تبددت الآمال العريضة التي تشكلت مع التوقيع على اتفاق السويد بشأن وقف إطلاق النار وإعادة الانتشار في الحديدة.
ولا يظهر في الأفق القريب مؤشرات على إمكانية استئناف مسيرة الحل السياسي إلى نهايته بسبب الخداع وتعنت ميليشيا الحوثي التي دائماً ما تبرع في إعاقة أي جهد أو خطوة لإنهاء معاناة الملايين من اليمنيين.
ولأن خيار الشرعية والتحالف العربي كان ولا يزال هو دعم الجهود الأممية لإنهاء الانقلاب واستعادة السلام فإنها حولت ذلك إلى واقع عملي من خلال استعدادها لتنفيذ ما يخصها في اتفاق استوكهولم قبل أن يصدم العالم بعراقيل ميليشيا الحوثي وتعنتها الذي وصل حد استهداف كبير المراقبين الدوليين الجنرال باترك كاميرت قبل أن يضطر إلى الاستقالة.
ومثلما كانت الشرعية والتحالف واضحين في تنبيه العالم إلى عدم جدية الميليشيا فإنهم اكدوا بنفس الوضوح أنه لا يمكن الانتقال إلى المسار السياسي الشامل إلا بعد تنفيذ كامل بنود اتفاق استوكهولم، وخلافاً لذلك تؤكد أقوال وأفعال الميليشيا أنها سوف تظل تختلق الأعذار والعراقيل لمنع تنفيذ الاتفاق الذي يلزمها بالانسحاب من موانئ ومدينة الحديدة ونشر مراقبين دوليين للإشراف على إدارة الميناء وعائداته.
رضوخ للميليشيا
وبما أن الحال كذلك فإن قبول المبعوث الدولي مارتن غريفيث، تعديل وتمديد الجدول الزمني لإعادة الانتشار من الموانئ والمدينة ورضوخ المنظمة الدولية للميليشيا وتغيير كبير المراقبين الدوليين في الحديدة يبين أن الذهاب لعقد جولة جديدة من المشاورات لن يتم في الشهر المقبل .
كما كان المبعوث الدولي يتمنى، وإنه وكلما زاد تراخي وتساهل الأمم المتحدة مع الميليشيا، بعدت المسافة الفاصلة بين اليمنيين ومشاورات الحل النهائي.
ولا يقتصر تلاعب الميليشيا وتنصلها من التزاماتها على ملف إعادة الانتشار والانسحاب من الحديدة وموانئها، بل تعدى ذلك إلى ملف الأسرى والمعتقلين.
حيث واصلت هذه الميليشيا المراوغة والتلاعب بكل شيء، ففي حين رفضت الإفادة عن مصير المئات من المعتقلين والمختطفين ذهبت نحو تشغيل المحاكم الواقعة في مناطق سيطرتها لمحاكمة العشرات من المختطفين باتهامات كاذبة وزائفة كي تتحجج بأن هؤلاء قبض عليهم لأسباب جنائية ولَم يختطفوا ليكونوا رهائن تقايض بهم الميليشيا بأسراها الذين قبض عليهم في الجبهات.
في تقريره الأخير إلى مجلس الأمن الدولي أقر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بعدم تحقيق أي تقدم فعلي على الأرض في تنفيذ اتفاق الحديدة باستثناء وقف إطلاق النار الهش، والذي ينتهك يومياً وأقر أنه ورغم الحديث المتواصل عن التزام الميليشيا بالاتفاق إلا أن مبعوثه ومساعديه ما زالوا عاجزين عن بناء ثقة حقيقية بين الحكومة الشرعية والميليشيا الانقلابية.
واكتفى غوتيريس بحثّ قادة الشرعية والميليشيا على اتخاذ خطوات تساعد على تجاوز العقبات والعمل البناء مع الأمم المتحدة لتنفيذ اتفاق استوكهولم وتسهيل العملية الإنسانية العاجلة والالتزام بإيجاد حل سياسي للصراع في اليمن.
تجاهل للأزمة
وفِي موقف يعكس مدى تساهل المنظمة الأممية مع الميليشيا دون اعتبار للأزمة التي تعصف بملايين اليمنيين، طلب غوتيريس من مجلس الأمن الاستمرار في ممارسة الضغوط على الطرفين، لتنفيذ اتفاق السويد والالتزام بوقف إطلاق النار وإعادة انتشار القوات من الموانئ ومدينة الحديدة، باعتبار ذلك خطوة أولى في اتجاه التخفيف من الأزمة الإنسانية الصارخة وتعزيز الآمال باستعادة الأمن والاستقرار لليمن.