في منطقة حمّير بمديرية مزهر وسط محافظة ريمة، قضى الشيخ القبلي محمد غالب الحميري، 60 عاما، هي كل عمره، بسلام وطمأنينة بين قبيلته وأبنائه ومدرجاته الزراعية الخضراء، وكانت ميليشيا الحوثي الإيرانية تبيت له شراً لتختم به حياته الطيبة.
ففي صباح الثلاثاء الموافق 31 أكتوبر 2018 جاء إلى بيته مشرفان حوثيان في مديرية مزهر وطلبا منه المجيء معهما إلى مركز محافظة ريمة، وفور وصوله إلى مديرية الجبين قام مسلحون حوثيون باختطافه ونقله إلى جهة مجهولة، ليقضي شهرين كاملين تحت التعذيب، وكان ذنبه الوحيد أن اثنين من أولاده التحقا بقوات المقاومة الوطنية في الساحل الغربي.
وطوال فترة اعتقاله ظلت أسرته تبحث عنه دون جدوى حتى تسرب إليها خبر يفيد بوجوده في السجن المركزي بمحافظة المحويت فسارعت إلى مطالبة الميليشيا بالإفراج عنه مراعاة لحالته الصحية، وبعد وساطات قبلية ودفع فدية مالية لعناصر الجماعة الإرهابية تم الإفراج عنه وعاد إلى بيته في حالة يرثى لها، حيث لم تدم إقامته بين أفراد أسرته سوى ثلاثة أيام فارق الحياة بعدها.
الرائد عبدالرقيب الحميري من قوات المقاومة الوطنية في الساحل الغربي، وهو أحد أبناء محمد الحميري، تحدث لـ«البيان» عن حياة والده وقصة اعتقاله من قبل الميليشيا وتعذيبه حتى الموت، قال: لم يكن والدي مقاتلا بل مواطنا عاديا وشيخا يهتم بشؤون قبيلته ومنطقته التي لم يغادرها أبدا، ورغم ذلك اعتقلته الميليشيا وأمعنت في تعذيبه انتقاما من أبنائه ولم ترحم شيبته وكبر سنه ومرضه.
وأردف الحميري: حرصت ميليشيا الحوثي على إبقاء والدي حياً في السجن حتى تحصل منا على مبالغ مالية وقد اضطررنا لدفعها وشراء حياته، لكن الحوثيين حين أطلقوا سراحه كانوا يعلمون أنه لن يعيش طويلا بعد التعذيب المرير الذي ألحقوه به، وقد عرفت ذلك من خلال اتصالي به حيث كان يكلمني بصعوبة شديدة، وكان صوته متغيراً تماماً.
منع العزاء
وأضاف الرائد الحميري: أقام الأهل وأبناء المنطقة عزاءً في وفاة الوالد فاعتبرت ميليشيا الحوثي هذا الأمر تحدياً لها فأرسلت ثلاثة أطقم من مسلحيها إلى بيتنا لمنع العزاء، إلا أن رجال القبائل تصدوا لهم وأجبروهم على الرجوع من حيث جاءوا، مشيرا إلى أن قتلة والده معروفون ولن يفلتوا بجريمتهم، حيث سيأتي الوقت الذي لن يجدوا فيه ميليشيا تحميهم من القانون والقضاء العادل.