«إدارة بلد يتم التآمر عليه يومياً مهلك جداً وأنا فترت من الرئاسة»، بهذه العبارات احتفلت عدد من الصحف السودانية بحوار مشترك أجرته مع الرئيس السوداني عمر البشير في فبراير من العام الماضي، والذي بدا فيه البشير زاهداً عن السلطة التي سينهي فيها 31 من عمره بحلول العام 2020، موعد انتهاء دورته الانتخابية الحالية.
فالبشير أعلن موقفه مستنداً على الدستور الانتقالي للعام 2005 ولوائح حزبه المؤتمر الوطني اللذين يمنعانه من الترشح لفترة جديدة، إلا أن أصواتاً برزت من هنا وهناك تبحث عن المخارج الدستورية وتطالب بتعديل الدستور حتى يتسنى للبشير مواصلة حكمه. وتشكلت في الأيام الماضية عدد من اللجان، وانطلقت المبادرات المساندة لخط ترشيح البشير خلال انتخابات أبريل 2020 المقبلة، وكانت أبرز تلك المبادرات «مبادرة شباب حول الرئيس» التي تبنت حملة مبكرة حشدت لها عدد من الجهات لدعم التجديد للبشير.
ويبدو أن أمر إعادة ترشيح البشير لدورة رئاسية جديدة لم يكن محل إجماع داخل حزبه، ويقرأ ذلك من خلال إسقاط مجلس شورى المؤتمر الوطني، الحزب الذي يتزعمه البشير لتوصية دفع بها أحد الأعضاء بتضمين إعادة ترشيح البشير ضمن الأجندة، غير أن المجلس سحب التوصية في نهاية اجتماعاته، معتبراً الحديث حول ترشيحات الحزب للانتخابات المقرر لها في 2020 أمراً سابق لأوانه.
فوضى سياسية
وبلا شك إن إعادة انتخاب البشير الذي استلم مقاليد الحكم عبر انقلاب عسكري في العام 1989، سيخلق بحسب مراقبين، حالة من الفوضى السياسية والدستورية في البلاد التي شهدت في عهده الكثير من الأحداث الكبيرة، أبرزها انفصال جنوب السودان واشتعال الحرب في دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، حيث إن الدستور الانتقالي حدد أجل ولاية رئيس الجمهورية، ونصت المادة الـ57 منه صراحة على أنه «يكون أجل ولاية رئاسة الجمهورية خمس سنوات تبدأ من يوم توليه لمنصبه ويجوز إعادة انتخابه لولاية ثانية فحسب»، وإذا ما استثني الفترة التي سبقت وضع الدستور الانتقالي للعام 2005، فإن البشير يكون في العام 2020 قد أكمل فترتين رئاسيتين بالتمام والكمال.
الحديث الذي يدور الآن في الأوساط السودانية حول التمديد للبشير وإن كان يأتي مبكراً كما يقول المراقبون، واجهته معارضة كبيرة تبدت من خلال تفاعلات السودانيين سواء على وسائل التواصل ال٢اجتماعي أو حول المنابر الشعبية، وواجهته المعارضة السودانية بشيء من التهكم باعتبار أن الدستور لا يعني شيئاً بالنسبة للبشير وحزبه، وفق ما ذهب إليه الناشط القانوني والمعارض السوداني وجدي صالح عبده، إذ يرى في حديث لـ «البيان»، أن السودان يعيش حالة من الردة القانونية والدستورية.