ذهب المبعوث الدولي الخاص باليمن، مارتن غريفيث، في إجازة طويلة مع اعتراض الحكومة الشرعية على تجاوزاته، ولا يظهر في الأفق، ما يشير إلى أنه سيظهر قبل تمديد مهمة بعثة المراقبين الدوليين في الحديدة نهاية الشهر الجاري، وسط تعقيدات وتلاعب من المليشيا، يجعلان من مهمة الأمم المتحدة صعبة ومعقدة. فبعد مرور ستة أشهر على تفويض مجلس الأمن الدولي بتشكيل فريق مراقبة دولي لمتابعة تنفيذ اتفاق استوكهولم، بشأن انسحاب الميليشيا من موانئ ومدينة الحديدة، ترفض ميليشيا إيران حتى اليوم منح أكثر من نصف المراقبين الدوليين تأشيرات دخول مناطق سيطرتها، مع أن المدة الزمنية لتنفيذ الاتفاق حددت بنحو 20 يوماً فقط، ومع التزام الأمم المتحدة بتصحيح التجاوزات التي ارتكبها مبعوثها الخاص باليمن، فإن المؤشرات تبين أننا أمام مرحلة جديدة من المراوغات قد تنتهي معها الفترة الثانية من تفويض بعثة المراقبين الدوليين، دون أن تستكمل الميليشيا تنفيذ الاتفاق.
الرسائل المتبادلة بين قيادة الشرعية في اليمن وأمين عام الأمم المتحدة، تظهر تفهماً أممياً للتجاوزات التي ارتكبها غريفيث، والتزاماً بتصحيح تلك التجاوزات، ابتداء بالقبول بمبدأ ما اسمي الانسحاب الأحادي، ومروراً برفض وجود رقابة مشتركة على عملية خروج ميليشيا الحوثي من موانئ الحديدة الثلاثة، وصولاً إلى تسليم خرائط الألغام ونزعها وتدميرها، ولذلك، فإن الرهان على قدرة المبعوث الدولي على تصحيح تلك التجاوزات بدون وجود ضغط حقيقي من المجتمع الدولي على النظام الإيراني، الذي يمتلك قرار الميليشيا، يعد ضرباً من الخيال، ويفتح الباب أمام مرحلة أخرى من المراوغات.
وإذا ما أخذ في الاعتبار، الدور الذي أوكل لميليشيا الحوثي، في إطار المخطط الإيراني لضرب المنطقة، فإن تصاعد الغضب الدولي من الأعمال التخريبية لإيران في المنطقة، وتصعيد ميليشيا الحوثي من هجماتها التي تستهدف المنشآت النفطية والمدنية، تبرز مدى التحديات التي تواجه الأمم المتحدة وبعثتها في اليمن، خاصة أن الميليشيا استخدمت المراوغة في تنفيذ اتفاق استوكولهم، لإعادة ترتيب أوضاعها الميدانية، وحشد المزيد من المقاتلين.
تعزيزات
ووفق ما أكدته وحدات استطلاع المقاومة المشتركة، فإنها رصدت تحركات مسلحة مكثفة للميليشيا الحوثية داخل مدينة الحديدة، وفي بقية الجبهات في الساحل الغربي، ضمن ترتيباتها المتسارعة لنقض اتفاق السويد. حيث دفعت بتعزيزات، أفراد وأسلحة مختلفة، إلى داخل مدينة الحديدة، عبر منفذ خط الشام، كما استحدثت خنادق ومتاريس بالقرب من خطوط التماس في شارعي صنعاء والخمسين، ومحيط مدينة الصالح وخط التسعين، ووزع الإعلام العسكري مقاطع مصورة لتلك الاستحداثات.
تعزيزات مماثلة وصلت لبقايا جيوب الميليشيا الحوثية في مزارع الحسينية بمديرية بيت الفقيه، ضمن استعدادات مرصودة لشن هجمات صوب منطقة الجاح الاستراتيجية. بعد أن تصدت القوات المشتركة لمحاولات تسلل للميليشيا الحوثية صوب مناطق الجبلية والفازة جنوب غرب مديرية التحيتا، وكبدوها خسائر فادحة في العدد والعتاد.
هذه المحاولات، بقدر ما تكشف عن نوايا الميليشيا اليائسة لقطع خطوط الإمداد من الخط الساحلي للقوات الموجودة في مدينة الحديدة، كما تفضح نواياها واستعداداتها داخل مدينة الحديدة، ضمن ترتيبات متسارعة للانقضاض على اتفاق السويد.