدول التي نجح تنظيم الحمدين في شراء مواقفها أو سكوتها ورشوتها لن تستطيع مواصلة دعمه ومساندته على النحو الذي يجعله يراهن على تلك السياسات مستقبلاً، لأن التمسك بالدوحة يعني تمسكاً بالإرهاب، في حين أن العالم كله ينتفض لمكافحة الإرهاب، وليست هنالك دولة تريد أن تضع نفسها في مأزق دعم دولة تموّل الإرهاب، وبالتالي فإن رهان «الحمدين» على الغرب خاسر من البداية ولن يفضي إلى أية نتائج، بحسب منصور.
وشدّد على أنه إن أرادت قطر الخروج من أزمتها فليس لها إلا العودة إلى الصف العربي والاستماع لصوت العقل، والتخلي عن سياسة الاستقواء بالخارج، وإن لم تستجب قطر للمطالب فإن هنالك بدائل وخيارات متعددة أمام الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، وبخاصة مع توافر الأدلة والأسانيد لملاحقتها بتهم دعم وتمويل الإرهاب.
تصرّفات صبيانية
ويصف مؤسس تيار التنوير في مصر المستشار يحيى قدري، التحركات القطرية بكونها تصرفات صبيانية متكررة ومعتادة من نظام يسعى لاستخدام كل وسائله في محاولة تشويه الدول الداعية لمكافحة الإرهاب والهروب من المطالب، رغم أنه ليس أمامه سوى خيار وحيد وهو الاستجابة للمطالب التي أعلنتها الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، مشدداً على أن النظام القطري يعتمد اعتماداً كلياً على الدول الداعمة له، والتي تستخدمه في تنفيذ مخططاتها العدائية ضد دول المنطقة.
ويؤكد الأمين العام المساعد السابق لرئيس البرلمان العربي السفير طلعت حامد، أن قطر ليس أمامها سوى الاستجابة للمطالب، خاصة أن رهانها على الغرب لن يكون في مصلحتها، إذ إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب نفسه أكد أكثر من مرة أن على قطر الالتزام بمكافحة الإرهاب. ويرى حامد بأن الدوحة خسرت كل أدواتها واستنزفتها، ولم يعد أماها سوى طريق الرياض لإنهاء الأزمة، وإن لم تفعل ذلك فهي معرضة للمزيد من الخسائر.
أوراق
وأكد عضو مجلس النواب البحريني جلال كاظم المحفوظ أن الحكومة القطرية لا تزال تصرّ على التمسك بالأوراق الخاطئة في أزمتها مع دول الداعية لمكافحة الإرهاب والجوار ككل، موضحاً بأن تدشين قطر لحساب باللغة الإنجليزية ضد دولة الإمارات يأتي في سياق السياسة الإعلامية القطرية الصفراء لقطر، الأمر الذي يتفق مع ما يراه مراقبون من أن قطر تحاول دائماً إدماء جيرانها بكل ما لديها من إمكانات وقدرات على التضليل والافتراء.
ورأى المحفوظ أن «محاولات الحكومة القطرية لتشوية سمعة دول المنطقة في المحافل والمجتمعات الدولية تؤكد حالة الانفصال عن الواقع الذي تعيشه هذه الدويلة الصغيرة والثرية، ومحاولاتها المستمرة لشغل مساحات أكبر من واقعها الافتراضي، جغرافياً وسياسياً وتاريخياً».
دور
وأكد أحمد الخلايلة دكتور العلوم السياسية، أن دعوة معالي الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية قطر إلى طرق باب الرياض لإيجاد الحل، تأكيد من الإمارات على أن السعودية دولة محورية، مشيراً إلى أنه منذ بداية الأزمة وجّهت الإمارات أكثر من رسالة للدوحة تؤكد فيها أن الحل في الرياض.
يضيف الخلايلة أن قطر لن تستطيع الاستغناء عن دول مجلس التعاون الخليجي، ومهما طال أمد الأزمة فإن العودة ستتحقق، وإن توجهت الآن إلى دول أخرى لمساندتها كإيران وتركيا فهذه خطوة مؤقتة لن تستمر طويلاً. وقال إن الرسالة واضحة والمطلوب من الدوحة التحرك وبدء خطوة جديدة في مسار نهاية الأزمة، إذ إن مفتاح حل الأزمة في الرياض.
وبدوره يؤكد مدير مركز الثريا للدراسات، د.محمد الجريبيع أن الحل في الرياض لما لها من ثقل سياسي ولها علاقات فاعلة مع دول العالم.
تنبيه
أكد الكاتب والمحلل السياسي البحريني سعد راشد أن إدارة الأزمة لدى الإدارة القطرية باتت متخبطة وغير واعية لما تقوم به. وأشار إلى أنه أصبح لزاماً على الدوحة أن تدخل في سياق حل الأزمة والبدء بخطوات عملية للانتهاء من ذلك الملف.