لم تكتفِ ميليشيا الحوثي الإيرانية بنهب ثروات وأموال ومساعدات اليمنيين، ما جعل ملايين الأسر على شفا المجاعة، بل فاقمت معاناتهم بالتعذيب والترهيب لتعزيز قبضتها في مناطق سيطرتها شمالي البلاد.

وفي تقرير كتبه سودارسان راجافان، مدير مكتب صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية بالقاهرة، حذرت من أن الانتهاكات ازدادت سوءاً منذ ديسمبر 2017، عندما قتلت الجماعة التي تتبنى أسلوب «العصابات» الرئيس السابق علي عبدالله صالح، حيث سيطرت على كل جوانب المجتمع في معظم شمال اليمن.

واستندت في تقريرها إلى روايات 13 من السجناء السابقين وضحايا ميليشيا الحوثي الموالية لإيران، حيث وافق 4 منهم فقط على التحدث بشكل رسمي، بعد أن فروا وأسرهم من الشمال، بينما أعرب آخرون لا يزالون في صنعاء عن خشيتهم من ملاحقة عملاء استخبارات الحوثي، كما رفض البعض التحدث حتى عبر الهاتف خشية تسجيل مكالماتهم.

محمد بامفتاح، محامٍ يبلغ من العمر 55 عاماً، وهو أحد الضحايا الذين تحدثوا للصحيفة، قال إنه عندما ذهب إلى مكتب البريد لتسلم راتبه في أحد أيام عام 2015، أوقفه أحد عناصر الميليشيا للتحقق من هويته، واعتبر أن كونه ينحدر من عدن، مقر الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، سبباً كافياً لاعتقاله.

وعندما خرج بامفتاح من السجن بعد 3 سنوات، كان يعاني من الصدمات جراء الصعق بعصي كهربائية، وكان يتم تعليقه من السقف مكبل اليدين لمدة 3 ساعات قبل ضربه بكابلات كهربائية مغلفة بالمطاط.

وثائق ومقابلات

وأشارت الصحيفة إلى أن الانتهاكات التي يقترفها الحوثيون، وتشمل التعذيب والاحتجاز والاختفاء القسري انتشرت على نطاق واسع، وفقاً لوثائق قانونية ومقابلات مع الضحايا ونشطاء حقوق الإنسان، ما عزز أجواء متنامية من الخوف والترهيب في العاصمة وعبر المناطق التي يسيطرون عليها.

وأوضحت أن الحوثيين استهدفوا اليمنيين من مختلف الأطياف؛ النشطاء والصحافيين والمحامين والأقليات الدينية والمديرين التنفيذيين، وأي شخص يعتبرون ضد حكمهم وأيديولوجيتهم.

ووفقاً للصحيفة، كان عناصر الجماعة يداهمون المنازل ليلاً، ويعتقلون ويضربون الناس بسبب نزاعات بسيطة أو بسبب انتقادات لحركتهم، في ظل غياب المساءلة والمحاكم التي إما غير موجودة أو تستخدم فقط لإصدار الأحكام، وفقاً لنشطاء حقوق الإنسان والضحايا.

من جانبها، قالت كريستين بيكر، باحثة اليمن في منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية الدولية: «لقد لاحق الحوثيون بالفعل أطيافاً واسعة من الناس الذين يرون أنهم يشكلون تهديداً أو خصوماً سياسيين لهم». وحذرت من أنه في الوقت الراهن «ثمة حملة قمع مستمرة ومتزايدة على المجتمع المدني، وهذا شيء مقلق للغاية».

وقال عبدالمجيد صبرا، وهو محامٍ يمثل عشرات الضحايا، بينهم 10 صحافيين محتجزين في سجون الحوثي: «ثمة مخاوف في أنحاء المدينة. لا أحد يجرؤ على التعبير عما يشعر به حقاً حيال الحوثيين على الملأ.. هذا هو الواقع الجديد».

بينما قال الناشط هشام العميسي، الذي يعيش الآن في مصر،: «الناس محبطون، يقولون إنهم جائعون، يموتون، ليس هناك رواتب. في غضون ذلك، يقود الحوثيون سيارات بورش ورينج روفر قيمتها 200 ألف دولار».

وأشار إلى أنه في أغسطس 2017، كتب تغريدات اتهم بعض عناصر الجماعة بالفساد، وفي غضون ساعات، اعتقله مسلحو الحوثي.

وقال إنهم اتهموه بأنه جاسوس أميركي «يقوم بغسل أدمغة اليمنيين بأفكار أميركية»، وخلال الأسابيع الثلاثة الأولى، احتجز في الحبس الانفرادي في زنزانة صغيرة مظلمة، ويحرصون على أن يكون معصوب العينين دائماً أثناء الاستجواب.

وذكر أنه عندما بدأت مرحلة التعذيب، اقتادوه عدة مرات إلى غرفة يطلق عليها سجناء «الورشة»، حيث يستخدمون السكاكين وغيرها من الأدوات الحادة لجرح الضحايا، أثناء تعليقهم من السقف وضربهم، وكانوا يستخدمون السلاسل المعدنية لضرب ظهره وفخذه ورأسه.

ولفت إلى أنهم كانوا يسمحون له بالذهاب إلى الحمام مرة أو مرتين يومياً لمدة دقيقتين، وكانوا يأمرونه كل أسبوعين إلى 3 أسابيع بالاعتراف بأنه جاسوس في محطة تلفزيون تابعة لهم، ولكنه كان يرفض دائماً.

وخلال المقابلات التي أجرتها الصحيفة، وصف 3 سجناء سابقون آخرون كانوا محتجزين لدى الحوثيين أساليب تعذيب إضافية، شملت ربطهم من القدمين والذراعين إلى قضيب معدني وتقليبهم على النار، وكأنهم يشوون الدجاج، وفي بعض الأحيان كانوا يرمون ثعباناً حياً في الزنزانة.

ولم يتورع الحوثيون عن استخدام أساليب التعذيب النفسي، وفقاً لعبده عبدالله الزبيدي (56 عاماً)، وهو قاضٍ سابق اتُهم بالتعاون مع قوات الشرعية، قال إن عناصر الميليشيا ذهبوا إلى منزله وهددوا زوجته وأطفاله.