دخل الجيش الجزائري أمس على خط حل الأزمة حينما أكد رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح في التلفزيون الرسمي أن الجيش يجب أن يكون مسؤولاً عن إيجاد حل للأزمة السياسية التي تشهدها البلاد.
وفيما أعلن الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة في وقت لاحق عبر رسالة جديدة وجهها للشعب، قال فيها إن البلاده مقبلة على تغيير نظام الحكم، على يد الندوة الوطنية، والتي قال إنه سيتم قريباً عقدها، مؤكداً أن الشعب هو من يبت في التعديل الدستوري عن طريق الاستفتاء.
وتواصلت التظاهرات، فيما رفضت 13 نقابة مستقلة دعم مساعي رئيس الوزراء نور الدين بدوي لتشكيل حكومة جديدة، وكان لافتاً دعوة سلفه أحمد أويحيى إلى الاستجابة لمطالب المتظاهرين.
وتفصيلاً، أشار رئيس أركان الجيش الجزائري إلى أن الجيش سيكون الحصن الحصين للشعب والوطن في جميع الظروف والأحوال، مشيداً بالشعب الجزائري الذي «أثبت في هذه الظروف الحالية، حساً وطنياً بل وحضارياً بالغ الرفعة، ينم عن وعي شعبي عميق أذهل الجميع في كافة أصقاع العالم».
وقفات احتجاجية
وقبيل كلمته خرج أمس عمال عدة قطاعات للشارع للاحتجاج ومساندة الحراك الشعبي.
ونظم العمال التابعون لقطاع التكوين المهني، وقفات احتجاجية على مستوى المديريات الولائية تأييدا للحراك الشعبي الذي تشهده الجزائر منذ يوم 22 فبراير الماضي، وتنديدا بـ«تمديد العهدة الرابعة».
ورفع المحتجون لافتات تدعو إلى الاستجابة لمطالب الشعب الجزائري، مشددين بأن تعنت سلطة لن يفيد أي طرف في شيء.
كما نظم عمال قطاع البريد والاتصالات وقفات احتجاجية على مستوى عدة ولايات، في حين نقلت تقارير إعلامية جزائرية عن قيام صحافيين من التلفزيون الرسمي بوقفة احتجاجية ضد وصفوه بـ«التعتيم والرقابة».
ورفضت 13 نقابة جزائرية مستقلة دعم مساعي رئيس الوزراء لتشكيل حكومة التكنوقراط. وقال بوعلام عمورة أحد رؤساء نقابات قطاع التعليم، إن النقابات لن تجري مناقشات مع هذا النظام، لأنها تنتمي للشعب والشعب قال «لا» للنظام. وفي خطوة لافتة، دعا أويحي والذي يتزعم حزب التجمع الوطني الديمقراطي إلى الاستجابة لمطالب المتظاهرين في أقرب وقت لتجنيب الجزائر الانزلاق.
جولة خارجية
وتأتي هذه التطورات، في وقت أعلن مسؤول بالخارجية الجزائرية أنه من المتوقع أن يزور رمطان لعمامرة المعين حديثاً في منصب نائب رئيس الوزراء، عدداً من الدول بينها روسيا والصين وبعض دول الاتحاد الأوروبي لتوضيح الأزمة في الجزائر من دون أن يقدم مزيداً من التفاصيل.
الإبراهيمي يحذّر
من جهته، دعا الدبلوماسي السابق الأخضر الإبراهيمي إلى «الإسراع بإطلاق حوار»، محذراً من سيناريو مشابه للعراق، حيث أدى إلغاء هياكل الدولة إلى تفكّكها.
وقال الإبراهيمي للإذاعة العامة باللغة الفرنسية: «نحتاج إلى حوار منظم. لذا، يجب أن نبدأ في أقرب وقت». واعترف وزير الخارجية والمبعوث الأممي سابقاً أن هناك «انسداداً»، مبدياً أمله أن لا يتحول إلى «طريق مسدود».
وأوضح أن «التغيير لا يأتي بمفرده. يجب الآن على الأشخاص أن يجلسوا مع بعضهم بهدف إعداد برنامج لمباشرة التغيير من أجل قيام الجمهورية الثانية».
وأشار الإبراهيمي إلى أنه «في العراق رحل الجميع، فانظروا ماذا حدث». ونفى أن يكون بصدد «تخويف» المحتجين، موضحاً: «يجب الانتباه إلى المخاطر الموجودة، فالحديث عن سوريا أو العراق لا يعني القول للشعب لا تتحرك، ولكن نقول لهم تقدموا بأعين مفتوحة».
واعتبر أنه «لا يوجد مخرج للأزمة» بعد، فما يجري في الشارع «يثير الحماسة والتشجيع»، إلا أنه من جهة أخرى «لا يمكن أن يستمر بهذا الشكل طويلاً».