أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، أن النظام الإيراني يواصل سياساته العدائية في رعاية التطرف والإرهاب، داعياً خلال كلمة له في القمة التاسعة والثلاثين لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بمشاركة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إلى التكاتف ضد قوى الإرهاب والتدخلات الإيرانية، فيما عبر أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد عن قلقه من تنامي ظاهرة الإرهاب، داعياً إلى ضرورة تضافر الجهود للتصدي لها وتخليص العالم من شرورها، فيما أكد الأمين العام لمجلس التعاون الدكتور عبداللطيف الزياني أن هنالك تحديات صعبة تتطلب من دول مجلس التعاون مزيداً من التضامن والتلاحم.
وشهدت العاصمة السعودية الرياض، أمس، أعمال القمة التاسعة والثلاثين لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وبمشاركة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، على رأس وفد الدولة.
وتحظى القمة الخليجية الـ39 بأهمية خاصة من قبل قادة وزعماء دول المجلس نظراً للظروف الاستثنائية التي يمر بها الإقليم والعالم.
وألقى خادم الحرمين الشريفين الكلمة الافتتاحية للقمة بين في مستهلها أن استضافة المملكة للدورة الـ 39 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية تأتي استجابة لرغبة جلالة السلطان قابوس بن سعيد، سلطان عمان، معرباً لجلالته عن أطيب التمنيات ولسلطنة عمان الشقيقة التوفيق والسداد في رئاسة أعمال مجلس التعاون في دورته الحالية.
رفاه المواطنين
وقال خادم الحرمين الشريفين إن مجلس التعاون لدول الخليج العربية قام من أجل تعزيز الأمن والاستقرار والنماء والازدهار والرفاه لمواطني دول المجلس، فهم ثروتنا الأساسية وبهم تتحقق الرؤى والآمال، مؤكداً حرص الجميع على المحافظة على هذا الكيان وتعزيز دوره في الحاضر والمستقبل بعد أن حبا الله عز وجل دولنا بثروات بشرية وطبيعية عززت دورها الحضاري في المنطقة والعالم، الأمر الذي يتطلب منا جميعاً تسخير طاقاتنا لخدمة شعوب المجلس والحفاظ على أمن واستقرار دولنا والمنطقة.
وأضاف ان «منطقتنا تمر بتحديات وتهديدات لا تخفى عليكم فلا تزال القوى المتطرفة والإرهابية تهدد أمننا الخليجي والعربي المشترك ولا يزال النظام الإيراني يواصل سياساته العدائية في رعاية تلك القوى والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وهذا يتطلب منا جميعاً الحفاظ على مكتسبات دولنا والعمل مع شركائنا لحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم والإصرار على ضرورة تحقيق الضمانات الكاملة والكافية تجاه برنامج إيران النووي وبرنامجها لتطوير الصواريخ الباليستية».
القضية الفلسطينية
وأكد أن المملكة العربية السعودية ستواصل الدفاع عن القضايا العربية والإسلامية في المحافل الدولية وتحتل القضية الفلسطينية مكان الصدارة في اهتماماتها وتسعى لحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة بما في ذلك إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. وناشد المجتمع الدولي القيام بمسؤولياته باتخاذ التدابير اللازمة لحماية الشعب الفلسطيني من الممارسات العدوانية الإسرائيلية التي تعد استفزازاً لمشاعر العرب والمسلمين وللشعوب المحبة للسلام.
إنقاذ اليمن
وأكد خادم الحرمين الشريفين في كلمته حرص دول التحالف بطلب من الحكومة الشرعية في اليمن على إنقاذ اليمن وشعبه من فئة انقلبت على شرعيته وعمدت إلى العبث بأمنه واستقراره، منوهاً أن دول التحالف عملت على إعادة الأمل للشعب اليمني من خلال برامج الإغاثة والمساعدات الإنسانية، كما تواصل دول التحالف دعمها لجهود الوصول إلى حل سياسي للأزمة اليمنية وفقاً لقرار مجلس الأمن 2216 والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ونتائج الحوار الوطني اليمني الشامل.
سوريا والعراق
ودعا خادم الحرمين الشريفين لحل سياسي يخرج سوريا من أزمتها ويسهم في قيام حكومة انتقالية تضمن وحدة سوريا وخروج القوات الأجنبية والتنظيمات الإرهابية منها. كما أكد حرص المملكة على بناء علاقات متينة واستراتيجية مع الشقيقة العراق التي تشكل ركناً أساسياً في منظومة الأمن العربي.
كلمة أمير الكويت
عقب ذلك ألقى أمير دولة الكويت، رئيس الدورة السابقة للقمة، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، كلمة قال فيها إن «انعقاد هذه الدورة للمجلس في موعدها المحدد رغم الظروف التي نمر بها يؤكد حرصنا جميعاً على مجلس التعاون واستمرار آلية انعقاد دوراته، كما يجسد إدراكنا لحجم الإنجازات التي تحققت لنا في إطاره وسعينا للحفاظ على هذه المنجزات باعتبارها تحقيقاً واستجابة لتطلعات وطموح أبناء دول المجلس».
وتابع قائلاً: إننا ندرك الأوضاع التي تعيشها منطقتنا والتحديات الخطيرة التي تواجهها وتصاعد وتيرتها المقلق الأمر الذي يدعونا أن نجسد وحدة كياننا وأن نعزز عملنا المشترك لدعم مسيرتنا ولعل أخطر ما نواجهه من تحديات الخلاف الذي دب في كياننا الخليجي واستمراره لنواجه تهديداً خطيراً لوحدة موقفنا وتعريضاً لمصالح أبناء دولنا للضياع وليبدأ العالم وبكل أسف بالنظر لنا على أننا كيان بدأ يعاني الاهتزاز وأن مصالحه لم تعد تحظى بالضمانات التي كنا نوفرها له في وحدة موقفنا وتماسك كياننا وفي سياق حديثنا عن التحديات التي نواجهها فلا بد لنا من التأكيد على قلقنا من تنامي ظاهرة الإرهاب واستنكارنا لها مشددين على ضرورة تضافر جهودنا للتصدي لها وتخليص العالم من شرورها.
وأكد أمير دولة الكويت أنه «انطلاقاً من حرصنا على الحفاظ على وحدة الموقف الخليجي وسعياً منا لتدارك الأمر في وضع حد للتدهور الذي نشهده في وحدة هذا الموقف وتجنباً لمصير مجهول لمستقبل عملنا الخليجي فإننا ندعو إلى وقف الحملات الإعلامية التي بلغت حدوداً مست قيمنا ومبادئنا وزرعت بذور الفتنة والشقاق في صفوف أبنائنا وستدمر كل بناء أقمناه وكل صرح شيدناه».
وقال أمير دولة الكويت: إننا على ثقة أيها الأخوة أنكم تشاركونني الرأي بأهمية الاستجابة لهذه الدعوة بوقف الحملات الإعلامية التي ستكون مدعاة ومقدمة لنا جميعاً لتهيئة الأجواء التي ستقود حتماً إلى تعزيز الفرص بقدرتنا على احتواء أبعاد مما نعانيه اليوم من خلاف.
الأزمة اليمنية
وأضاف أن استمرار الصراع في اليمن يشكل تهديداً مباشراً لنا جميعاً ونأمل كل التوفيق للمشاورات السياسية الدائرة الآن في السويد التي استجابت الكويت بتقديم الدعم اللوجستي لها وصولاً إلى الحل السياسي المنشود القائم على المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن 2216، مشيداً في هذا الصدد بالأصدقاء في السويد على رعايتهم لهذه المشاورات وسعيهم لتوفير الظروف المناسبة لإنجاحها.
كما أشاد بالجهود الكبيرة التي يبذلها التحالف الدولي لدعم تلك المشاورات وإنجاحها إضافة إلى المساعدات الإنسانية الضخمة التي يقدمها التحالف للتخفيف من آثار الظروف الإنسانية القاسية التي يكابدها أشقاؤنا في اليمن.
الكارثة السورية
وأكد أمير دولة الكويت أن الكارثة الإنسانية في سوريا لا تزال مستمرة ولم تفلح الجهود الدولية في إيجاد حل لها لتستمر المعاناة ويتضاعف التهديد لأمن واستقرار المنطقة والعالم، متمنياً لمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الجديد لسوريا بيدرسن التوفيق في مهمته الجديدة وصولاً إلى الحل السياسي المنشود القائم على قرارات الشرعية الدولية وجنيف ومقدرين الجهود التي بذلها سلفه ستيفان ديمستورا.
وهنأ أمير دولة الكويت جمهورية العراق على التطورات الإيجابية التي تحققت لهم باستكمال العملية السياسية باختيار القيادات الثلاث، معرباً عن التطلعات بأن يتمكن الأشقاء في العراق من إعادة البناء لإزالة آثار ما شهده العراق الشقيق من دمار وليتحقق لأبنائه تطلعاتهم بالأمن والاستقرار والازدهار.
عملية السلام
وحول مسيرة السلام التي تعاني جموداً وتجاهلاً من قبل المجتمع الدولي أكد أمير دولة الكويت حرص دول المجلس على المسارعة باستئناف عملية السلام وصولاً إلى اتفاق سلام شامل ودائم وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية دعماً وتعزيزاً لاستقرار المنطقة والعالم.
كما أكد أهمية أن تستند العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية على المبادئ التي أقرها ميثاق الأمم المتحدة وفي مقدمتها عدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سيادة الدول والالتزام بقواعد حسن الجوار تحقيقاً لكل ما نتطلع إليه جميعاً من أمن واستقرار وسلام لمنطقتنا.
تحديات صعبة
إثر ذلك ألقى الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني كلمة أشار فيها إلى أن هذه الدورة تنعقد في ظل أوضاع إقليمية حساسة وتحديات صعبة تتطلب من دول مجلس التعاون مزيداً من التضامن والتلاحم وقدراً كبيراً من العمل الجاد لمواصلة الجهود لتعزيز التنسيق والتكامل والترابط بين دول المجلس وترسيخ القواعد التي قامت عليها هذه المنظومة الشامخة التي أصبحت بفضل من المولى القدير وبجهودكم وقيادتكم الحكيمة ورؤيتكم الثاقبة، محط أنظار وتقدير دول العالم الشقيقة والصديقة والحليفة.
وأكد أن ما حققته مسيرة مجلس التعاون من إنجازات بارزة وملموسة على مختلف المستويات ستظل ثمرة من ثمار دعم قادة المجلس ومساندتهم لهذه المسيرة ونتيجة للتفاني والإخلاص والولاء والوفاء الذي يعبر عنه مواطنو دول المجلس الكرام الذين ينظرون بعين الأمل والتفاؤل إلى المستقبل الزاهر المنشود في ظل مجلس التعاون ومسيرته المباركة.
مشيداً بحرص واهتمام قادة دول المجلس بمسيرة العمل الخليجي المشترك وتطويرها باستمرار لضمان تحقيق أهدافها النبيلة وعزمهم الصادق على أن يظل مجلس التعاون كياناً متماسكاً راسخاً معبراً عن عمق العلاقات الأخوية والروابط المتينة والمصالح المشتركة وحصناً منيعاً لحفظ الأمن والاستقرار والدفاع عن مكتسبات وإنجازات دوله ومواطنيه وضمان أمن واستقرار المنطقة وواحة للنماء والازدهار والرخاء.
شكر وتقدير
عبر نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء في سلطنة عمان، فهد بن محمود آل سعيد، عن شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، على استضافته لهذه القمة، ناقلاً تحيات جلالة السلطان قابوس بن سعيد، سلطان عُمان، لأخيه خادم الحرمين الشريفين وتمنيات جلالته الطيبة للأسرة الحاكمة في المملكة العربية السعودية الشقيقة، وأن يمن على المملكة بكل خير.
ودعا قادة دول مجلس التعاون إلى العمل بما جاء في كلمة الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، التي جاءت معبرة ويقتدى بها في عمل مجلس التعاون، راجياً أن تجسد هذه المعاني واقعاً يحمي المجلس ويوفقه دائماً لكل خير.