حرب وحصار قتل ودمار.. هذا ما يحدث في تعز اليمنية منذ أربع سنوات لانقلاب ميليشيا الحوثي الإيرانية التي حرمت الطفولة من أبسط حقوقها، وأدخلتها في تبعات نفسية جراء مشاهد الدمار.
«نواجه الخوف بالموسيقى». هكذا عبّرت الطفلة «نظيرة الجعفري» الطالبة في المرحلة الابتدائية في «مدرسة النوارس» التي أدرجت حصص الموسيقى كحصص أساسية لجميع المراحل الدراسية في محاولة لإخراج الأطفال من عزلتهم ومساعدتهم على التغلب على الأضرار النفسية التي تغرسها الحرب الحوثية على أطراف المدينة.
وتقول نظيرة، إن أفضل حصص المدرسة هي الموسيقى، لأنها تخرجها من مشاعر الضيق والملل وتتغلب بها على مشاعر الخوف. وتقول، إنها تعلمت عدداً من المعزوفات والأغاني للفنانة اللبنانية فيروز، وكوكب الشرق أم كلثوم، وإنها تشعر بالسعادة كلما جاء وقت الذهاب إلى «غرفة الموسيقى».
تضيف نظيرة الجعفري: أحب الموسيقى، وفي الأوقات التي أكون فيها غير مرتاحة، أعزف وأردد الأغاني. وتعبّر عن أملها وتتمنى أن تنتهي الحرب لتعيش بسلام.
خط نار
تقع مدرسة النوارس غرب مدينة تعز، ووقعت في منطقة مواجهات بين العامين 2015 -2016، وتضررت المدرسة والحي المجاور لها بشكل كبير، إلا أنها فتحت أبوابها متحدية كل الصعوبات لتبقى آثار القصف والاستهداف شاهدةً على وحشية وقسوة ميليشيا الموت وأعداء الحياة.
يقول، شهاب الدين، مدير المدرسة: «المدرسة كانت في خط النار، ولجأنا في بداية الأمر إلى نقل المدرسة إلى منطقة أخرى قريبة وآمنة نسبياً، بعيداً على المواجهات، وعندما تحررت المنطقة عدنا إلى المبنى وقمنا بإصلاح ما يمكن إصلاحه لنعود من جديد متغلبين على كل المعوقات».
وأضاف، إن التلاميذ عادوا بنفسيات مضطربة وصعبة بعد ما عانوه بسبب الحرب والمواجهات التي كانت قريبة منهم، وفقد الكثير منهم بعض أقاربهم، لذلك لجأنا إلى إدخال مادة ترفيهية وكانت الموسيقى هي أنسبها، ولاحظنا التفاعل الإيجابي منهم ومدى سعادتهم بها، وهذا دليل على نجاح هذه الوسيلة للتغلب على الآثار النفسية للحرب.
راحة ومتعة
بدورها، تقول أستاذة الموسيقى، عبير الشرعبي، إن التلاميذ يتدافعون إليها لتعلّم الموسيقى وترديد الأغاني والأناشيد بحماس شديد وفرحة كبيرة، وإن حصص الموسيقى هي أكثر الحصص راحة ومتعة لهم من باقي الحصص الأخرى، وإنهم يُخرجون طاقاتهم وإبداعاتهم وكذلك يطردون المشاعر السلبية مثل الخوف والقلق.
وأكدت أن الحرب الحوثية تسببت لهم بالألم لذلك كانت الموسيقى هي الوسيلة المثلى لطرد هذه المشاعر، وتساعدهم على التغلب عليها والتفكير بالحياة بشكل آخر، بعيداً عن الواقع المؤلم.
وتتحدّث دراسة صادرة عن «منظمة يمن لإغاثة الأطفال» حول الآثار النفسية للحرب على الأطفال، بأن 58.2 بالمئة من الأطفال اليمنيين ممن شملتهم الدراسة ينتابهم الخوف الشديد، فيما يعاني 37 بالمئة قلقاً دائماً واضطراباً نفسياً، فالحرمان من التعليم، والنزوح المستمرّ، والتشرّد، والجوع، والحرمان من اللعب، كلّها عوامل كثيرة تلعب في التأثير النفسي على الأطفال.