«إن من واجبنا أن نأخذ بيد اليمن حتى يكون رافداً للأمة العربية في الحاضر والمستقبل»، هكذا خط المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، عنوان العلاقات السياسية والاجتماعية بين الإمارات واليمن الشقيق.
ووصل المغفور له الشيخ زايد، في الأول من أكتوبر 1984، إلى صنعاء في زيارة رسمية وضع خلالها حجر الأساس لمشروع إعادة بناء سد مأرب التاريخي، وعلّق رحمه الله حينها: «لم أجد أعز وأغلى لليمني من بناء سد مأرب، فعزمت على بنائه من جديد».
وافتتح المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان السد بعد عامين من تاريخ وضع حجر الأساس، فيما أمر الراحل الكبير بمواصلة دعم المشاريع المرتبطة باستدامة السد، وتم التوقيع في نوفمبر 2002 في صنعاء على اتفاقية تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع السد بتكلفة 87 مليوناً و820 ألف درهم على نفقة الشيخ زايد الخاصة.
وأولى المغفور له الشيخ زايد قضية التضامن العربي أهمية قصوى، لإيمانه التام بأنها السبيل الوحيد لمواجهة التحديات والمخاطر التي يتعرض لها الوطن العربي، مكرساً، رحمه الله، جهوده الخيرة من أجل تحقيق الوفاق بين الأشقاء وحل الخلافات العربية بالتفاهم والتسامح.
وتفاعل الشيخ زايد مع حرب أكتوبر 1973 بشكل كبير، واعتبرها معركة العرب قاطبة. ففي 6 أكتوبر 1973، وفور اندلاع الحرب، أجرى، طيب الله ثراه، اتصالات مكثفة لمتابعة الموقف على الجبهتين السورية والمصرية، وأعلن وقوف الإمارات إلى جانبهما ومساندتهما مساندة كاملة لاستعادة الأرض العربية المحتلة.
ودعا المغفور له الشيخ زايد، في 21 أكتوبر 1973، المجلس الوطني الاتحادي إلى الانعقاد في دورة غير عادية للنظر في سياسة الحكومة، حول دعم النضال العربي في معركة التحرير التي تخوضها ضد إسرائيل.
وزار الشيخ زايد في 27 أكتوبر 1976 مدينة الإسماعيلية، وقص الشريط الخاص بالمدينة التي تحمل اسمه، والتي تبرع، رحمه الله، بإنشائها في إطار مساهمة الإمارات في جهود إعادة إعمار المدينة بعد الحرب.
جهود مخلصة
وحرص الشيخ زايد على المشاركة الفاعلة في القمم العربية، والخروج بقرارات تسهم في تفعيل العمل العربي المشترك، وفي هذا الإطار جاءت مشاركته في أعمال القمة العربية الثامنة التي استضافتها مصر في 24 أكتوبر 1976.
ودأب الشيخ زايد طوال سنين حكمه على بذل الجهود المخلصة في سبيل تنقية الأجواء العربية، وحل الصراعات والخلافات التي تنشأ بين الأشقاء بالطرق السلمية، إذ زار، طيّب الله ثراه، في 9 أكتوبر 1983 وقبيل القمة العربية في الرياض، كلاً من دمشق وبغداد في محاولة لرأب الصدع بينهما، وتذليل الخلافات والعقبات التي تعترض علاقاتهما الثنائية، وفي اليوم التالي وصل إلى العاصمة الجزائر، والتقى رئيسها آنذاك الشاذلي بن جديد، في مسعى منه لإزالة الخلافات بين الجزائر والمغرب، وإرساء قاعدة صلبة جديدة للعلاقات بين البلدين.
نصرة أشقاء
وبذل، طيب الله ثراه، خلال أكتوبر، جهوداً حثيثة لإطفاء نار الحرب الأهلية التي اندلعت في لبنان منذ 1976، وفي 17 أكتوبر 1988، دعا الشيخ زايد إلى تحرك عربي لإنقاذ لبنان وإخراجه من محنته، وذلك بعقد لقاء بين القادة العرب وجميع الأطراف على الساحة اللبنانية.
ويسجل التاريخ للشيخ زايد وقفته ونصرته لدولة الكويت الشقيقة أثناء وبعد الاجتياح العراقي لها في عام 1990، حيث عبّرت تصريحات المغفور له عن سياسة إماراتية ثابتة في هذا المجال، ففي 12 أكتوبر 1994 أكّد، طيب الله ثراه، أنّ الإمارات تقف إلى جانب دولة الكويت بكل ما تملك، وستكون دائماً تحت تصرف أي طلب تطلبه الكويت للدفاع عن حقوقها.
وداع الشيخ راشد
ودّعت الإمارات في السابع من أكتوبر من عام 1990 المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، أحد مؤسسي الاتحاد، الذي ترك وراءه إرثاً طويلاً من الإنجازات جعلت منه علامة فارقة في تاريخ الإمارات والوطن العربي.
وتقدم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان جموع المشيعين في رحيل المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم الذي تميز بشخصية استثنائية قادرة على فهم الحاضر وقراءة معطياته واستشراف المستقبل بصورة مذهلة.