تشكل انتفاضة القبائل في محافظات حجة وعمران وأطراف الضالع بداية تحوّل مهم في المعركة مع ميليشيا الحوثي، التي عملت منذ بداية الانقلاب على تحييد بعض القبائل، واستخدام البعض الآخر لتصفية حسابات قديمة مع هذه القبيلة أو تلك المنطقة.
ولأن محافظة حجة الواقعة إلى شمال غرب صنعاء، كانت تصنف كمخزن بشري للميليشيا الحوثية لأسباب ترتبط بالنهج السلالي الذي استندت إليه هذه الحركة في تنفيذ مخططها للانقلاب على الدولة اليمنية وإعادة أحياء نظام الأئمة العنصري.
فإن ثورة قبائل حجور التي حرصت الميليشيات منذ بداية الانقلاب على تجنب المواجهة معها كسرت هذه الصورة النمطية التي حاولت الميليشيات تكريسها عن حجة التي ذاق سكانها ويلات نظام الحكم العنصري. ومع تحوّل قبائل حجور خاصة ومديرية كشر عامة إلى رمز لقدرة اليمنيين على كسر خرافة الانتصار الدائم للميليشيا.
فإن انتقال المعركة إلى مديرية القفلة التابعة لمحافظة عمران تعيد إلى الأذهان انتفاضة القبيلة ضد حكم الأئمة في مطلع الستينيات وإعلانها الولاء للنظام الجمهوري، والتحاقها بصفوف الثورة وملاحقة بقايا حكم الأئمة حتى هزيمته في نهاية الستينيات.
ووفق مصادر قبلية، فإن الميليشيا وبعد أن عجزت عن إخضاع قبائل حجور ذهبت نحو إرسال تعزيزات مسلحة عبر محافظة عمران بهدف الالتفاف على حجور وضربها من الخلف، إلا أن قبائل عذر في مديرية القفلة التابعة لمحافظة عمران رفضت السماح بمرور تعزيزات الميليشيا من أراضيها لضرب قبائل.
لكن الميليشيا المتغطرسة ردت على ذلك بالترهيب والقوة، ولَم تكن تدرك أن القبيلة التي كان رموزها في قادة الصف الجمهوري لن تركع، حيث خاضت مواجهات عنيفة مع الميليشيا، ودمرت عدة آليات وتعزيزاتها، وأعلنت الانتفاضة عليها، ونقلت المعركة إلى عمران التي لا تبعد عاصمتها عن صنعاء سوى 50 كيلومتراً.
معقل جمهوري
المعارك التي لا تزال في بدايتها توسّعت بشكل كبير في عذر وتمددت إلى مناطق بلاد ذو نحزه وذو سوده وبلاد أبو شاحيه وسوق سليمان ووصلت إلى جبل العفره، وإلى جانب أن عمران هي أقرب محافظة إلى العاصمة فإنها مركز قبيلة حاشد التي ينتمي إليها آل الأحمر الذين دمرت الميليشيا منازلهم.
واستهدفت ممتلكاتهم قبل اقتحامها صنعاء، كما أن مديرية القفلة تشكل واحدة من أهم مناطق الصف الجمهوري منذ إعلان الثورة على نظام حكم الأئمة في شمال اليمن.
ولأن الميليشيا لا تفي بعهد فقد حاولت إيهام الرأي العام بعقد اتفاق سلام مع قبائل حجور بواسطة بعض اتباعها في المنطقة، لكن القبائل لم تنطلِ عليها هذه اللعبة، فكانت جاهزة لصد أي محاولة للهجوم عليها وهو ما حدث، لكن النتيجة لم تكن كما توقعتها الميليشيا.
فشل حوثي
الأمر ذاته في مديرية الحشا في أطراف محافظة الضالع مع محافظة إب، فبعد الخسائر التي مُنيت بها الميليشيا بعد اقتحامها المديرية وتفجير منزل شيخ المنطقة دفعت بوسطاء محليين لعقد اتفاق ينص على انسحاب مقاتلي الطرفين إلى المواقع التي كانوا متواجدين فيها قبل مواجهات الأسبوع الماضي، لكنها عادت ونقضت ما التزمت به.
ووفق مصادر قبلية، فإن الميليشيا غدرت بالقبائل وهاجمت قرى نجد المكلة بمنطقة الأحذوف ومواقع رجال القبائل في تلك المنطقة. ودفعوا بتعزيزات كبيرة إلى جبهات القتال شملت عربات مدرعة وعربات تقل جنوداً وأسلحة والعشرات من مسلحيها إلى جبهتي الأحذوف والطاحون، موقع الخضراء.
وتعتقد المصادر، أن هدف الميليشيا اقتحام جبل الحشاء المطل على منطقتي حجر وسناح القريبتين من مدينة الضالع، إلا أن رجال القبائل المسنودين بقوات الشرعية حشدوا مقاتليهم استعداداً للمواجهة بعد المعركة التي شهدتها منطقة الأحذوف، وقُتل فيها ما لا يقل عن 12 من الميليشيات، وإعطاب عدة آليات عسكرية.