تتعرض الممرات الملاحية في المنطقة، من مضيق هرمز مروراً ببحر العرب وباب المندب والبحر الأحمر، وانتهاءً بقناة السويس، إلى تهديدات إرهابية متعددة، قد تبدو للوهلة الأولى أنها عناصر متباينة. فالميليشيات الإيرانية في اليمن تتولى العمليات الإرهابية ضد الملاحة في البحر الأحمر، وتحاول إلى اليوم التمدد إلى منطقة باب المندب بعد تحريرها من قبل التحالف العربي لدعم الشرعية.

وسابقاً شكّل تنظيم القاعدة الإرهابي تهديداً ملاحياً بعد سيطرته على منطقة واسعة من ساحل حضرموت وشبوة، وقد تم إنهاء هذا التهديد بتحرير الساحل اليمني الجنوبي من التنظيمات الإرهابية.

أما في مضيق هرمز فإن إيران تتولى بشكل مباشر التهديدات بإغلاق الممر الملاحي الاستراتيجي، بعد أن فشلت في التحكم بالممر الملاحي الأوسع، من هرمز حتى البحر الأحمر. وهذا يضع العالم أمام حقيقة أن التنظيمات الإرهابية، في اليمن وحتى سيناء، تتكامل مع المخطط الإيراني الأوسع، في وضع العالم تحت تهديد تعطيل التجارة في المنطقة.

أدوات التخريب

مع بداية عمليات تحرير الساحل الغربي لليمن، أفصح أحد قادة ميليشيا الحوثي الإيرانية أنهم يملكون ترسانة أسلحة متطورة مضادة للسفن لم تكن بحوزة الجيش اليمني عند انقلاب هذه الميليشيا على الشرعية، وأعقب ذلك عدة هجمات نفذتها الميليشيا من موقع تواجدها في ميناء الحديدة لاستهداف الملاحة في جنوب البحر الأحمر بواسطة زوارق مفخخة تسير عن بُعد ومئات الألغام البحرية، وهددت إحدى هذه الهجمات بارجة أمريكية ردّت بقوة على مواقع الميليشيا ودمرت عدداً من الرادارات البحرية.

ورغم إطلاق عملية لتحوير ميناء الحديدة وإنهاء وجود ميليشيا إيران فيه، واستخدامه لتهريب الأسلحة الإيرانية وتهديد حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر، فإن الضغوط الدولية دفعت باتجاه وقف المعركة على بعد 4 كيلومترات من الميناء أملاً بأن تلتزم الميليشيا بمقترح الانسحاب من الميناء والموانئ المجاورة ووضعها تحت إشراف الأمم المتحدة.

وفِي ظل مماطلة الميليشيا في تنفيذ الاتفاق الذي أبرم في العاصمة السويدية، فإن أدوات المشروع التخريبي الإيراني اتجهت نحو استهداف المنشآت النفطية في المملكة العربية السعودية مستخدمة طائرات إيرانية بدون طيار لم يسبق لليمن أن امتلكها، لتوسع من تهديدها للتجارة الدولية، ولتضغ ضغوطاً على سوق النفط.

إرهاب مترابط

يقول وكيل وزارة حقوق الإنسان اليمنية، ماجد فضائل، لـ«البيان» إن إيران تتمادى في إرهابها باستخدام وكلائها استهداف ناقلات النفط استمرار التهديد للملاحة الدولية، وهي تأتي مباشرة بعد العملية الإرهابية التي قامت بها ميليشيا الحوثي في استهداف مطار أبها الدولي.

وأضاف أن الاعتداء استمرار لسلسلة من الاعتداءات والانتهاكات الصارخة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان التي ترتكبها الميليشيا الحوثية المدعومة إيرانياً بحق المدنيين سوى بالداخل اليمني أو بدول الجوار. وأضاف أن على المجتمع الدولي ردع التدخلات الإيرانية وميليشياتها في المنطقة.

ابتزاز للعالم

من جهته، يؤكد الناطق باسم حزب العدالة والبناء، بليغ المخلافي، لـ«البيان» أن القراءة العابرة لتصعيد الميليشيا واستهدافها المنشآت النفطية في السعودية والاعتداءات على ناقلات النفط في خليج عمان، يكشف بجلاء كيف تستخدم طهران أدواتها في المنطقة لابتزاز العالم.

وقال إنه كلما زادت قسوة العقوبات على النظام الإيراني أوعز إلى أدواته في المنطقة لاستهداف الملاحة الدولية وبالذات ناقلات النفط حتى ترتفع أسعاره في العالم، وتخفف من العقوبات المفروضة على تجارتها النفطية.

وإذا كانت هذه الأحداث مرتبطة بتشديد العقوبات الأمريكية على نظام طهران فإن تصريحات قادته لا تترك مجالاً للشك في مسعاه لتهديد تجارة النفط في الخليج العربي حين صرح هؤلاء بأنه في حال منعهم من بيع النفط فإنهم سيمنعون تجارته من منطقة الخليج.

كما أن تصعيد ميليشيا الحوثي من استهدافها للمنشآت النفطية واستمرار بقائهم في الحديدة وميناء اللحية ما يزال يشكل أكبر تهديد لتجارة النفط والملاحة في مضيق باب المندب الذي تمر من خلاله 20% من تجارة النفط. وبين فترة أخرى تنشط تنظيمات إرهابية في اليمن في محاولات يائسة منها للعودة إلى الساحل الجنوبي لليمن.