انتهت، أول من أمس، المهلة الزمنية الممنوحة لميليشيا الحوثي للانسحاب من ميناءي الصليف ورأس عيسى تمهيداً للبدء بتنفيذ المرحلة الثانية من خطة إعادة الانتشار، التي تشمل ميناء ومدينة الحُديدة، لكن الميليشيا متمسّكة بمسرحية سحب مجموعة من مسلحيها وتسليم الموانئ لمجموعة أخرى ترتدي اللباس الرسمي لشرطة خفر السواحل.
ومع رفض كبير المراقبين الدوليين الجنرال مايكل لوليسغارد إعطاء الموافقة على هذه المسرحية ولجوئه إلى المبعوث الدولي مارتن غريفيث لإقناع قيادة الميليشيا بالتعاون معه في مسألة الانسحاب من ميناءي الصليف ورأس عيسى في الموعد الزمني المتفق عليه، والسماح له بالتحقق من هوية القوات التي ستتسلم الميناءين وما إذا كانوا فعلاً من منتسبي قوات خفر السواحل منذ عام 2014 أم لا، لكن الميليشيا أفشلت المهمة وتوقف كل شيء.
تفسيرات ملتوية
ووفق مصادر متعددة في اجتماعات اللجنة المشتركة المعنية بالإشراف على تنفيذ إعادة الانتشار في الحُديدة تحدثت إليها «البيان»، فإن الجنرال لوليسغارد لم يقدم للجانب الحكومي أي تفسير لعدم التزام الميليشيا بالانسحاب من الميناءين، خاصة أن ممثليها سبق أن وقعوا على الآلية الخاصة بإعادة الانتشار في المرحلة الأولى، وأنه وبعد انقضاء شهرين ونصف على دخول اتفاق استوكهولم حيز التنفيذ في 18 ديسمبر الماضي ترفض الميليشيا تنفيذ أي بند من بنوده، وأوصلت الأمم المتحدة إلى طريق مسدود.
ولأن المبعوث الدولي الخاص باليمن يبحث عن أي نجاح في مسار السلام بعد عام على توليه هذه المهمة فإنه قبل باستقالة كبير المراقبين السابق الجنرال مارك كاميرت الذي رفض التفسيرات الملتوية للحوثيين للاتفاق ومسرحية استبدال مسلحي الميليشيا في ميناء الحُديدة بآخرين من عناصر الميليشيا يرتدون اللباس الرسمي لقوات خفر السواحل، فقد قبل بتجزئة التنفيذ إلى مرحلتين، ولكن بشكل منقوص، فقبل أن تغادر الميليشيا ميناءي الصليف وراس عيسى لكنها ستتمركز على مسافة 5 كيلومترات منهما، وأجّل المواضيع الهامة في الاتفاق إلى المرحلة الثانية وهي الانسحاب من ميناء ومدينة الحُديدة، وأن يعود المبعدون إلى أعمالهم في الميناء والمدينة.
وبدلاً من أن تتأكد اللجنة المشتركة من هُوية الوحدات الأمنية التي ستتسلم الميناءين في المرحلة الأولى، رفضت الميليشيا ذلك وقبلت الشرعية أن يتحقق المبعوث الدولي والعاملون معه من هذا الأمر، كما منحوهم حق التحقق من نزع الألغام واستلام خرائطها وتدميرها، كما وافقت الشرعية على أن تتمركز والميليشيا بالقرب من الميناءين بدلاً من مواقع يتفق عليها خارج مدينة الحديدة كما ينصّ على ذلك اتفاق استوكهولم، ولكن الميليشيات لم تقبل.
تعنّت حوثي
وفي حين توقف تنفيذ الاتفاق بسب رفض الميليشيا التي تريد تكرار مسرحية ميناء الحُديدة بسحب مجموعة من مسلحيها وإحلال مجموعة أخرى بعد إلباسهم الرداء الرسمي لقوات خفر السواحل دون السماح للمراقبين الدوليين حتى التأكد من هوياتهم، فإن المؤشرات والضعف الذي يظهره ممثلو الأمم المتحدة تجاه هذا التعنت تبين أن المرحلة الثانية أيضاً يُراد لها أن تتم بنفس المسرحية، حيث تريد الميليشيا الإبقاء على الإدارة التي عينتها على راس محافظة الحديدة وتريد أيضاً الاحتفاظ بمسلحيها الذين ألبستهم الزيّ الرسمي لقوات الأمن والشرطة.
و لما كانت الآمال معلقة على اتفاق الحُديدة كمدخل لعملية سياسية شاملة فإن ميليشيا الحوثي تبرهن كل يوم على أنها لا تريد السلام ولكنها تبحث عن غطاء يشرعن الانقلاب والإجراءات التي اتخذتها، وإذا لم يتخذ المجتمع الدولي إجراءات حقيقية تجبر الميليشيا على تنفيذ ما اتفق عليه فإن باب السلام والحلول السياسية سيغلق وسيفرض الخيار العسكري نفسه بقوة لإنهاء معاناة ملايين اليمنيين يعيشون تحت هيمنة هذه الميليشيات التي اتخذتهم رهائن لشرعنة انقلابها وفرض مشروعها الطائفي والنموذج الإيراني للحكم.